Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

اقتصاديات: ميزانية بلا أهداف كما يقتضي الأمر، ولا أفق للبلاد

اقتصاديات                                   
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تقهقر،، مصحوب بخيال متعطل
تونس/الصواب / 13/11/2013
لن أذكر ولا رقما واحدا عند الحديث عن ميزانية الدولة للعام 2014، فقد وصلت بنا الأرقام في الأيام الأخيرة حد التخمة.
والميزانية هي أداة الحكومة لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، كما قال بورقيبة في افتتاحية إستشرافية نشرها في جريدة العمل سنة 1934 على ما أذكر.
وهي افتتاحية صالحة لكل زمان و مكان، وصالحة لليوم.
للمرء أن يتساءل ماذا تريد الحكومة من الميزانية الجديدة وما هي الأهداف منها؟
الضبابية هنا سائدة، فلا أهداف، ولا الميزانية وسيلة لبلوغ محددات معينة ومضبوطة سلفا بل تخبط في تخبط.
أكثر من ذلك فإن الميزانية في باب المداخيل ، وفي الأوضاع الطبيعية لا تفرض أداءات جديدة، وفرض جباية لم تكن واردة قبلا، هو دليل مبطن غير معلن عن فشل مضاعف للسنة السابقة والسنة اللاحقة أي سنة 2013 و2014.
والطبيعي أن يكون الناتج قد تطور بحيث يفرز مزيدا من المداخيل بتطور النشاط الاقتصادي أو توقع تطوره، وإذا كانت السلطة في حاجة لفرض أداءات جديدة، أو لرفع نسب الأداء، فذلك دليل على أنها فشلت في أمر أساسي ، هو المطلب الطبيعي لكل حكومة بدونه تعتبر فاشلة، هذا المطلب هو تحقيق نسبة نمو تستطيع بها أن تستصفي المداخيل الكافية لتغطية نفقاتها.
لكن الحكومة الحالية عمدت إلى الأمرين معا:
-         زيادة في نسب الأداءات لما يسمى بالفئات الثرية، وما هي بكذلك وإنما هي فئات وسطى بصدد التآكل و التفقير ، وما تغيير غير مبرر في الشرائح الضريبية إلا  سير على ذلك النهج، وهذه الشرائح التي أقرت منذ 1990 ،وفي وضع طبيعي كان المفترض أن تتحرك في البلدان الحريصة على العدالة الجبائية في اتجاه الصعود، أي أن الفئة ما بين رقم ورقم لشريحة معينة، وأمام تدحرج الطاقة الشرائية لا بد لها من أن ترى نفسها، يرتفع لديها رقم تلك الشريحة بصورة يخف عليها الحمل ولا يقع إثقال كاهلها، فيما قدرتها الشرائية وقدرة تلك الشريحة في تآكل.
وإذ أعفي الحد الأدنى من الشريحة الدنيا فهو أمر أكثر من طبيعي وتأخر كثيرا، فيما إن كل بلدان العالم تعفي الأجر الأدنى من دفع الأداءات. وبالمقابل تم إثقال شرائح أخرى بصورة كبيرة جدا ومؤدية بالطبع للتهرب الضريبي.
-         فرض أداءات جديدة، فإخضاع أرباح الشركات المصدرة للاقتطاع  ، وإن كان مشروعا من الناحية النظرية فإنه ليس في وقته، والرجل السياسي لا بد له في قراراته من البحث عن الوقت المناسب وإلا فوت على نفسه فرصا، ففي الوقت الذي تبحث فيه بلادنا بالمجهر عن استثمارات جديدة داخلية وخارجية موجهة للتصدير، وحتى خدمات جديدة للتصدير، تفرض حكومة غير واعية أداءات وكأنها تسعى لخنق الدجاجة التي تبيض لها بيضا من الذهب ( العملات الأجنبية)، وفي الوقت الذي يسجل فيه الميزان التجاري أسوأ ما يسجل من عجز منذ الاستقلال وفق أقوال بعض المحللين، وانخرام في التوازن، تفرض هذه الضريبة، وكأنها عقاب للتصدير.
هذا على مستوى المؤسسات أما على مستوى الأفراد ( ربما المؤسسات أيضا) فإنه يتم فرض أتاوتين اثنتين واحدة على السيارات ( قيل وقتية ولعلها الوقتية الدائمة كما هي العادة مع كل ما هو وقتي تفرضه الدولة) والثانية على المسكن الثاني بقدر ولو كان بسيطا، فإنه نظري ولن يتم تحقيقه بالنظر للصعوبة المتمثلة في التقدير لقيمة تلك المساكن، والوقت اللازم لذلك إن كان بالإمكان حصوله، فلتثبت الحكومة أولا من يملك مسكنا ثانيا، ثم ما هي سبل تقدير قيمته لضبط الأداء المدفوع أو اللازم دفعه.
وإذا كانت هناك حاجة حقيقية لتمويل، فإن هناك مصدر سهل ومعمول به في كل العالم ، وهو المتمثل في إخضاع البرك المنزلية (أحواض السباحة) بوصفها مظهرا من مظاهر الثراء، بدل البحث عن المسكن الثاني والبحث عن طرق إخضاعه وقيمة ذلك الإخضاع. وهو أمر سهل حتى بالعودة إلى المواقع الإليكترونية المتخصصة وهي كثيرة وتمسح كل تراب الجمهورية.
ولقد سبق أن تم إخضاع برك السباحة سنة 1982 لأداء، ولكن القوة الضاربة للجهات المتنفذة، أسقطت في حينه ذلك المشروع فمات جنينا حتى قبل أن يولد، هذه الجهات التي لم تحرك ساكنا هذه المرة لاقتناعها النهائي، بأنه (أي المسكن الثاني ) أمر غير قابل للتطبيق، ولن يفيد مداخيل الدولة شيئا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق