سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
"التونسية" لماذا؟
تونس / الصواب/ 25/06/2013
الخبطة الصحفية التي حققتها قناة "التونسية" هي من تلك الخبطات التي تتمنى كل مؤسسة صحفية أن تنجزها، فترفع من رصيدها لدى مريديها من قراء أو مستمعين أو مشاهدين.
ليس هذا هو صميم الموضوع، وصميم الموضوع يجده الزائر في مكان آخر على مدونة "الصواب" هذه الواقع تحيينها اليوم، وعبر باب " بكل هدوء" الذي لن يكون هادئا تمام الهدوء هذه المرة.
أولا: لماذا اختار الفريق رشيد عمار "التونسية" ليخصها، بعصارة لما يريد أن يقوله على مدى ثلاث ساعات أو تزيد؟
لا أحد دخل إلى عقل قائد الأركان العامة ليجيب عن السؤال بيقين.
ولكن أسبابا موضوعية تدفع للاعتقاد بأن الفريق رشيد عمار ـ وهو يقرر أن يتحدث، عشية تقاعده سواء الذي أتم التحضير له، أو الذي دفع إليه دفعاـ قد اختار هذه القناة ليبلغ صوته إلى العدد الأقصى من المواطنين وربما غير المواطنين، وكما يتجه اختيار المعلنين، فإن رجل السياسة إنما يبحث عن الانتشار الأوسع، وهو بحكم موقعه يعرف أين يجد ذلك الانتشار، وحيث يبلغ كلمته إلى الأقصى من الناس. وفي فرنسا نجد أن رجال السياسة يتجهون بخطابهم غالبا عندما يكون مهما ولتبليغ رسالة معينة إلى القناة الأولى الخاصة، لا القناة الحكومية الثانية.
و من هنا فالمعتقد عموما أن الرجل اختار الوسيلة الإعلامية التي يستطيع منها أن ينفذ إلى الجمع الأكبر من المشاهدين في أفضل ساعات المشاهدة.
ثانيا : أن الفريق رشيد عمار وقد بلغ أعلى المراتب العسكرية، بما عرف عن الضباط السامين من تحصيل معرفة عالية، في فروع العلم المختلفة نظرية وتطبيقية، ما يؤهلهم مع عناصر أخرى للقيادة، ومن ذلك الثقافة الواسعة، والموسوعية، والسيطرة على النفس وضبطها، والانضباط الكامل، والنظرة الاستراتيجية، والمسك بالوسائل التكتيكية.
إن الفريق عمار اختار مكان ووقت "معركته" ولم يترك شيئا للصدفة، المكان القناة الأكثر اتساع مشاهدة، والوقت، الزمن الأفضل حيث يجتمع الناس كل مساء اثنين وخميس حول "الساعة التاسعة" في قناة "التونسية".
ثالثا : أن قائد الجيش ميدانيا، وقد قرر قراره وسنرى أو نحاول أن نرى أسبابه ومسبباته، ودوافعه المعلنة والخفية، وهو بذلك يوفر لنفسه أسباب النجاح في "معركته" والانتصار فيها.
وكقائد ملم بكل ظروف "المعركة" والتحديات التي ترافقها، فقد كانت اختياراته موفقة، ولعله وخلال السنوات القليلة الماضية، لم يجمع من الجمهور برنامج مثلما جمع، سواء ليلة البث المباشر، أو الإعادة أو على اليوتوب أو مايفوتك شيء.
ولا بد أن يكون سامي الفهري القابع في سجنه، بدون وجه، في غاية الغبطة بم تحققه القناة التي أنشأها، ونالت كل هذا الإقبال الجماهيري.
لنقل أخيرا، إنه وإن كان اعتقادنا جازما، بأن الفريق رشيد عمار، هو المبادر بتنظيم هذا اللقاء، الذي أداره "بضربة معلم" كل من المعز بن غربية والصحفي المتميز صلاح الجورشي، فإنه لولا نجاح قناة "التونسية" وتألقها، لما كان اختياره عليها، بوصفها ومن بعيد أولى القنوات التونسية حسب استطلاعات "الأوديمات"، "ليكتب" الجزء الأول من مذكراته المثيرة للاهتمام، وليشد اهتمام الناس إلى أسرار كثيرة.
ولكن لنقل أيضا أن للحكومة وللعدالة يد في هذا النجاح لهذه القناة، وهو النجاح الذي يعود ولا شك لتميزها، وحرفيتها ومهنيتها وذلك هو السبب الرئيسي، ولكن كذلك لاعتبار جانب كبير من الجمهور أنها ومؤسسها ضحية مظلمة، تتمثل في مرور 300 يوم على حبس ذلك المؤسس رغم قرارين تعقيبيين بإطلاق سراحه،بقيا في تحد كامل في غير حالة تنفيذ، والناس يحبون الضحايا ويتعاطفون معهم، كما تعاطفوا طويلا مع الإسلاميين لما نالهم من ضيم وظلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق