الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
البلاد إلى
الكارثة
تونس /
الصواب / 04/12/2013
لقد كنا
كتبنا قبل أكثر من 10 أيام ما ينبئ بأن الحوار الوطني قد فشل ، و أنه ودع إلى غير
رجعة، وفقا لما يراه القارئ هنا من تذكير.
بكل هدوء
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
وداعا .. الحوار الوطني؟ وداعا
لتونس الرخاء والأمن
تونس/ الصواب/21/11/2013
لا مجال إلا للاستنتاج بأن
الحوار الوطني إن لم يكن قد لفظ أنفاسه الأخيرة، فإنه بصدد الاحتضار، دون أن يعترف
أحد بذلك، لا الرباعي الحريص على نجاح مبادرة، لعل المرء لا يسعه وبعد فوات الأوان
إلا القول بأنها ولدت ميتة، ولا الأحزاب السياسية التي تحاول التنصل من تحميلها
مسؤولية الفشل، أو مسؤولية عدم قدرة الطبقة السياسية على إيجاد القاعدة الضرورية
لتفاهم يبدو ضروريا للمرحلة الراهنة الكارثية فعلا سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا( ربما بسبب ما يبيت بليل بين الحزبين الكبيرين في
البلاد، وعلى الأصح قيادتيهما العليا).
وكان
هناك من ما يزال يؤمل بأن الحياة ستعود إلى جثة هامدة، فاستمر الحوار ، وكان الوعد
يوما بعد يوم أنه سيفيق من غفوته، وطيلة تلك المدة امتنعنا عن الكتابة في هذا
الموضوع، أو تحيير المواجع، أو الصدام مع بصيص أمل بقي لدى الناس، كنا نراه من نوع
الأمل الخلب أو السراب، رغم وعود الرباعي بقرب التوصل إلى حل، أصبح متوقفا عند
التوافق على رئيس حكومة.
مرت
الأيام وما صدقت الوعود، واتجهت الاختيارات اتجاهات شتى، ونزلت المزايدة إلى من لا
يستطيعون فعل أي شيء لو حصل التوافق بشأنهم، وتمت إدارة الظهر عن الذين يستطيعون
فعل شيء ما ، لكفاءتهم، وللكاريزما التي يتمتعون بها، ولنفاذهم إلى أصحاب القرار
الدولي.
أدار
الحوار الوطني ظهره للأكثر قدرة على مواجهة احتمالات الخروج من عنق الزجاجة، أي لمصطفى
كمال النابلي، أو على الأقل لمحمد الناصر.
وبات
يسبح بين أسماء رغم قيمتها الذاتية، ونحن أول من يعترف بذلك، فهي ليست في وارد
إمكانية مواجهة متطلبات المرحلة.
أخذ
الحوار الوطني ، مهلة جديدة بعشرة أيام تصادف نهايتها تقريبا ذكرى انطلاق إرهاصات الثورة ، قبل اندلاعها، وفي
تقديرنا فهي مهلة لن تنتهي إلى شيء، وإذا انتهت فستنتهي إلى حل أعرج ، لن يؤدي
بالبلاد إلى الخلاص.
ستمر
الأيام سريعا وستنتهي المهلة الجديدة، وربما تأتي مهلة أخرى، وتحل السنة الجديدة
بكل تحدياتها.
لن
أكون متشائما، ولكني سأرسم هنا الواقع المؤلم كما سيكون ليس بعد أشهر طويلة ولكن
أسابيع قليلة:
أولا
: نحن ندخل سنة جديدة بميزانية جديدة نستطيع بكل وثوق أن نقول إنها ميزانية
افتراضية، ولكنها افتراضية مع احتمالات كبيرة بل والاحتمالات الأكبر لأن لا
تتحقق، فالـ28 مليار دينار لن تتوفر بحال
لا من الجباية التي يفترض أن توفر أكثر من الثلثين من المداخيل ، فالنمو معطل ورغم
نسبة الأربعة في المائة المقررة للعام 2014 فإن أكثر المراقبين تفاؤلا لا ينتظرون
أكثر من 2 في المائة، وهو ما يعني استحالة القدرة على تحصيل المبلغ المراد تحصيله
أي قرابة 18 أو 19 مليار دينار، ولن تتوفر أيضا من التداين، فمنبع الصناديق
الاجتماعية قد نضب تماما، بل أصبحت تلك الصناديق في حاجة إلى مدد من ميزانية الدولة لصرف جرايات
المتقاعدين والخدمات الأخرى الصحية والعائلية، أما المنابع الخارجية فقد جفت
ينابيعها، وما الموقف الأخير لصندوق النقد الدولي بالامتناع عن فع القسط القريب
حلول أجله، إلا أول المذاق المر، لحكومة تأخرت عن التعامل الجدي مع وضع الضبابية السياسية ، كما تأخرت في إجراء
الإصلاحات المتوقعة منها، وهي لن تجد بعد اليوم من يقرضها لا من المؤسسات المالية
الدولية، ولا بصورة ثنائية طالما لا يمكن ضمان السداد..
ثانيا:
إن المواطن قد أصابه اليأس من عدم اتضاح للرؤيا وبدء وجود حلول سياسية تعيد
بصيصا من الأمل، ما ذهب بنا مع الأسف والألم يعصر القلب إلى المقارنة بين نظام بن
علي والوضع الحالي، وتمني البعض بعودة الديكتاتورية، قد يكون العدد قليلا ولكنها
ظاهرة تبرز مدى اليأس، ليس بين الذين يهزهم الحنين إلى العهد السابق، بل المسحوقين
ضحايا العهد السابق أنفسهم، الذين تضرروا
ضررا كبيرا من السياسات المتبعة خلال العامين الأخيرين، والتي زادت وضعهم تدحرجا.
ثالثا
: الخوف من المستقبل ، وقد أخذ يتجسم فعلا، وأخذ الناس يتساءلون كيف سيكون غدهم
القريب، هل سيحصلون على رواتبهم، وعلى جرايات تقاعدهم، والبعض يتساءل إن كانوا
سيحافظون على مورد رزقهم وعلى مواقعهم وموطن شغلهم، والبلدان التي مرت من مثل هذه
الحالات عديدة وماثلة للعيان.
رابعا
و آخرا وليس أخيرا : كيف سيكون الغد هل سيسكت الناس على هذه المقدرة الشرائية
المهترئة المتدهورة ، بل وحتى المنعدمة إذا دام هذا الحال أو إذا ازداد سوء،
والطبقة السياسية تتلهى عن آلام وعذابات الشعب بصورة فاضحة، ولا تسعى بصورة جدية
لاختيار الأقدر على مواجهة حالة تبدو ميؤوسة ، ولكنها تبقى تحت السيطرة إذا أسرعت
تلك الطبقة أولا باختيار حكومة كفئة تحت قيادة كفئة ذات دالة على جهات دولية وحتى
عربية ، لإنقاذ البلاد والعباد، بعد أن أصبح
الإنقاذ بالإمكانات الداخلية شبه مستحيل، هل يقيض الله للبلاد رجالا مثل
الهادي نويرة في 1970 أو إسماعيل خليل سنة 1986/1987، الرجال موجودون ولكن الإرادة
السياسية لا تسعى للجوء إليهم، عنادا ، ودفعا بالبلاد لا إلى حافة الهاوية، فقد
تجاوزت تونس ذلك لبدء السقوط في الهاوية ذاتها.
كل
هذا قد ينبئ بانفجار محتمل.
ملاحظة : هذا المقال كتبته مرة أولى ولم أسجله، والنتيجة
أن انقطاعا كهربائيا أولا أفقدني إياه تماما، ثم أعدت الكتابة وسجلت ما سجلت منه
ثم بدأت أسجل مرة بعد كل مائة كلمة فانقطع التيار مرة أخرى وضاع مني جزء آخر، وهذه
أول مرة في حياتي، وقد بدأت الكتابة على الكومبيوتر منذ منتصف الثمانينيات ، أشهد
ضياع ما أكتبه بسبب الانقطاع الكهربائي ولمرتين متتاليتين.
وهذا الأمر البسيط يجعلني
أتساءل: إلى أين تسير بلادنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق