Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الجمعة، 3 أكتوبر 2014

مراقبة انتخابات 1994


مراقبة انتخابات 1994

يقدمها عبد اللطيف الفراتي
تونس/ الصواب /04/10/2014
بمناسبة إجراء الانتخابات التشريعية أواخر هذا الشهر والانتخابات الرئاسية في خلال الشهرين القادمين بين دورة أولى واحتمالا غالبا دورة ثانية، وما أعلن من نية مراقبة الصحافة سواء عن طريق الهايكا أو عن طريق مرصد شكلته الهيئة المستقلة للإنتخابات  للتغطية الصحفية ، يجدر القول إنه سبق أن تشكل فريق للرصد الصحفي بمناسبة انتخابات 2004 عمل تحت إشراف وفي مقر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ، التي كانت تخضع في تلك الفترة لمضايقات كبيرة من قبل السلطة، وبلغت تلك التضييقات حدود من يدخل ومن يخرج للمقر.
ولذلك كان عمل المرصد الذي كشف عن خروقات كبيرة صعبا جدا، وفي ظروف عمل معقدة، فالسلطة القائمة لم تكن تريد أن تكشف التجاوزات.
وكنت ضمن الفريق الذي تولى الرصد آنذاك ، ونالني بعد تقديم تقريره ما نالني أنا وغيري من أفراد الفريق.
**
وكنت قد دعيت من طرف رابطة الدفاع عن  حقوق الانسان في انتخابات 1994 لأشارك في المرصد الذي شكلته الرابطة  بدعوة من رئاسة الجمهورية.
وقد استلمت خطتي التي من المفروض أن تستمر من فترة قصيرة قبل فتح المركز الانتخابي وملاحظة فراغ صندوقي الاقتراع ( التشريعية والرئاسية) حتى انتهاء فرز الأصوات.
وقد بقيت طيلة اليوم لأسجل ملاحظاتي ومنها تولي وزير أسبق التصويت لنفسه ونيابة عن أفراد عائلته ، ولم تكن الأحزاب قد وكلت في ذلك المكتب أي ملاحظ (وهو مكتب وحيد في مركز من 6 مكاتب واقع بالمنزه).
ومن هنا كنت الراصد الوحيد في المركز  الذي عينته الرابطة، وكنت قد انتهيت للتو من عضويتي كاتب عام مساعد) في الهيئة المديرة ، التي تولت المسؤولية بين 1989 و1994 تحت رئاسة منصف المرزوقي، الذي كان في خلاف دائم مع عدد من أعضاء الهيئة، بسبب ما اعتبر تفرده في الرأي والقرار، وكنت أيامها أعقد اجتماعات في بيتي يحضرها  منصف المرزوقي ، وأعضاء  ممن يعتبرون كبار القوم في الهيئة( وتضم 25 عضوا) لتسوية الخلافات، وفي سنة 1994 لم أجدد ترشيحي للهيئة المديرة الجديدة ولا السيد منصف المرزوقي نفسه ، وانتخبت الهيئة  التي سيترأسها بكل اقتدار  آنذاك السيد توفيق بودربالة ، وهو رجل اشتهر بالمرونة ، لكن مع التمسك بالمبادئ وعدم التنازل مطلقا، لم أجدد ترشيحي باعتبار أني على كثرة الجمعيات التي تحملت فيها المسؤولية وحتى الرئاسة، لم أقبل مطلقا بقضاء فترتين متلاحقتين في المسؤولية ، وإن كنت في بعض الأحيان قد عدت للمسؤولية  في الهيئات ولكن بعد انقطاع لمدة تطول أو تقصر.
لا علينا ، ففي حدود منتصف النهار جاء نادل، لمكتب الاقتراع  بصندوق به ساندويشات ومشروبات ، تولى رئيس المكتب توزيعها على مساعديه ، ومر علي مرور الكرام ، رغم أن المفترض أن تلك الوجبة توزع لا فقط على المراقبين ولكن خاصة على الراصدين، كنت حينها قد أصبت بعد  بمرض السكري عافاكم الله ، وبقدر ما كان يتوجب علي عدم تناول ما يمكن أن يرفع نسبة السكر في الدم، فقد كان يتوجب  علي أيضا أن لا تنزل تلك النسبة نتيجة الجوع.
كان الهدف هو دفعي للمغادرة، ولكني بقيت في مكاني في ما تكاثرت الإشارات التي تريد مني أن أغادر ولو لوقت معين.
في حدود الخامسة ظهرا دعاني رئيس المكتب ، وهو من معارفي إلى الخروج، ورفعت صوتي بالإحتجاج ، فأنا معين من قبل رابطة حقوق الانسان ، التي كلفها رئيس الدولة برصد مدى شفافية الإنتخابات، بينما أعضاء المكتب معينين بقرار من وزير الداخلية.
عندما امتنعت من الخروج، وقف رئيس المكتب بالباب ونادى الشرطي الموجود هناك ودعاه إلى إخراجي بالقوة ، وقتها بادرت بالخروج ، وتسمرت أمام باب المكتب الانتخابي ، غير أن رئيس المكتب لم يكن ليرضى بذلك ، لأنني كنت أستطيع رصد التحركات من أمام المكان، وطلب منه (أي الشطي ) أن يضعني في الشارع  خارج المركز الإنتخابي أي أمام الباب الخارجي للمؤسسة التعليمية، وتفضل علي بمكرمة عندما قال لي إنه بإمكاني العودة للرصد عند انتهاء التصويت وقبل فتح  صناديق الاقتراع.
ولم يكن أمامي من خيار سوى القبول بالأمر الواقع، بقيت في الانتظار حتى تكرم علي رئيس المكتب وأذن بالدخول، وفعلا دخلت ، وفتح الصندوقان  بعد أن عبثت بمحتوياتهما الأيدي وتم حشوهما .
كنت قد قمت قبل المغادرة برصد عدد الذين دخلوا وصوتوا ، وكان العدد المعلن أكبر بكثير (أضعاف الأضعاف) ، وطبعا كان التصويت الغالب لمرشحي التجمع الدستوري، فقط بعض الأصوات للتمويه وجدوها بين ملغاة ولعدد محدود من المرشحين المعارضين.
ولقد دونت ذلك في تقرير كتبته على الكومبيوتر،  توجهت به إلى مركز المعتمدية في شارع جوغرتا ، ثم إلى مركز الولاية في شارع روما ،دون أن أحصل على ما يفيد أني سلمت شيئا رغم إلحاحي.
وللأسف فإن التقرير الذي كان مكتوبا على جهاز "أبل" قد ضاع مني مع القرص الصلب بعد أن استبدلت الجهاز .
ومن الذاكرة أستطيع أن أجزم بأن عدد المصوتين عندما أجبرت على مغادرة مقعدي في مكتب الإقتراع، لا علاقة له بما  تم إحصاؤه من أوراق انتخاب عندما تم فتح الصناديق ، بل إن العدد تضاعف عدة مرات ، قد لا يعني ذلك شيئا في ظل التصويت الأغلبي على القائمات ، فالمقاطعة كانت كبيرة جدا قبل أن تعبث الأيدي بمحتويات الصندوق ، وهو ما سيقع تغييره خلال فترة غيابي التي أحصيت فيها قدوم لا أكثر من 5 أشخاص لا للمكتب الإنتخابي بل للمركز كاملا.
**
ولذلك وعندما دعيت سنة 2004   أي بعد 10 سنوات من قبل منظمتين دوليتين :  
INTERNATIONAL MEDIA SUPPORT
و
CENTRE FORMEDI AND DEVELOPPMENT     بتوصية من المنظمات التونسية الثلاث :
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
وجمعية النساء الديمقراطيات
ومجلس الحريات
لم أتردد لحظة في قبول المشاركة رقم صعوبة المهمة وقلة خبرتي في الموضوع  ، التي اكشفت لاحقا أني لم أكن وحدي بين التونسيين الذين تولونها.
غير أن الإحاطة كانت كبيرة ومركزة، من قبل فريق مختص، جاء للمناسبة إلى تونس، ومكن من تأدية المهمة على أحسن وجه بفضل الخبرة والتجربة التي كانت متوفرة.
وكان الفريق تشكل من السادة :
MADEMOISELLE GIOVANNA  MAIOLA –analyse quantitative –
MADEMOISELLE DAPHNE SKYLEN –
Analyse qualitative-
MONSIEUR  TARAK SABRI – analyse qualitative-
MONSIEUR DAVID WARD –directeur du programme-
وأربعتهم وافدين من المجتمع المدني في الإتحاد الأوروبي، وقد اكتسبوا خبرة مشهود لهم بها في رصد التجاوزات الصحفية في خلال الفترات الانتخابية.
وقد تولى العملية التنفيذية بتوجيه من فريق القيادة كل من السادة والسيدات( حسب الترتيب الأبجدي بالأحرف  الفرنسية) :
-        عبداللطيف الفراتي
-        حفيظة شقير
-        كمال سدر
-        خالد كشتر
-        العربي شويخة
-        لطفي الحاجي
-        راضية الدريدي
-        سامي نصر
-        سميرة بوسلامة
-        سهام بن سدرين
-        سهير بلحسن
-        زينب فرحات
وللحقيقة فقد كلفتني هذه المهمة التي تجدون التقرير الصادر عنها لاحقا، كلفتني غاليا حيث اعتبرت من قبل السلطة قائدا للفريق ومنشطا له، وللحقيقة فإني كنت واحدا من بين أعضائه فقط ، وتصدرت القائمة لأني حملت الحرف الأول في الأبجدية الفرنسية.
وقد اعتبر التقرير في حينه معارضا للسلطة ، وهو شرف لا أدعيه وأعتقد أنه لم يدعه أي فرد من الفريق، وأستطيع أن أقول إنه لا يعدو أن يكون عملا علميا ، تم من خلاله رصد الكيفية التي تمت بها  التغطية الصحفية لانتخابات 2004، وهي تجربة لم تتكرر في انتخابات سنة 2009، فقد ازداد الضغط، وكانت رابطة حقوق الإنسان في مقرها محاصرة محاصرة لصيقة، ولم تكن في وارد أن تقوم بعمل مثل ذلك الذي تولته سنة 2004 بسبب اشتداد الظرف .
وفي ما يلي نص التقرير :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق