Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

من وكيف ،، رئيس الحكومة والحكومة، والصلاحيات

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
لمن سيؤول منصب
رئيس الحكومة ؟
وماذا سيفعل به؟
تونس/ الصواب/28/10/2013
بدأت التسريبات تتحدث عن ما بين 18 و20 إسما، حسب المصادر، وانتهت ولا أحد يعلم الحقيقة إلى أربعة أسماء، ليس مؤكدا بالمطلق أن يكون رئيس الحكومة المنتظر من بينهم.
ولكن إذا سايرنا ما يتردد في وسائل الإعلام، المفروض أنها جادة، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي فإن الأربعة مرشحين أكثر من غيرهم هم السادة:
-         أحمد المستيري
-         منصور معلى
-         مصطفى كمال النابلي
-         الشاذلي العياري
والسيد أحمد المستيري استقال مرتين من الحكومة، الأولى من وزارة الدفاع سنة 1968 على خلفية خلافه مع الرئيس بورقيبة بسبب التوجه التعاضدي، وبسبب غياب الديمقراطية والمشاركة الشعبية، والثانية سنة 1971 على خلفية تعيينات في وزارته (الداخلية) دون استشارته، وأيضا بسبب غياب الديمقراطية.
أما السيد مصطفى كمال النابلي فيقال في بعض الجهات ، وهو أمر شائع ولكن لم يتأكد رسميا قط، فإنه قد يكون استقال على خلفية سحب الباب الثاني  من ميزانية التنمية من وزارته، إضافة إلى ما يقال من أنه لم يكن راضيا على جمع أموال 2626 وإنفاقها خارج أدوات المحاسبة الإدارية.
ومن جهته فإن السيد منصور معلى سحبت منه الوزارة مرتين الأولى في سنة 1974 ، على خلفية خلاف مع الوزير الأول والفريق المتمثل في نويرة- الصياح- بلخوجة –عبدالله فرحات، واستعمال البرهان بالعدد 9 (؟)، إشارة إلى إسقاط من ترقيمهم 9 و19 و29 و39 و49 و59، وما فوق 69 في قائمة المترشحين لعضوية اللجنة المركزية للحزب الدستوري، والثانية في سنة 1983  إثر خلاف عميق مع الوزير الأول محمد مزالي. هذا عدا الإقالة المؤلمة من الإدارة العامة للبنك المركزي سنة 1959 أو 1960، بعد أن كان تولى تركيزه وإنشاء العملة الوطنية، ليعين كمحافظ له ويتوجه الهادي نويرة.
هذا عدا ما تعرض له من تنكيل سنة 1993 على يدي الرئيس السبق بن علي بعد تصريح"صريح" إلى صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وبالتالي فإن ثلاثتهم  يمكن اعتبارهم من ضحايا النظام السابق بشقيه البورقيبي، والنوفمبري.
لكن من منهم سيفلت من غربال الفيتو،
أحمد المستيري ينتظره فيتو نداء تونس، باعتباره الصديق اللدود للباجي قائد السبسي، فقد التقى طريقهما، ثم اختلف  وتعارض: ولا ينسى المرء أن السبسي الذي كان محسوبا على الليبراليين مع المستيري  خلال سنوات السبعين ، ولكنه  ترشح ضد المستيري في انتخابات 1981 في إحدى دوائر العاصمة تونس، في تلك الانتخابات التي اشتهرت بأنها كانت مزورة.
من جهته مصطفى كمال النابلي ينتظره فيتو منصف المرزوقي و النهضة، المتحالفان لإسقاطه من البنك المركزي في ربيع 2012، وربما حتى التكتل ، الذي انتهز الفرصة ليضع الشاذلي العياري الذي يعتبره قريبا منه في موقع محافظ البنك المركزي.
النهضة تصر على أن عامل السن ليس محددا (المستيري 88 سنة، ومعلى 83 سنة)
غير أن النهضة أيضا تميل إلى (سيدي أحمد) بل وتدعمه، وكانت عرضت عليه أن يعوض بورقيبة في 1987  ، قبل ما سمي من جهتها بانقلاب بن علي ولكنه رفض فهو لا يحب المغامرة، (ويبقى في مهجته مشدودا للشرعية).
لعل جهات أخرى في الحوار الوطني تحبذ مصطفى كمال النابلي، على أساس من قوة شخصيته، فقد وقف ولو بحذر وتكتم في وجه بن علي، وعارض إلى حد ما قراراته، وغادر منصبه إلى الخارج، ولكن أيضا لكفاءته الاقتصادية العالية ، وعلاقاته المتميزة في الأوساط المالية والاقتصادية الدولية، وقدرته على استقطابها، فضلا عن تمكنه السياسي فهو من أول من أرجع تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد إلى الضبابية السياسية.
من وجهة نظر المحللين السياسيين المتابعين لحقيقة الحوار الوطني، والمسار الحكومي بالذات، فإن السباق سيحتد بين الرجلين، إلا إذا حصلت مفاجأة، ولم يستطع الفرقاء التخيير بينهما، عندها تحضر حظوظ معلى و العياري، مع احتمالات أن تكون حظوظ معلى أعلى، فيما يبقى العياري في منصبه الرفيع كمحافظ للبنك المركزي، أو يتم الاتفاق على شخصية أخرى للحسم.

**
 ولكن والأسماء يتم تداولها، فهل تمت استشارة أي كان من بين الواردة أسماؤهم،،، أكثر من واحد، أكد لنا أن لا أحد اتصل به ليعرض عليه إن كان يقبل بالمنصب، في حالة ما إذا رسا عليه.
وبالتالي فليس غريبا، أن تتفق لجنة المسار الحكومي على شخص معين، ثم وعند عرضه عليه، يرفض العرض.
مبدئيا ونظريا، لا يمكن لأحد أن يعرض عليه منصب مثل هذا الموقع الرفيع، ويرفضه.
ولكن أيضا، فإن هذا المنصب  وفي هذا الوقت بالذات يعتبر هدية مسمومة.
فالوضع الأمني واستشراء الإرهاب، واحتمال احتداد أمره، بما يبدو من انتشار الإرهابيين، وترسانة الأسلحة والإمكانيات المتاحة لهم من مال وتجهيزات، واحتمال تلقي دعم لهم من تيارات إسلامية لعل بعض النهضويين القاعديين لا يتورعون عنها، هذا من جهة ومن جهة أخرى التركة الثقيلة اقتصاديا واجتماعيا التي ستتركها لهم الحكومات المتعاقبة خلال العامين الأخيرين، والسمعة الحضيضية التي أصبحت عليها تونس، والمتهاوية ، واستحالة اللجوء للحلول الترقيعية التي استعملت في العامين الأخيرين وأتت على كل المدخرات، كل ذلك لا يشجع أحدا على الإقدام على استلام منصب رئيس الحكومة في الوقت الحاضر، ولا حتى استلام منصب وزاري.
هذا من ناحية الوضع الموروث غير المشجع، ولكن ومن الناحية الأخرى، فعلى ماذا يمكن أن يقدم من يستلم المنصب؟
أولا: ما هو مدى إطلاق يديه في تشكيل حكومته، وهل ستكون حكومته فعلا التي سيعمل بها، وفق خطة معلومة ومتفق عليها بين أفرادها.
أم سيفرض عليه وزراء وفق أجندة محاصصة ، ولو كانوا مستقلين، أو ربما وخارطة الطريق لا تشترط  أن يكون الوزراء غير متحزبين،أن تفرضهم أحزابهم فيما يشبه ائتلاف معرقل.
ثانيا: ماذا سيكون موقفه أمام مجلس تأسيسي، لا يملك فيه لا أغلبية ولا حتى أقلية، وهو المدعو لاتخاذ قرارات جريئة، بالضرورة مريرة لطبيعة المرحلة، وللتردي الشديد للوضع الاقتصادي، والبلاد إن لم تذهب للإفلاس قبل آخر السنة، فهي إن لم تتداركها الجهات الدولية، وربما العربية ( وتونس ليست مصر)، فإنه سيكون الأمر بدون مندوحة  متجها إما عن تخفيض المداخيل، أو حتى التأخر في صرفها، أو الاثنين معا.
فأي شخص يمكن أن يقبل على هذا الوضع  المهتز، الذي يمكن أن ينقلب اجتماعيا إلى حالة مخيفة، ويقدم عليه.
إن التحدي إذن ليس اقتصاديا فحسب، وإن كان للاقتصاد جرعة كبيرة لازمة من القرارات، بل سياسي وأمني، في وضع مجتمعي سيكون متوترا، ولو وعد اتحاد الشغل بالتهدئة ، وينبغي أن لا ننسى أن تعددية نقابية قد قامت، ولعل هذه هي فرصتها للمزايدة ، وبالتالي كسب أنصار يمكن أن تعدهم بما لا يقدر عليه حسين العباسي.
أي عاقل لا يمكن أن يقبل بمثل هذه المسؤولية في الوقت الحاضر، إلا إذا كان وازعه وطني بالأساس، لحد القبول بالتضحية بمستقبله السياسي.
مثل هذا المسؤول، لا بد أن يبدأ بمصارحة الشعب، بأن الوضع السياسي والأمني والاقتصادي سيء جدا, وان حكومته لا تتحمل مسؤولية هذا الوضع، فيمسح الخرقة في حكومات النهضة، "التي تخلفت عن المعالجة في الوقت المناسب، بل تركت الحبل على الغارب، بحيث استشرى الإرهاب وعشش وفرخ، ويهدد بمزيد الاستشراء، وبحيث انهار الاقتصاد، وتقهقر مستوى معيشة الشعب"، وأن إصلاح ذلك يتطلب لا فقط جهدا كبيرا، وتضحيات جسام، وقرارات ذات مذاق شديد المرارة، يذكر باليونان وإسبانيا والبرتغال وغيرها، وأن الحلول المتمثلة، في العودة لنسبة نمو معقولة، وتقليص البطالة هي أهداف مؤجلة، ومؤجلة إلى فترة قد يطول انتظارها.
**
 والوضع كما نرى، فلعل النهضة  وقد بادرت بقبول خارطة الطريق ( في انتظار استكمال مراحلها إن تم استكمالها)وأعلنت عن التعهد باستقالة بعد ثلاثة أسابيع ، لا يعرف أحد إن كانت ستفي بوعدها أم لا، لعلها اختارت الحل الذكي، لا ننسى ما قاله الشيخ راشد الغنوشي في القناة الوطنية 1 ، ما معناه أن النهضة غادرت الحكومة ولكنها لم تغادر الحكم.
النهضة تريد أن تقول ثلاثة أشياء من وجهة نظرنا، ووفقا لما يراه الكثير من المحللين السياسيين:
1/ أنها لم تفشل في تصريفها للشأن العام.
2/ أنها إذ تتخلى عن الحكومة لا عن الحكم فذلك بإرادتها، فهي الرقم الأول إن لم تكن الرقم الوحيد حاليا في الحياة السياسية.
3/ أنها إذا قبلت فرضا بما تتهم به من فشل، فإن من سيأتي للحكم بعدها، وسيفشل حتما، يبرز أمرا معينا وهي أنها ليست فاشلة، وإنما الأمر كله مدعاة للفشل.
ومن هنا، فإنها في أي انتخابات مقبلة ستبرز في دور المنقذ، فتكتسب عذرية جديدة، وبالتالي تعود إلى الحكم من موقع أقوى، لتنفذ على مدى 4 أو 5 سنوات برنامجها، ربما دون أن يزعجها احد هذا على الأقل تفكيرها من وجهة نظرنا.
هذا على الأقل أيضا ،  ما نعتقد أن النهضة تفكر فيه، وربما تتمناه، غير أن الواقع السياسي سيكون غير ذلك، وهذا موضوع آخر لتوازنات جديدة ستطرأ على الحياة السياسية للبلاد.
**
ولكن دعنا نعود لواقع اليوم، قبل أن نحلق استشرافا لما سيكون عليه الأمر بعد سنة، وهو الموعد المفترض حقا للوصول لإجراء انتخابات تكون حقيقة مشرفة:
السؤال الأول : ما هي الصلاحيات التي ستكون مسموحة لأي كان من رؤساء الوزارات؟
الأمر يختلف، فإذا أطلقت يد الحكومة، فإن السلوك سيكون مختلفا بحسب طبيعة الشخصية التي ستتولى مسؤوليتها، ومدى توليها الفعلي تشكيلها.
وعدا ذلك، فإن رقابة المجلس التأسيسي ستختلف بشان ما إذا كانت التصديق على الثقة بالحكومة في حالة لائحة لوم، ستكون النصف ( في عدد النواب + واحد)أو الثلثين مع واحد.
وما يسمى بتوازي الأشكال يفترض أن تكون الأغلبية المعتمدة في التصديق الأولي ، هي نفسها لصرف الحكومة، ولكن سبق أن حصلت حالات شاذة، ففي الجمهورية الفرنسية الرابعة تم التنصيص على أن الثقة بالحكومة تكون بالأغلبية البسيطة عند تشكيلها وبالأغلبية بالثلثين لإسقاطها، غير أنه سجل وفي كل الحالات أن استقالت الحكومات عندما لا تفوز بالأغلبية البسيطة، وذلك باعتبار النواحي الأخلاقية كما قيل آنذاك.
غير أن ذلك ليس هو الإشكال الوحيد، فهل سيكون مسموحا للحكومة المشكلة، مثلا بهدم ما بنته النهضة في سنتين من تعيينات لا يختلف اثنان في أنها تعيينات تستهدف السيطرة على مفاصل الدولة، ضمانا لأن تكون في خدمتها في حالة الانتخابات، وهي تعيينات خاصة في حالة العمد، حرمت السلطة من عيون مدربة، ما مكن من تواجد الإرهابيين في كل مكان دون الكشف عنهم، إلا إذا كان ذلك في مخططات النهضة بداية، وهو ما انقلب ضدها وضد المجتمع، عندما اشتد عود أولئك، فتنمروا في ما تنمروا على النهضة، وكالوها من الشتائم والتهديدات ما كالوا  إلى حد الوصف بالطاغوت.
ليس ذلك فقط بل هل ستسمح النهضة بحل روابط"حماية الثورة"، يبدو ذلك ضروريا إذا استثنينا موقف النهضة ذاتها، ومواقف بعض أتباعها المعلنين أو غير المعلنين.
ومن المؤكد أنه لا تستقيم انتخابات نزيهة في غياب اتخاذ مثل هذه القرارات، وهي قرارات مهما بدت ضرورية، فإن النهضة لا يمكن أن توفق عليها بسهولة، مع احتمالات بقاء المقود في يدها، أي الحكم لا الحكومة، وهو ما يرشح لتوترات محتملة، وحتى خصومات مفتوحة، فلا أحمد المستيري ولا مصطفى كمال النابلي ولا غيرهما يمكن أن يتساهل في هذه المسائل المصيرية.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق