Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

السبت، 26 أكتوبر 2013

اقتصاديات: مستقبل ضبابي بضبابية الوضع السياسي

اقتصاديات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
عشية قيام حكومة جديدة (؟)
وضع اقتصادي في قمة الصعوبة
تونس/ الصواب/ 26/10/2013
عشية قيام حكومة جديدة، إذا حصل وقامت، ولم تؤد المناورات والتجاذبات إلى تعطيل مسار، يبقى هشا كبير الهشاشة،بسبب خارطة طريق رغم وضوحها الظاهر، فإنها تحتوي فخاخا كثيرة، وتجعل القرار النهائي دوما في يد النهضة، وفقا لما يمكن للمرء أن يستنتجه، مما قال رئيس الحكومة السابق أمين عام النهضة حمادي الجبالي، مبرزا العراقيل التي يمكن أن ترفع في وجه الحل المتفق عليه.
 إذن عشية قيام حكومة جديدة فإن للمرء أن يقف عند أمرين اثنين:
** أن قيام الحكومة الجديدة واستقالة الحكومة الحالية نهائيا، مرتبط في ذهن النهضة بأشياء كثيرة، هي بيدها، لا بيد الطرف المقابل، ويمكنها أن تعطلها أو تتعطل من ذاتها، لكثافة المطلوب وقلة الوقت للإنجاز.
** أن إيجاد رئيس حكومة في الظرف الراهن ليس عملية سهلة، فمن هو الشخص الذي يقبل الدخول على وضع صعب جدا، وحتى من يطمع في الحكم في كل زمن ، لا يمكن أن يكون إلا متهورا إذا قبل به في هذه الفترة، وذلك باعتبار ما سيلاقيه من صعوبات كبيرة نتيجة التركة الثقيلة التي تركها حكم النهضة خلال السنتين المنقضيتين.
وهناك من بين الأسماء الوارد ذكرها ترشيحا لرئاسة الحكومة، من طرحت عليها شخصيا سؤالا بشأن ما إذا كانت تقبل بهذه المسؤولية، أجابتني بأنها لن تقبل، على اعتبار طبيعة الوضع، واستحالة القيام بأي عمل إنقاذي في فترة 6 أشهر لموعد الانتخابات ، حتى ولو طالت لسنة، اعتبارا لكارثية الوضع على كل الأصعدة.
فالدينار التونسي انزلق لحدود قصوى، 1950 مليما إزاء اليورو فاق انخفاضه لحد 2250 مليما لليورو الواحد، والتضخم وغلاء الأسعار استقر من عام لآخر عند 6  أو 6.5 في المائة حسب الأرقام الرسمية ، ( الواقع ما بين 13 و14 في المائة وفقا  لتقديرات الخبراء، بعد أن كان لا يفوق ما بين 3و3.5 في المائة سنة 2010 في أسوأ الأحوال، أما العجز في الموازنة العامة للدولة، فقد بلغ العام الحالي 7.4 في المائة حسب الأرقام الرسمية، و قد فاق 10 في المائة واقعا، وكان في حدود 4 في المائة في العام 2011.
وبينما كان عدد العاطلين 600 ألفا  عام 2011، شارف الـ 800 ألف حاليا والبعض يقول أكثر من ذلك بكثير، وفي نفس الوقت مر عدد الموظفين في عامين أو ثلاثة من 580 ألفا إلى 700 ألفا ، ومع زيادات غير رشيدة في الأجور، اكتسح ضغط فظيع على إنفاق الدولة والموازنات العامة المالية العمومية ، أما المديونية فقد ارتفعت نسبتها قياسا إلى الناتج من 40 في المائة عام 2011 إلى 47 في المائة عام 2013، ومما يزيد الوضع صعوبة، أن هذه القروض الجيدة، لم تذهب للتنمية أو لخلق مواطن شغل، بل لدفع أجور، أو لتغطية نفقات دعم منفلتة  أو لسداد ديون حل اجلها ولا يوجد موجود لخلاصها ، ما يزيد في انخرام موازنات الدولة ، التي لم تعد تدخل تحت ضابط، والتي خلقت أوضاع غير قابلة للسيطرة تدعو بصورة متعاظمة لمزيد من الانخرام .
وبينما كان حجم الموجودات في خزينة الدولة يفوق 4 مليار دينار قبل عامين، أصبح يقارب الصفر، كما ذابت مداخيل بيع قسط من اتصالات تونس التي كانت بحجم 2.5 مليار دينار تبخرت هي الأخرى.
وبالتالي فإن الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي المسموع الكلمة معز الجودي، الذي يقدم هذه الأرقام ، يستنتج استنتاجات غير متفائلة، بينما يلاحظ صندوق النقد الدولي أن نسبة النمو المسجلة في النصف الأول لهذا العام ، كانت أقل من المتوقع ولم تصل بالكاد إلى 3 في المائة ، وهي نسبة ضعيفة جدا، غير قادرة، على توفير قاعدة للاستثمار، ولا توفير فرص عمل حتى بالقدر الأدنى من الكافي، أضف إلى أن مجموع أجور الموظفين تعتبر قيمة مضافة، وتحتب في نسبة النمو  و تدخل في الحسابات القومية  بتلك الصفة ، كنسبة نمو بينما يجدر اعتبارها  في جانب كبير منها إنفاقا استهلاكيا، لا إنفاقا تنمويا.
ويبدو بلاغ صندوق النقد الدولي الذي بات كالحارس اليقظ المباشر لوضعنا الاقتصادي، بكل ما يعني ذلك من تدخل في مجالات السيادة الوطنية،  والمؤرخ في 26 سبتمبر 2013، متشائما وهو ما سنراه يتأكد في ما قاله قادة الصندوق للوفد المالي التونسي، بقيادة الثلاثي الفخفاخ- العياري – السعيدي  هذه الأيام في واشنطن.
بحيث أصبح الموقف التونسي يتصيد الأحداث، ليقدم وزير المالية على القول إن انعقاد جلسات الحوار الوطني، ستعطي ثقة جديدة لمفاوضينا، فيما إن الانعقاد لا يعني شيئا بل النتائج العملية والإيجابية وحدها، وهذه لا مؤكدة، ولا متوقعة في المستقبل المنظور، لا هي ولا حكومة جديدة، تناور النهضة لتأخير قيامها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق