Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الخميس، 3 أكتوبر 2013

الموقف السياسي - تونس لا تستحق هذا يا سيادة الرئيس

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
تونس دولة مستقلة ذات سيادة على ما أعلم
تونس/الصواب/ 02/10/2013
منذ سنوات طويلة لم أعتبر يوما أحمد منصور العامل في قناة الجزيرة صحفيا، بل كان في نظري دائما عبارة عن مناضل سياسي يركب العمل الصحفي، ويستعمله بعيدا عن كل ما يمكن أن يقترب من بعيد أو قريب للمعايير المتعارفة للعمل الصحفي عالميا.
هذا شأنه، فقد اختار أن يكون مناضلا مدافعا عن وجهة نظر معينة، فلا يلتزم لا بالحياد ولا بالموضوعية، وقد عرف عنه ما يعمد إليه من مهاجمة تونس ورجالاتها، ولا أجرؤ هنا على تكرار ما قاله مرة من المرات، مما اضطر قناته التي فقدت بريقها في تونس وغير تونس، بعد لمعان كبير أن تفرض عليه اعتذارا مهينا.
ما آلمني كثيرا لا أن يتدخل احمد منصور في الشأن التونسي بالهمز واللمز، فتونس لا تحتاج وعلى مر العصور لمن يدافع عنها  وهي من هي عبر التاريخ تلك الهامة العالية بين الدول، يكفي أنها صدرت الدولة الفاطمية إلى مصر، وأنها أنشأت القاهرة، وأنها هي التي بنت وعمرت جامعة الأزهر من غير.
ولكني وجدت رئيس الجمهورية المؤقت ،  الذي تعود على ردود الفعل العنيفة في كثير من الأحيان، يركن للمهادنة أمام أحمد منصور، هذا الإخواني المعروف.
فهل من الصحافة في شيء، أن يستعدي صحفي على أي شخص، ويطالب بسجنه، ويصف الحكم التونسي المنبثق من الثورة التي أطلقت شرارة الربيع العربي بالعجز، عن وضع كمال الطيف بين 4 جدران.
لست في وارد الدفاع عن كمال الطيف، ولا أعرفه ولعلي التقيت به مرة واحدة في حياتي، ولا أحب مبدئيا المستشارين من وراء ستار، الذين لا يسفرون عن وجوههم ويتحملون مسؤوليتهم كاملة، ولا أدافع عنه، ولا يهمني مصيره، ولكن أن يأتي شخص أجنبي، سبق له النيل من تونس ورجالاتها سواء أحببناهم  ، أو كرهناهم ، أيدناهم أو اختلفنا معهم وحتى عاديناهم ، ليسال رئيس الدولة وضع مواطن تونسي في السجن، فذلك فوق طاقة الاحتمال.
لا لأن كمال الطيف يستحق السجن أو لا يستحق، ولكن لسببين اثنين:
1/ أن الصحفي الحقيقي المتشبع بالمهنة وقواعدها وأخلاقياتها، لا يمكن أن يدعو إلى سجن أحد، أو الحد من الحرية.
 2/ أن الشأن التونسي يبقى شأنا تونسيا، وليس من حق أجنبي ، ولو كان من بلد شقيق، أن يتدخل في  ذلك الشأن ، ويتوجه إلى رئيس تونسي بمثل تلك العبارات، واسألوا إن كنتم لا تعلمون، إن كان صحفي أي صحفي تحت أي سماء ، قد طلب مرة وضع شخص في السجن، واتهم دولة بالعجز عن ذلك.
لست في وارد تعليم القواعد التي تقوم عليها الديمقراطية، ولكني أعرف منذ هوبس ولوك ومونتسكيو وفولتير ومونتاني  وغيرهم، أن الدولة الحديثة تقوم على الفصل بين السلطات، وليس مطلوبا من رئيس الجمهورية أو السلطة التنفيذية، أن تتدخل في الشأن القضائي، ولكن لعل ذلك لم يدخل في دماغ احمد منصور.
همسة واحدة في أذن الرئيس المرزوقي، الذي يبقى رغم كل شيء  رئيس كل التونسيين، إنه لم يكن في مستوى الحزم في الجواب على احمد منصور هذا، ولا يكفي أن يقول إن السلطة التنفيذية لا تتدخل في السلطة القضائية، ولكن كان مفترضا أن ينهر من تعدى على تونس ، وعلى هيبته ومهابته الشخصية هو ذاته.
ليسأل سيادة الرئيس نفسه، لو كان بورقيبة في موقعه ليلة أمس أمام احمد منصور، كيف كان يكون رد فعله، ألم يكن ليضع  ذلك المذيع( ولا أقول الصحفي قصدا) في المكان الذي يستحقه؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق