Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 9 ديسمبر 2013

كتاب في سواد أيام الحكم

بكل هدوء
يكتبها عبداللطيف الفراتي
الخبطة التي أخطأت الهدف
تونس / الصواب / 09/12/2012
لعل الرئيس المؤقت منصف المرزوقي أراد أن يقوم بخبطة سياسية، يجني من ورائها، شعبية، اهترأت إلى حد أنه لم يبق منها شيء خلال عامين من رئاسة بلا صلاحيات، وتخبط في الأفعال والأقوال، بفعل مزاجه من جهة، ومستشارين كانوا أسوأ أعضاد له نصحوه نصيحة مؤذية.
فجاء كتابه الأسود،فاسودت له وجوه الذين كانوا وراء تأليفه ونشره، وأخذوا يسوقون   بعد فوات الأوان التبريرات والمعاذير التي لا تقنع أحدا، واستعدى على نفسه ومحيطه، النخبة التي كان يجب أن يكسبها ، سواء عن حق أو باطل:
** أولا: أن الكتاب ومحتواه ليس من شأن رئاسة الجمهورية ولا رئيس الجمهورية  ولو أنه قيل أن الوثائق التي تم استعمالها وجدت في مقر رئاسة الجمهورية، فالوثيقة تحتاج إلى تحليل وتدليل بدونهما تكون خامة لا بد من صقلها، ويمر ذلك حتما عبر قناتين لا بد منهما لوضعها في إطارها الطبيعي وهما:
-        القضاء وخاصة العدالة الانتقالية
-        إخصائيو التاريخ
ولذلك فإن الكتاب حفل باتهامات بدت وكأنها عملية تصفية حسابات، مع خصوم سياسيين بعضهم آوى المرزوقي في فترة منفاه.
** ثانيا: أن هذا المؤلف لم يعتمد البحث العلمي على كثرة الجامعيين الأكاديميين حول رئيس الجمهورية.
** ثالثا: أنه حفل بأخطاء فظيعة، أسوق واحدة منها ، متمثلة في أن صحفيا صديقا يدعى ماهر المذيوب جاء ذكر اسمه على أنه استلم مالا في سنة 1991 و1992، وتبين أنه كان في السجن في تلك الفترة ، وأنه كان في الزنزانة رقم 17 ، وعند زيارة السجن  المدني 9 أفريل من قبل وفد الرابطة التونسية لحقوق الإنسان المتشكل من منصف المرزوقي ذاته، ومن فرج فنيش أمين المال، وخميس قسيلة عضو الهيئة المديرة،   والطاهر شقروش، وكنت أيامها أمينا عاما مساعدا في هيئة الرابطة ، وتحت الإلحاح الشديد لوفد الرابطة تم استقدام ماهر المذيوب  لمكتب مدير السجن ، وكان في حالة يرثى لها بعد تعذيب شديد ناله وكانت علامات التعذيب بادية على كل جسمه.
 وأذكر وقد توليت  بعد سنوات شخصيا الإشراف على تحرير مذكرة التخرج في مجال الصحافة للسيد ماهر المذيوب ، بعد أن  غادر السجن واستكمل دراسته، أنه عانى الأمرين في العثور على شغل أيام لم يكن يعز الشغل، واضطر بتدخلات لدى سفارة البحرين للعمل كمترجم في سفارة تلك الدولة، فيما توالت عليه العروض من دولة الإمارات وقطر وغيرها ، باعتبار كتاباته المتميزة، في صحيفة الحياة اللندنية بتشجيع من الزميل رشيد خشانة، غير أنه تم الامتناع عن تسليمه جواز سفره لمدة سنوات طويلة تم خلالها تفويت فرص عديدة عليه في محاولة للتجويع تعود عليها نظام بن علي.
وهذا خطأ من أخطاء كثيرة  مست الناس في أعراضهم من خلال هذا الكتاب ، وشهرت بهم عن حق أو باطل، ونالت من سمعتهم وأضرت بعائلاتهم بين الناس، من زوجات وأطفال صغار أصبح يشار لهم بالبنان، في مجتمع لا يرحم.
ومن هنا  يبدو مدى الخطأ الجسيم الذي ارتكبه الرئيس منصف المرزوقي، والذي يتحمل تبعاته لا فقط القانونية ، وتلك مسألة يمكن أن يتولاها القضاء طال الزمن أو قصر ، ولكن بالخصوص الأخلاقية التي تصيب المرء في مقتل، وأيضا السياسية، فالرئيس المرزوقي بهذا الكتاب الفضيحة إنما حكم كما لم يحكم من قبل على مستقبله السياسي، وأضر بحزبه الذي كان قد تهاوى لا فقط في عمليات سبر الآراء، ولكن أيضا بين الناس والطبقة المثقفة والنخبة التي يحرص رجل السياسة عادة،وتحت كل سماء  على جعلها تقف في صفه إلا رئيسنا الذي جعلها تقف ضده.
وهو وقد أصابه اليأس من احتمالات عودته لقصر قرطاج بأي صورة من الصور، ما دام الانتخاب  للمنصب الرئاسي سيتم بالاقتراع العام ، هل يكون أراد تلويث سمعة الناس كانتقام مسبق، والانتقام في كل الأحوال ليس من شيم ذوي الأخلاق ، ولا من شيم السياسيين حتى بالمعادلات السياسية.
ومن يدريني والسيد منصف المرزوقي قد كان يزورني في مكتبي لنشر مقالاته الغزيرة، ولكن أيضا الرائعة الممتعة المتميزة، وكان يمهر بكتبه وفي صفحتها الأولى بتوقيعه وإهدائه كتبه التي كان يهديني إياها ، وقد  تناولنا الماء والملح  معا ومع آخرين في بيت صديقه السيد إسماعيل بولحية، في معهد كارنو مقر إقامة الزوجة المحترمة السيدة سعاد بولحية،  أيام كانت مديرة المعهد النموذجي والتي كانت تتفنن في تحضير وجبات رائعة، ثم نترك السيد منصف المرزوقي ضيفا ليبيت عندهما، باعتبار أن محل إقامته في سوسة.
 من يدريني إن لم يكن كتابه القادم سيتناولني أنا شخصيا ، ظلما وبهتانا كما تناول الكثيرين من الشرفاء ، مثل المثال الصارخ للسيد ماهر المذيوب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق