عروبيات
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
عودة القومية العربية بقوة لمصر
تونس/28/09/2011
يصادف يوم 28 أيلول سبتمبر 2011
الذكرى الثالثة والأربعين لوفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كما يصادف يوما
بيوم الذكرى الثانية والخمسين لانفصام الوحدة المصرية السورية، ويصادف كذلك وفاة
عبد الحميد السراج، الضابط السوري الشريف
وقائد الجيش الأول في الجمهورية العربية المتحدة،الذي حاول الملك سعود بن
عبد العزيز ملك السعودية إرشاءه ، للقيام بتنفيذ انقلاب ضد الوحدة، فصرف له ـ ويا
للسذاجة ـ صكا ( نعم صكا بنكيا ) بمليون دولار، فما كان منه
إلا أن سلم الرشوة الوضيعة إلى الرئيس عبد الناصر، ضاربا عرض الحائط بقيمتها الضخمة
آنذاك، وفاضحا الملك السعودي، الذي ما لبث أشقاؤه أن أنزلوه عن العرش اتقاء
للفضيحة.
في ذلك اليوم انتقل رئيس الجمهورية
المصري المؤقت وحسنين هيكل الذي حاول حكم الرئيس المعزول وجماعته إحراق مكتبته
الضخمة في ضواحي القاهرة، والفريق السيسي
إلى ضريح الرئيس المصري الراحل، ليقرأ
ثلاثتهم فاتحة الكتاب على روحه. وليعودوا إلى تقليد تولاه الرئيس الراحل السادات
مرة واحدة، بعد سنة على وفاة ناصر، ليقلع عنه بعد ذلك ، ويقلع عن السياسة القومية
العربية التي اتبعها سلفه.
في نفس اليوم استقبل وزير الدفاع
المصري وهو أيضا رئيس الأركان العامة والقائد العام للقوات المسلحة، كل عائلة عبد
الناصر بمن فيهم أبناؤه وبناته ، وأزواج أبنائه وبناته، وأحفاده وأزواجهم وزوجاتهم
وصغارهم، ليحتفي بهم ، وليعقد عهدا جديدا ، مع ماض مصري، هو بإيجابياته وسلبياته،
قطعة من تاريخ هذا البلد العظيم ، لا يمكن التنكر له، أو حذفه من ذاكرة الشعب
المصري.
يومها نشرت عدة صحف مصرية صورة للفريق
السيسي، وهو طفل صغير ، يصافح الرئيس المصري، عبد الناصر، وهو يحنو عليه.
سؤال لا بد أن يطرح نفسه في هذه
الظروف، هل إن مصر تتجه نحو العودة إلى مواقفها القومية العربية، كما كان عهد عبد
الناصر، وما هي تبعات ذلك على الوضع المصري، بعد أن استقر الأمر أو كاد للحكم
الجديد، كما ما هي تبعات ذلك على الوضع إقليميا ودوليا، وهل سيكون له تأثير في
المنطقة العربية، ولدى المتعاملين مع مصر، أمريكيا وأوروبيا بالخصوص.
إن عهد عبد الناصر ، شابته الكثير من
الهنات الكبيرة، ولقد كان عبد الناصر أكثر شعبية بكثير في العالم العربي ، مما كان
عليه الحال في مصر.
غير أن السنوات الموالية أبرزت أمرا
في غاية الأهمية، وهو أن الناس ـ وهذا ما لحظته خلال زياراتي المتعددة ـ كانوا
يحنون إلى عهد عبد الناصر، بعد أن ابتعدت عنهم آثاره السلبية، و ترسخت في أذهانهم
إيجابياته.
هذا ما يلاحظ اليوم بشدة في تونس، فقد
عاد لبورقيبة بريقه، وبات أكثر شعبية مما كان الأمر في حياته، ولكن الإخوان
المسلمين سواء في مصر، أو في تونس ، تنكروا لذلك الميراث، الذي تركه الرجلان وناصبوه العداء، وبقدر عدائهم،
بقدر الشعبية التي ينالها أمثال أولئك الزعماء الذين تركوا بصماتهم على واقع
شعوبهم.
ولن يمر التاريخ حتى بعد مئات السنين دون أن
يذكر مآثرهم، ويتناسى هناتهم لأنها كانت أصغر من قاماتهم العالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق