عربيات
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
ليبيا ،، الزلزال المهدد
تونس / الصواب/23/10/2014
لا يبدو التوانسة على وعي بالأخطار
التي تتهددهم ، فما بعد الانتخابات يخشى من أن يتحرك البركان، ولكن ما يجري على
حدودنا وحتى داخل أراضينا لا يستثير
اهتمامنا ولا يدفع بالخشية في نفوسنا .
ما بين 350 و500 ألف من الإخوة
الليبيين بين ظهرانينا مقيمون دائمون،
جانب منهم من أنصار النظام السابق ، وجانب آخر هارب من جحيم ما يجري ، وفي الغالب فإن عددا مثله من أصحاب الاقامة
الوقتية ، ممن يأتون للتداوي أو لأغراض أخرى لا يعلمها إلا الله.
وداخل ليبيا وعلى حدودنا براكين متفجرة أخرى.
حروب ومواجهات بين من ينتمون للدولة
المدنية ، ومن ينتمون للدولة ذات المرجعية الدينية ، حروب قبلية وأخرى بين من
يعلنون انتماءهم للإسلام ، منهم الاخوان وهم الأقل " خطرا " ولكن منهم
أنصار الشريعة ، ( الجماعة المعتبرة إرهابية في تونس ، بعد أن دللتها النهضة )
الموالية للظواهري والقاعدة ، وخاصة أتباع
الدواعش والمعلنين في" درنة "عن البيعة "للدولة الاسلامية في
العراق والشام.
هذا هو الخليط المتفجر على حدودنا ، وهو يتهدد
نموذجنا الذي يراه البعض حتى منا ( حزب
التحرير) معاديا للإسلام باعتبار اعتماده على مقولة "الحاكمية لله" وبالتالي عداءه للديمقراطية والدولة القطرية.
أصداء ذلك في تونس تدق في آذاننا
كالطبل ، وليس لنا موقف موحد تجاهها.
**
في 25 جوان الماضي حصلت انتخابات في
ليبيا مشهود لها بالشفافية والنزاهة ، هذه الانتخابات سحبت البساط من تحت
أرجل القوى التي تدعم بصورة أو بأخرى الدولة ذات المرجعية الدينية ، هذا إن
كانت تؤمن بالدولة الوطنية
وليس بالخلافة الهلامية.
وسيطر على البرلمان الجديد التوجه
المدني، فانفرط العقد ، وباتت الديمقراطية غير مرغوبة طالما إنها لا تستجيب
للمقولة التي تقول ، بأن صندوق الاقتراع يصلح لمرة واحدة ، للوصول إلى السلطة ، ثم
ينتهي دوره بحكم وصول حكم الله.
اضطر البرلمانيون الجدد إلى الهروب
بمجلسهم ، إلى طبرق المدينة الساحلية في أقصى شرق ليبيا ، وإلى تشكيل حكومة هناك ، تحالفت مع الجنرال
حفتر ، من أجل إعادة سيطرة الشرعية على القطر الليبي ، شرعية تتمثل في البرلمان
المنتخب والذي تسيطر عليه الجهات المدنية ، بعد أن سقط حكم المؤتمر العام الذي كان
مواليا للجهات الدينية.
لم تعترف القوى الاسلامية بالبرلمان
الجديد ، وتشبثت بالمؤتمر العام ، الذي من
المفروض أن تكون ولايته قد انتهت بانتخاب البرلمان الجديد.
والصورة اليوم تتمثل في سلطة تشريعية
وحكومة جديدة برئاسة عبد الله الثني ، ذات مرجعية مدنية هاربة إلى طبرق ، وبرلمان انتهت ولايته وحكومة
موازية في طرابلس.
المجتمع الدولي وكما هو متوقع اعترف
بالحكومة القائمة في طبرق ، باعتبارها شرعية ، وعلى أساس أنها منبثقة من انتخابات
تمت الشهادة بنزاهتها وإن لم تكن تسيطر على كل الإقليم ( القانون الدولي يعترف
بالحكومة التي تسيطر على ما يسمى الاقليم أي أرض الدولة أو أي جزء منه) ، وبالتالي
فإن الثني رئيس الحكومة هو المعتبر اليوم دوليا المخاطب الكفء.
وفي خطوة حاسمة تم الاعتراف بالجنرال
الانقلابي وتم الدمج مع بقايا الجيش الليبي
( الخاضع لحكومة الثني ) الذي أخذ
يستعيد زمام المبادرة ، بالسيطرة وفقا لتأكيدات جهات عديدة لا شك في
مصداقيتها ، على ما بين 60 و75 في المائة من مدينة بنغازي ، كبرى المدن الشرقية في
ليبيا ومنطلق الثورة سنة 2011.
فيما اصبحت قوات حفتر تهدد بالدخول
إلى طرابلس التي أتم المتشددون افتكاكها في شهر أوت الماضي.
تونس الرسمية تلازم الحذر ، ولا تريد أن تضع أصبعها
رسميا في عش الدبابير الليبي ، حتى لا تحترق من الاقتراب إلى لهيبه،
غير أن المجتمع السياسي لا يبدو على
اتفاق ، وما يظهر من الصورة هو أن الجهات الناسبة نفسها للمجتمع المدني ، تقف إلى
جانب حفتر والجيش الليبي ، فيما المنتسبون للمجتمع الديني بما فيهم حزب النهضة
يبدون أميل للتوجهات التي تتمثل في أنصار الشريعة وعبد الحكيم بالحاج ومختلف
الجهات ذات المرجعية الدينية بما فيهم الاخوان ، ولعل هذا ما يبدو بوضوح من المواقع
الاجتماعية القريبة من النهضة مثل "موقع المحرر" وغيره من المواقع
المحسوبة عليها ، والتي تبدو على نفس الاتجاه مع مجموعات مصراتة والزنتان الذين
احتربا طويلا على مشارف مطار طرابلس قبل أن تسيطر عليه مصراتة الأكثر تطرفا.
على حدودنا الجنوبية الشرقية اليوم
جهات ليبية غير مأمونة ، بل ويمكن أن يأتي منها الخطر ، إما منها هي ذاتها ، أو في
حالة سيطرة الجيش الليبي الذي يجري تجهيزه بمعرفة دولية غربية ، على الجهات
الغربية من ليبيا ، حيث إن المجموعات الارهابية
تحت الضغط لا بد أن تبحث لنفسها عن منفذ إلى حدودنا هربا من القوات
المتقدمة لحفتر.
ومما يزيد الخطر على تونس أن البغدادي
المحمودي ينتمي إلى القبائل الواقعة على حدود تونس ، هذه القبائل لا يمكن أن تنسى
الخطأ غير المحسوب العواقب زيادة على
انعدام أخلاقيته في تسليم الرجل ، في تجاوز لكل الأعراف الدولية ، وهو ثمن ستدفعه
البلاد في حال استقر الأمر لتلك الميليشيات القبلية ، التي لها تماس وامتداد في
الجنوب التونسي.
على الصعيد الدولي ، لا بد من القول
إن كلا من روسيا والصين قد تركا الفضاء الليبي تماما وانسحبا منه، ولم يعد لهما
فيه حضور ، الغرب وخاصة فرنسا تخشى من التمدد الذي تمثله التيارات الموصوفة
بالإرهابية نحو منطقة نفوذها في إفريقيا الغربية أو الساحل.(خاصة مالي والنيجر)
من هنا تلقت كل من قطر وتركيا الأوامر
الأمريكية ولكن الاوروبية أيضا ، بكف المدد إلى الجهات الاسلاموية في ليبيا ، ما
يبدو ، هو أن قطر خضعت للأمر ، وكف مددها سواء اللوجيستي أو الدعائي عبر قناة
الجزيرة التي أخذ النظر إليها على اعتبار أنها
قناة تأييد الإرهاب ، الأمر ليس كذلك
بالنسبة لتركيا سواء لأسباب إيديولوجية وخاصة لأسباب مصلحية باعتبار أهمية
الاستثمارات التركية في ليبيا منذ العهد القذافي.
هل يخفف ذلك من احتمالات أن يؤثر ما
يجري في ليبيا بصورة مباشرة على تونس؟
سؤال الجواب بشأنه معقد ، كتعقيدات
الوضع الليبي ، وآفاقه التي لا يعرف أحد إن كان الحسم فيه قريب أم لا ، وهل ستعود
إلى ليبيا مظاهر الدولة المتماسكة والمركزية القرار، أم إنها في سبيلها إلى
التفتت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق