Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 2 سبتمبر 2013

بكل هدوء - الإدارة العمومية المطلة ..لماذا ؟

بكل هدوء
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
بداية التصدع للأركان جميعا؟
تونس/ الصواب /02/08/2013
لعل للمتابع المتفطن أن يلحظ أن هناك تصدع وتشقق في آخر وأقوى حصون الدولة المتمثلة في الإدارة وفي الاقتصاد.
فشهر ونيف من لي ذراع بين حكومة، سقطت فعليا منذ انطلاق الرصاصات الأولى في جسد الحاج محمد البراهمي، كانت كافية لانهيار معقلين من معاقل هذه الدولة التي تجر وراءها أمجاد 3000 سنة، وبين معارضة لا ترخي الأعنة وتعتبر بقاء هذه الحكومة كارثة بكل المقاييس.
ففيما كتبت صحيفة لابريس الحكومية في عددها اليوم الإثنين " الآلة بصدد الارتخاء" والمقصود بالآلة  هي الإدارة التي واصلت عملها، ووفرت للدولة أسباب التجاوز في الفترة الانتقالية الأولى ، وخاصة خلال تلك الأيام العصيبة التي تلت 14 كانون الثاني يناير 2011، أو حتى تلك الفترة التي بقيت فيها الدولة بلا حكومة بعد استقالة حمادي الجبالي، وقيام حكومة علي العريض، هاهي الإدارة يصيبها الشلل أو يكاد بعد 25 كانون الثاني يناير 2013.
ولقد كتبنا على أعمدة هذه المدونة بتاريخ 27/07/2013
"..وسقطت الحكومة ..
سال الدم وانسكب فروى أرض تونس.
أمر لا ينبغي الاستهانة به.
أمر لا يمكن أن يمر هكذا
والحكومة القائمة استقالت أو لم تستقل، سقطت بحكم عناصر عديدة:
أولا: أن الدم الذي انفجر من شرايين محمد البراهيمي، ليس ماء، وأن مسؤوليته تقع على عاتق الحكومة،  والمقصود ليس الحكومة في القصبة ولكن توابعها في قصر قرطاج وفي باردو ، وأي حكومة قائمة في العالم وبعد حالة (لا أريد وأخجل من  أن أقول حادثة كما قال الوزير بن حميدان الذي فقد هو الآخر الحس الإنساني والحس السياسي) مثل هذه الحكومة لا بد أن تذهب وترحل، إذا لم يكن همهم أي أعضاؤها  منصبا، إن لم يكن أخطر من ذلك بالاستقرار إلى ما لا حد له في الحكم، واعتبار أن النجاح ، ولو بأغلبية نسبية في انتخابات سابقة  هو تذكرة ذهاب بلا عودة، والبقاء المؤبد في السلطة.
ثانيا: لأنها حكومة فاشلة كسابقتها التي اعترف رئيسها بفشلها في لحظة مصارحة للشعب لا تتكرر كثيرا، ولعل أبرز مظاهر الفشل يتمثل في هذه الاغتيالات المتكررة، هذا الداعية القلال، وهذا السياسي لطفي نقض، وهذا الزعيم بلعيد، وهذا النائب في التأسيسي البراهمي، ومن يدري الدور على من في المرة المقبلة؟ ولا من يقظة من نوم عميق.
ثالثا: لأنها حكومة لا تحترم وعودها وتعهداتها، لا الانتخابية فقط، التي أطلقتها بمناسبة الحملة الانتخابية، والتي طال عليها العهد، ولكن حتى تلك التي جاءت في خطاب التنصيب والقسم، والتي كان قوامها أربعة وعود لم تحقق منها شيئا.
رابعا: آخرا وليس أخيرا لأنه بات واضحا أنها لا تدرك معنى للفعل السياسي، وهي تبدو خارج الواقع وخارج التاريخ وخارج المستقبل."
ولقد كان لنا بعد أيام قليلة من الحدث، أن قمنا بزيارة لرئاسة الحكومة، في شأن عمومي وليس خاص، ولاحظنا منذ ذلك اليوم، كيف إن الإدارة لم تعد تعرف، هل أن الحكومة باقية أم راحلة، ولمن يعود القرار، كانت الأنظار شاخصة ، ولم تكن الدولة مشدودة إلى ذلك الحبل الرفيع الذي يشد بطبيعية الأشياء إلى بعضها، كنت قد عشت ما عشت أيام بنزرت في 1961، وكانت الإدارة متماسكة، كنت قد عشت 26 كانون الثاني يناير 1978 وكانت الدولة متماسكة والإدارة متيقظة حتى أكثر مما حصل للسلطة، وفي ثورة الخبز في سنة 1984 كانت الإدارة هي الخيط الذي يشد الأشياء، وحتى يوم 7 تشرين الثاني نوفمبر1987.
وتبدأ صحيفة لابريس مقالها بإطلاق صفارة إنذار"الإدارة التونسية على وشك الشلل"....
**
وكأن المصائب لا تأتي منفردة، فالوضع الاقتصادي، في أسوأ أحواله سواء أأعجب ذلك الكلام وزير المالية إلياس الفخفاخ أو لم يعجب، فكأنه ينفخ في جثة هامدة، وما دام الوضع على ما نرى فلا غرابة أن يصل عجز الميزانية لا إلى 6 في المائة حسب التقديرات ( أو حتى 8 في المائة حسب الأرقام المصححة) بل والعهدة على الخبير محمود بن رمضان إلى 14 في المائة، (الطبيعي هو 3 في المائة) ، ما يعني أن البلاد قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس، وإذا استمرت الحكومة باقية على قلوب الناس ، وإذا تم تنفيذ التهديدات  المعلنة فإن أحدا لا يعرف كيف ستواجه الحكومة التزاماتها الداخلية وخاصة التزاماتها الدولية.
لا يكفي القول إن نسبة النمو هي 3 في المائة (ظهر أنها في أحسن الأحوال 2.5 في المائة للستة اشهر الأولى من العام)، والوضع سيكون أسوأ في النصف الثاني وكارثي في العام 2014، الذي لم يتم تجهيز ميزانيته  حتى الآن للمرة الأولى منذ الاستقلال، فالطبيعي أن مشروع الميزانية يكون قد تمت تقديراته القطاعية منذ يوليو تموز، وإذا نحن نتقدم في أيلول سبتمبر ولا من حديث، وهو ما يشكك في قدرة الحكومة حتى على التسيير الطبيعي للدواليب، وهو مظهر آخر من مظاهر تفكك إدارة بلا قيادات وزارية، يشغلها البقاء في مناصبها ، والحرص على استكمال العامين الفاتحين للحق في التقاعد الوزاري، أكثر من أن يهمها وضع البلاد.
لك الله يا تونس في هذا العهد السيء.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق