الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
ما هو مستقبل
تونس في ظل رئيس الحكومة الجديد؟
تونس/ الصواب
/16/12/2013
خرج علينا
الحوار الوطني برئيس حكومة جديد، من حيث لم يكن أحد يحتسب.
المهدي جمعة،
قال البعض المهدي المنتظر، أو لعله غير المنتظر.
ولكن دعونا
نعود إلى قليل من الجد، هو مهندس في الميكانيكا ، ارتاد المدرسة العليا للمهندسين،
تقريبا في وقت متزامن مع عبد الكريم الهاروني، وزير النقل، اختلفت الآراء حول ما
إذا كان من الإسلاميين الناشطين المناضلين في الإتحاد التونسي للطلبة أو لا، ولقد
سألنا اثنين من الذين زامنوه في الدراسة تقريبا
في المدرسة، كلاهما في اختصاص الهندسة المدنية ، ولكنهما
اختلفا فيما إذا كان إسلاميا أم لا ، وأيضا هل بقي منتظما أم لا، ولعل للمرء أن
يرجع لمقولة تقول، من لم يكن ماركسيا في العشرين من عمره فهو بلا قلب ، ومن بقي
كذلك في الثلاثين فهو بلا عقل.
هل يصح هذا
على الإسلاميين ـ طبعا لا أقول المسلمين ـ .
المهم اليوم
فهو رئيس حكومة تونس لمدة يمكن تقديرها لما بين 6 اشهر وسنة.
وهذه حقيقة
لا بد من التعامل معها، مهما كانت الأخطاء التي ارتكبتها المعارضة أو اتحاد الشغل،
في تقدير الأشياء وفي قدرة النهضة، على المناورة بصبر وأناة حتى تفرض مرشحها.
ثلاثة أخطاء
من وجهة نظرنا شابت هذا الإختيار:
أولها : أنه
كان مفضلا أن يكون رئيس الحكومة الجديد من خارج الفريق الحكومي الحالي.
ثانيها : أنه
كان يفضل أن يكون شخصية لها مداخل فعلية وحقيقية إلى المؤسسات المالية الدولية،
الضامنة لاحتمال تدفق السيولة المالية بمختلف أصنافها.
ثالثها وليس
آخرها: أن يكون له دالة على الشعب، عبر معرفة جيدة من المواطنين له، ورئيس الحكومة
الحالي هو شخص مشهور بقلة معرفة الناس به، حتى من الطبقة السياسية.( Illustre inconnu)
بقي أن حقيقة
صماء أصبحت قائمة اليوم. وهي أن رئيس الحكومة هو مهدي جمعة.
ورجل
السياسة، وحتى المراقب الفطن لا ينبغي له أن يلعن الغد.
**
لكن مهدي جمعة أمامه إذا أردنا امتحان عسير
ليثبت ثلاثة أشياء في منتهى الأهمية، وليزيل عن نفسه كل الشوائب التي قد تكون علقت
به مما يقال وحتى ما لا يقال إلا همسا:
1/ أنه ليس
من أتباع النهضة أو المؤتمرين بأوامرها
2/ أنه على
نفس المسافة من كل الأطراف
3/ أن تشكيلته
الحكومية وإن كان سيستشير بشأنها كل الأطراف، فإنه هو مصممها ومنفذها. وأنه ستضم
كفاءات فعلية لا مجرد وزراء، كما رأينا في حكومتين سابقتين لا كفاءة لهم، وأيضا في
استقلال كامل لا تشوبه شائبة.
هذا هو
الامتحان الأول الذي لا ينبغي أن يرسب فيه، فلا مجال لاستعارة أسماء من الحكومتين
السابقتين ولا من الأحزاب، ولا حتى من المحسوبين على الأحزاب وما أكثرهم، ولا مجال
لحكومة بعشرات الأسماء، ولا مجال لحكومة لا تنصرف فورا للعمل، وتكون خاضعة إلى حد
بعيد لتوافق شعبي واسع لا لاغلبية تأسيسية
ينبغي الاتفاق على أنها منبثقة من انتخابات تعرت شرعيتها، سواء بمرور الزمن
أو بالفشل الكبير الذي صاحبها.
ماذا ينتظر
الشعب من هذه الحكومة؟
لا أكثر ولا
أقل من أن تبدد الضبابية المحيطة بالوضع السياسي ، وإعادة الثقة للفاعلين
الداخليين ولكن بالخصوص للفاعلين الخارجيين، الذين بدونهم لن تستطيع البلاد الخروج من المأزق الذي وضعها فيه حكم
العامين المنقضيين.
لا أكثر ولا
أقل أن أن تصل بالبلاد إلى انتخابات نزيهة وشفافة ، وهذا هو الأمر الأصعب ، وهو ما
سيدل على ما إذا كان رئيس الحكومة الجديد تابع للنهضة فعلا أو غير تابع، ويتميز
بحياد فعلي أم لا:
** قيادة
البلاد إلى انتخابات في مناخ سليم
** البدء
فورا بحل روابط "حماية الثورة" فلا مجال للحديث عن انتخابات نزيهة في ظل
ميليشيات، برز ضررها على المناخ السياسي في البلاد.
** اتخاذ
الإجراءات اللازمة بشأن تنقية الحياة السياسية والجمعياتية من سيطرة المال الفاسد
وحتى غير الفاسد، الذي يؤثر في تكافؤ الفرص النزيهة بين الأطراف المتنافسة.
** مباشرة
فحص التعيينات خاصة على المستويات الجهوية والمحلية ، من ولاة ومعتمدين وعمد ( كان
المساس بسلكهم سببا في عمى أجهزة الاستخبارات التي كانت إلى حد ما تعتمد عليهم،
فضلا عن الدور السياسي المشبوه المكلفين به)، والمسير نحو وضع مستقلين لا يخشى من
محاولة تأثيرهم على سير الانتخابات، وإلا فيا خيبة المسعى. هذا إضافة إلى تحييد
النيابات الخصوصية .
ومما لا شك
فيه فإن هذه الحكومة التي بطبيعتها ستكون قصيرة العمر، لن تتمكن من حل المشاكل
الكبرى التي تتخبط فيها البلاد، جراء سياسات خاطئة تتوسل للناس قصد ضمان تصويتهم
في الانتخابات المقبلة، وترفض اتخاذ القرارات المتسمة بالمرارة والتي ستتجه إليها البلاد حتما في يوم قريب، باعتبار أن تونس ومنذ2011 تعيش فوق مستوى إمكانياتها، وستضطر
لسداد ديون خارجية تم اقتراضها لا بغرض التنمية، ولكن بغرض سد ثقوب فاغرة في
موازين الدولة. وسيكون ضغطها على الأجيال المقبلة فوق طاقة الاحتمال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق