بكل هدوء
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
شك ويقين
تونس/ الصواب/ 02/10/2011
منذ يوم 6 شباط فبراير الماضي، يوم
اغتيال شكري بلعيد، وإطلاق اتهام خطير من طرف زوجته أولا وأنصاره ومحامييه بعد ذلك
بأن النهضة تقف وراء الجريمة، والمرء يقف بين الشك واليقين.
الشك واليقين لأن النهضة إن لم تكن
مسؤولة مباشرة عن الاغتيال، وإذا لم تكن مورطة ماديا في الجريمة، فإنها تبدو ولا
شك مسؤولة
سياسيا وأخلاقيا بوصفها تتحمل عبء حكم
البلاد، وعلى أساس أنها مسؤولة عن جرائم مثل هذه كأي حكومة في دولة تحترم نفسها.
لم يأت مساء
ذلك اليوم أي يوم 6 شباط فبراير حتى أعلن رئيس الحكومة المنتمي لحزب حركة النهضة،
عن استقالته، ودعا لتشكيل حكومة تكنوقراط تحت رئاسته، وكان ذلك بمثابة الاعتراف إن
لم يكن بالتورط ، فعلى الأقل بالتقصير والتقاعس.
غير أن حزبه
رفض مبادرته، واتجه لتشكيل حكومة أخرى، تحت سيطرته الكاملة، رغم مشاركة محتشمة
وبلا تأثير فعلي لحزبي التكتل والمؤتمر.
وفي ظل
الحكومة الموالية برئاسة النهضاوي الآخر علي العريض، جاء الاغتيال الثاني في 25
تموز يوليو، للنائب التأسيسي الحاج محمد البراهمي، فتكرر الاتهام للنهضة، وهنا
لم تأخذ النهضة الموقف المناسب، واعتبرت
أن ما حصل أمرا عاديا، فيما انطلقت عملية أشبه ما تكون بالعصيان المدني، فقاطع
برلمانيون المجلس التأسيسي، وخرجت للشارع تظاهرات عدة جمعت بعضها عدة مئات الآلاف،
وإذ سار الأمر في اتجاه حوار وطني رعته 4 منظمات رئيسية، مفترض أن ينتهي إلى
استقالة الحكومة، وقيام حكومة كفاءات ، هذا إذا وافقت في النهاية النهضة على
مغادرة الحكم، وكفت عن مسلسل المناورات الطويل، فإن إعلان المحامي الطيب العقيلي
يوم الأربعاء، عن أسرار جديدة بشأن المسؤولين عن الإغتيالين الاثنين، واتهام
زعامات من النهضة، ومن القيادات الأمنية المؤتمرة بأوامرها بالضلوع، جاء ليصب
الزيت على لهيب مشتعل.
وإذا كان
الشك يحوم حول مدى تواطؤ النهضة، فلعل من يصدق الاتهامات التي جاءت على لسان
العقيلي لا يمكنه إلا أن يتحول من الشك إلى اليقين، ويدرك أن النهضة، وهي في الحكم
قد تصرفت إن لم يكن بتورط مجرم، في عمليات الاغتيال، فعلى الأقل بشيء كثير من
الاستخفاف، وقلة المسؤولية، ولم تكن في مستوى مسؤولية من يتولى الحكم، وبالتالي من هو أمين على حياة
الناس وحريتهم.
وليس هذا
مجال استعراض ما جاء على لسان العقيلي، فهو منشور على أوسع نطاق، ولكن الأمر يتعلق
بالكيفية التي ستتعامل بها النهضة، ووزارة الداخلية مع معطيات جديدة، خطيرة من جهة
وتبرز وكأنها تنبه إلى أن ما حصل ليس تقصيرا فقط ، وإنما جريمة دولة متكاملة الأركان.
ولعل ما صدر
عن النهضة من جهة، وما صدر عن وزارة الداخلية من جهة أخرى من ردود فعل ، لا يمكن أن
يرقى لإقناع إلا من يصر على الاقتناع بما لا يقنع، فوضع اليد في يد إرهابيين
دوليين، وبروز تورطهم ، وتحالفهم مع أنصار الشريعة ، الذين تم منع تنظيمهم، منذ
أسابيع قليلة، بعد أن كان محل ترحيب من
زعيم النهضة وأركانها، ورئيس الجمهورية أيضا
بكل السذاجة التي لا تليق برئيس
دولة، يدعي أنه علماني ، لمما يوحي بأن أياما صعبة ستواجه الحزب الحاكم تجاه
الاتهامات الخطيرة الموجهة إليه ، فيزداد موقفه الهش واقعا، هشاشة أكبر وهو يحاول
أن يدفع عن نفسه، ما لا قبل له بدفعه ، سوى شعارات فضفاضة حفل بها بلاغه المتسرع
وغير المقنع، ولا المستند إلى أي حجة ،، ولا حتى واهية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق