نحو الهاوية؟
تونس/الصواب/ 06/06/2013
ما حصل يوم الخميس الماضي في ضواحي القصرين، وليس في حرم جبل الشعانبي، ليس
مؤلما فقط، بل مخيفا.
والسؤال المطروح اليوم بإلحاح إلى متى ستدفع بلادنا الآمنة، ضريبة الإرهاب،
وكم ينبغي لنا أن نقدم على مذبحه من أرواح ومن جرحى، ومن مضلل بهم حتى نقضي على
هذه الآفة التي حلت بنا، وكنا بلدا آمنا يعيش أهله في رغد، على الأقل من ناحية
استقراره.؟
أقول أولا وألح، على أن طبقتنا السياسية بعد الثورة، وخاصة حكام هذه البلاد
منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011،يتحملون مسؤولية تاريخية، حيث لم يضربوا من البداية
هذه الظاهرة الإرهابية التي تعاظمت، وبرز منها جانب وبدون مواجهة لا يعترف لا
بالدولة ولا برموزها مثل العلم والنشيد الوطني وغيرها.
بل لقد عوملت هذه الظواهر الغريبة عن أي دولة وطنية قائمة، بتساهل كبير،
ولعلي أقول بكثير من التسيب وعدم قراءة الأخطار أو التوقي منها.
فالجلسة السرية مع الأستاذ راشد الغنوشي وما قيل فيها، واستقبال الدكتور
منصف المرزوقي لمجموعة منهم، وقلة حزم الحكومة من حمادي الجبالي إلى علي العريض، كلها قادت
بطبيعة الأشياء إلى ما نحن فيه اليوم من وقوف على شفير هاوية عميقة القرار، وبعد "لطفي نقض" في تطاوين و"شكري بلعيد"
في حي مأهول من أحياء العاصمة، وبعد أحداث عديدة منها غزوة السفارة الأمريكية، وما
قوبلت به من تسيب، وما جاء بعدها من تطورات منفلتة، كل ذلك لم يكن سوى مقدمات لما
نرى، وللدماء الطاهرة السائلة والأرواح المزهوقة من خيرة شبابنا من ضباط وأمنيين.
والقول بأنهم"يذكروننا بشبابنا" أو "إنهم يبشرون بثقافة
جديدة"، لم يكن سوى مقدمات لما تشهده البلاد اليوم من تضحية بخيرة الشباب من
أمنيين ومن عسكريين أبطال، وخيرة ما في الطبقة السياسية، ممن أصبحوا شهداء تفتخر
به أحزابهم وتراكم بواسطتهم الأنصار والناخبين.
كل هذا عدا الإشادة بإرهابيين عالميين، والترحم عليهم حتى على شاشاتنا
وموجات إذاعاتنا وصحفنا، كما الإشادة بالذين هاجموا معاقل أمننا، واعتبارهم
مجاهدين، كما ترك الحبل على الغارب للذين
يحملون شبابنا كرها لحرب لا دخل لهم فيها، أو حرائر بناتنا "لجهاد النكاح" فيتحولن إلى ما يشبه
البغاء، كل ساعة بين أيدي أغراب، فيما إن الدين الإسلامي ينص صراحة وبدون مواربة،
على أن المرأة مطلقة أو أرملة، عليها أن تقضي عدتها التي تستمر لأكثر من أربعة
أشهر.
هذا التسيب أدى إلى هذه النتائج،
هذا التسيب أدى إلى مقتل نقض، وإلى وفاة بالعيد وإلى سقوط جنود وأمنيين قتلى
وجرحى.
هذه المسببات جاءت بهذه النتائج، فهل من مستيقظ يذود عن البلاد هذا الخطر،
ويمنع أن تصبح وسائل إعلامنا أبواب دعاية
مجانية لبن لادن ويستحل القتل، هل رأيتم اليوم في العالم من يشيد بهتلر أو
موسوليني أو حتى ستالين أو بول بوت بكل
أريحية وبدون عقاب؟
هذا من جهة، ومن جهة أخرى وقد استفحل الأمر، والكل يعرف ما هي إمكانيات
البلاد، فلا هي الجزائر ثراء ولا ليبيا رخاء ولو ماديا،فإن تونس أصبحت اليوم طليعة
متقدمة من طلائع مقاومة الإرهاب، وهي بذلك تستحق دعما ماديا، ودعما لوجيستيا،
ودعما مخابراتيا ودعما من الخبرات، لتستطيع أن تواجه هذا السرطان، وهي بذلك، تذب
الشر عن المنطقة، وعن البشرية لا عن نفسها فقط.
ولذلك فلا حياء في أن تنال من الكبار ومن الجيران، الأدوات التي تمكنها من
الذود عن حياضها وحياض العالم، الذي يرفض الإرهاب، ويسعى لأن يحل مقومات الحضارة
الإنسانية ومكوناتها مكان الظلام والتقتيل الأعمى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق