سانحة
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
5 كليات طب وصيدلة،،
هل أنا في يقظة أو حلم؟
تونس / الصواب / 24/11/2013
قامت مظاهرات عاتية في قابس، لما بدا
من حرمانها من تركيز كلية طب فيها، بينما كان ذلك هو حلم أبناء هذه المدينة
المشروع ومطلبها منذ عقود.
جاء ذلك على خلفية إعلان مجلس وزاري
بشأن تركيز 3 كليات طبية وكلية للصيدلة وأخرى لطب الأسنان في مراكز ولايات في
البلاد ، والاكتفاء بكلية لاقتصاد الصحة في قابس.
وتشتغل حاليا في تونس 4 كليات طبية
وكلية وحيدة لطب الأسنان والصيدلة، في كل من تونس وصفاقس وسوسة والمنستير.
وكانت قائمة كلية طب وحيدة في العاصمة
تونس، عندما ظهرت الحاجة لكلية طب ثانية، برز من خلال الدراسات أن موقعها سيكون
مدينة صفاقس، إلا أن الثائرة ثارت وقتها في مدينة سوسة التي ترى نفسها الأحق بها،
ومن هنا وفي زمن كانت فيه وزارة التعليم في عهدة السيد محمد مزالي تقرر على عجل
إقامة كليتين اثنتين واحدة بسوسة، وعلى سبيل الترضية أنشئت كلية لطب الأسنان في
والصيدلة في المنستير، غير أن الرئيس بورقيبة الذي كان يرى في مدينته مركز الثقل
في البلاد، أصر على إقامة كلية للطب فتقرر على عجل إنشاء كلية رابعة للطب يكون
مقرها في المنستير، رغم الرأي المخالف للدراسات التي جرت وقتها.
وقد استقر الأمر على أن تستوعب كلية
طب تونس 300 طالب مستجد، فيما تستوعب كليات سوسة وصفاقس والمنستير 100 طالب لكل
منها سنويا بحيث يكون عدد الخريجين عموما قريبا من 600 طبيب سنويا ، باعتبار
المستوى المرتفع لرواد هذه الكليات غالبا، ونسبة النجاح العالية.
وبعد الثورة ارتفعت درجة المطلبية،
لإنشاء كليات طب في عواصم الولايات إن لم يكن جميعها فعلى الأقل غالبها.
وكان التحكيم في ما بين عواصم
الولايات صعبا على أي حكومة، فأي مدينة من المدن يمكن أن تأوي كلية طب خامسة؟، وكل
تلك العواصم تستطيع أن تقدم أسبابا مشروعة لذلك الإيواء، فكلها تعتبر نفسها
محرومة، وإنشاء كلية طب هو قمة القمم في تحقيق المطلبية وإرضاء هاجس تحقيق عدالة
تأخر تحقيقها، وكان أرفع الأصوات هو صوت سيدي بوزيد، التي تعتبر نفسها عن حق مركز
انطلاق الثورة ، ولذلك فمن حقها أن تنال من ثمارها، وأهم تلك الثمار هو تركيز كلية
للطب تفتخر بها بين المدن والولايات.
غير أن عدوى تلك المطلبية قد انتشرت
بشكل كبير، فمن جندوبة إلى الكاف إلى قابس إلى مدنين ثم لماذا لا قفصة ، وبنزرت
أيضا دون أن أتعرض لعواصم الولايات الأخرى.
بنزرت مثلا قيل إنها قريبة من كلية طب
تونس وكذلك نابل ، ولكن الرد جاء مفحما، أليست المنستير على بعد ما بين 23 و25
كيلومتر عن سوسة.
ولذلك كان القرار، في الحسم صعبا لدى
حكومة، تسعى ولأسباب انتخابية إلى إرضاء الناس جميعهم. فاختيار مدينة بعينها هو
حرمان لجهات أخرى.
وبدون دراسات مسبقة، أعلنت الحكومة عن
إحداث 5 كليات طبية وصيدلية وللأسنان
واقتصاد الصحة ، ووزعتها، فكان السرور عظيما لدى البعض، وكان الغضب أشد للذين
اعتبروا مدنهم محرومة ومنسية ومهمشة، وأنهم أحق من غيرهم.
غير أن الذين فرحوا والذين غضبوا، لم
يدركوا أن ذلك القرار، لم يكن سوى قرار ديماغوجي ، يستهدف جلب التأييد في هذا
الزمن الصعب، ولعل أكبر دليل على ذلك أن ميزانية الدولة للعام 2014 لم تخطط حتى لمجرد القيام بالدراسة حتى لواحدة من
هذه الكليات، فكيف بالأرض اللازمة والبناء المخصص والبيئة الضرورية من مستشفيات
جامعية، وقاعدة علمية أي من الأساتذة ومن الاختصاصات المتفرقة المتنوعة، وبعض
كلياتنا القائمة تشكو من نقص الإطار وأحيانا الضعف في التأطير.
أكثر من ذلك، هل تساءل الناس أمام هذا
القرار الديماغوجي ، عن قدرة الدولة على مواجهة نفقات شراء الأرض اللازمة ، وبناء
الكليات، فيما نعرف أن طالب الطب وطالب الهندسة يكلف كل منهما عشرات أضعاف ما
يكلفه طالب الاختصاصات النظرية، باعتبار غلاء أسعار المخابر والمواد اللازمة.
إنه مجرد لغم تزرعه حكومة منصرفة،
لحكومة أو حكومات مقبلة، تكون أمام مطلب للتنفيذ لما تقرر بإمكانيات غير موجودة إن
لم نقل منعدمة تماما.
أليس هذا هو قمة اللامسؤولية من قبل
حكومة النهضة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق