Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الخميس، 24 أكتوبر 2013

بكل هدوء: خطاب علي العريض وضرره المحتمل على النهضة

بكل هدوء
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
الانتحار
تونس/ الصواب /23/10/2013
بعد انتظار حارق دام ساعات، البعض في شارع بورقيبة ، والبعض في القصبة، والبعض معلق للإذاعات والبعض للتلفزيونات، نزل الخطاب باردا كالصقيع، يبعث على القشعريرة.
خطاب من ناحية المنهجية الخطابية خاطئ تماما، لم يربط بين حدث الساعات الأخيرة من عمل إرهابي ، وما كان منتظرا من إعلان عن مبدأ استقالة الحكومة خلال ثلاثة أسابيع بصورة تفتح الباب لانطلاق الحوار الجدي في العمق.
لم يقل علي العريض الكلمة السحرية التي كان ينتظرها التونسيون بمعارضيهم وبموالاتهم، وكانت خيبة الأمل مرة، بالصورة التي جعلت الزعامات النهضوية( على الأقل المعتدلة) تسعى كامل الليل لترقيع الصورة، وتسعى لعدم تدمير فرصة حوار، كانت تعتقد أن نتائجه ولو بالخروج من السلطة هو في مصلحة النهضة، التي  كانت غرقت في مستنقع آسن يسعى العقلاء منها لإخراجها منه، بأقل الخسائر.
غير أن علي العريض الذي عرف عنه، وزادت المعرفة تأكدا أنه لا يدرك، لا السلوك السياسي ولا التعامل الذكي، لم يع الدروس:
-         لا درس حمادي الجبالي البليغ في 6  شباط فبراير  2013-، وكان درسا غاية في الذكاء يقوم دليلا على أنه(حيوان) سياسي مع كل الاحترام الواجب للرجل.
-         و لا درس مصر وخاصة الخطاب الذي ألقاه الرئيس المعزول مرسي عشية إقالته وسجنه. أو خطاب الرئيس السبق بن علي ليلة 13 كانون الثاني يناير2011.
و لذلك سقط في ما لم يكن لا بد أن يسقط فيه، ما دل ليس فقط على أنه ليس رجل دولة، بل ولا حتى رجل سياسة.
وانتهى بذلك إلى انتحار سياسي نهائي.
لم يحسن تقدير الموقف، ولعل تعنته، وتمسكه بالموقع، قد دفعه إلى أن يتصرف بشكل، لم يقرأ معه نتيجة حركته.
فالنهضة منصرفة عن السلطة وخلال أسابيع، تلك إرادة الشيخ راشد الغنوشي، والفريق المقرب منه، وقد يكون من بينه الجبالي، هذا إن لم يكن للصفقة المعقودة في باريس مع الباجي قائد السبسي دور لم تتضح معالمه.
ولعلها أي النهضة ترى من مصلحتها أن لا تزداد غرقا في وحل ساهمت في صنعه، وتحاول أن تفلت من الغرق فيه.
و لعلها ترى أنها في ابتعادها عن الحكم، لفترة قد تدوم ستة أشهر، وربما ثمانية وربما سنة، فرصتها للحصول على عذرية جديدة، في حالة انتخابات تجدد فيها تحالفاتها وقد تكون مع نداء تونس بالذات ، بعد أن تآكلت داخليا  في شعابها،وشعبيا، نتيجة ممارسة السلطة، في ظرف صعب.
لكن علي العريض الذي لم يفهم، لا مقتضيات الحكم، ولا مقتضيات المصلحة لم يدرك ذلك، لمحدودية وعيه السياسي، وإحاطة نفسه بعدد من الوزراء خاصة من بعض من في النهضة، ومن وزراء المؤتمر، ممن لا ينظرون إلى أبعد من أنوفهم، أو من الذين ينتظرون مرور سنتين على توزيرهم، لفتح الحق في تقاعد مريح، ويعرفون جيدا أنهم لن يستعيدوا فرصة التوزير لا مع النهضة ولا مع غيرها  لضمان ذلك التقاعد.
من هنا فإن علي العريض الذي فقد هو ووزراؤه حقيقة الحكم منذ 25  تموز يوليو ، أي منذ مقتل محمد البراهمي ، لا يعدو إلا أن يكون انتحر سياسيا مساء ذات يوم 23 تشرين الأول أكتوبر 2013، ولعل الأهم أن لا ينحر معه حركة النهضة، لأنها رقم ورقم مهم في الحياة السياسية التونسية، ففيها من الرجال الأذكياء والعقلاء، من سيجنبها ذلك المصير ، الذي عرفه الإخوان في مصر، نتيجة عدم تقدير الموقف حق قدره.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق