ثقافيات
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
كلا يا سيادة
الوزير ..كلا
تونس/ الصواب
/ 11/10/2013
نصر الدين
السهيلي أكيد لا يعرفني، وقد لا يكون سمع باسمي، وأنا لا أعرفه شخصيا، ولكني
تفاعلت معه في محنته التي شعرت بها محنتي الخاصة.
أعرف أن
الحكم عليه لم يكن بالسجن النافذ، لكنه قضى ما يكفي من الوقت وراء القضبان، وهو ما
لا أقبله في حق فنان، ولا صحفي ، ولا مفكر ولا مبدع.
وإني لأذكر
مع قشعريرة تسري في بدني، ذلك اليوم من شهر
أيار مايو 1993، أمام القاضي محمد الصالح بن عياد، وأنا أواجه تهمة
"نشر أخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام"، عقوبتها السجن،
بسبب تحليل نشرته في ذلك اليوم لم يكن فيه أي عنصر إخباري.
اقتربت من
أبواب السجن، قبل أن أحال في حالة سراح، وعرفت ما معنى أن يكون المرء مهددا في
حريته، وفي وضعه الطبيعي باقيا في بيته ومع أطفاله، من أجل ما يمكن أن يسمى جريمة
رأي، ومنذ ذلك الوقت وأنا أستغرب أن يضع قاض صحفيا أو مبدعا وراء القضبان.
وكنت أقول
بيني وبين نفسي: كيف يستطيع أن ينام هانئا؟
وأنا أستغرب
أن يدفع سياسي بأي شخص إلى ما وراء القضبان بعد أن جرب أو لعله لم يجرب أن ينام في
السجن، كما حصل مع سامي الفهري، الذي أمر التعقيب بإطلاق سراحه مرتين أو ثلاثا،
ولكنه ابقي في السجن أكثر من عام.
ولذلك تعاطفت
مع السهيلي، كما تعاطفت مع غيره من المبدعين والمفكرين والصحفيين الذين تداولوا على الزنازين ، ويا
للغرابة بعد الثورة، تعاطفت مع مصطفى الخماري، مع شلبي، مع الهادي بن نصر مع غيرهم
ممن أطلق سراحهم بعد أسابيع أو اشهر قضوها في في
السجن. وكذلك زياد الهاني الذي قضى ثلاث ليال، قد تبدو للبعض قصيرة ، ولكن ليلة
واحدة كثيرة .. كثيرة كثيرة.
والسهيلي
بالذات أدرك شخصيا أن البيضة التي أطلقها
لم تكن في محلها. و لكن كان ينبغي أن يكون صدر الوزير أكبر من أن يدفعه للسجن
بسببها.
ولكني أيضا
ما كنت أتوقع من المهدي مبروك هذا الجامعي الباحث المبدع، أن يكون وراء مبدع مثله
وإن ليس من اختصاصه وراء القضبان.
لذلك قلت ،
وأقول وأنا أزعم أني أعرف الدكتور المهدي مبروك، وقد استكتبته في مجلة
"المغرب الموحد" فكان ذلك الكاتب المبدع، المتمتع بدماثة أخلاق عالية، أقول وأكرر كلا يا سيادة الوزير كلا. وألف كلا.
هذه ثاني
سقطة فظيعة، بعد تبرير ما جرى في المرسى، ولعل هناك غيرها وغير حادثة السهيلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق