Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الجمعة، 17 أكتوبر 2014

الموقف السياسي : انتخابات 4 : من ينقذ تونس ؟

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الانتخابات .. على أعتاب الدولة الديمقراطية (4)
تونس/ الصواب /18/01/2014
غدا يكون قد بقي أسبوع بالتمام والكمال على موعد الانتخابات.
ومن المفروض أن يكون الغالب من الناس قد حزموا أمرهم ، على اختيار معين انتهوا إليه ، وسينتخبون من حزموا أمرهم  و قرارهم بشأنه.
كيف تتبدى الصورة وما هي ملامحها ؟ إن سارت الأمور وفق المراد ، وإن حصلت الانتخابات كما ينبغي لها أن تسير ، وإن لم تشكك هذه الجهة أو تلك في نتائجها ، فتخرج للشارع رفضا لما انتهت إليه ، لأسباب لا يعلم  إلا الله. فإن سيناريوهات عديدة مطروحة.
ليس أحد قادرا اليوم على التنبؤ ، فاستفتاءات الرأي غائبة في العلن ، بنتائجها التي لا ثقة كبيرة فيها ، وحتى الأجنبية منها الواقع تسريبها غير متفقة فيما بينها مما يقلل من المصداقية.
وبعكس الدول الديمقراطية العريقة ، حيث غالبا ما تعطي استفتاءات الرأي إشارات واضحة ، فإننا في تونس لا نكتسب لا الشفافية ولا التجربة ولا الخبرة ، هذا على فرض حسن الظن ، في الأجهزة لا التونسية ولا الخارجية .
أضف إلى أن استفتاءات الرأي هي صورة لوضع في يوم معين أو ساعة معينة لا غير ، يمكن أن تتغير بتغير المزاج ، أو خطئ يرتكب ، أو مناخ داخلي أو خارجي يطرأ.
ولكن ما هي التوقعات ؟
ليست هذه نبوءات ولكنها احتمالات.
أولا : من سيكون في المرتبة الأولى؟
ذلك مهم لأنه هو الذي سيدعى لتشكيل الحكومة ، أي المرشح للحكم في الفترة المقبلة.
إلى حد أسابيع قليلة مضت كان " نداء تونس" يروج إلى أنه هو المنتصر وبأغلبية نسبية مريحة ، وما زال ،
 يومها كانت "حركة النهضة " توحي بأنها  تبحث عن الحكم مع شريك مهم لأنها ليست واثقة من نفسها ، وقد أعطى هذا الانطباع راشد الغنوشي نفسه  من خلال ما أوحى به في لقائه الصحفي الأخير في قناة نسمة.
إلا  أن "حركة النهضة " نفسها غيرت لهجتها:
-        هل يكون وفقا لمعطيات جديدة  عن معطيات سابقة جاءت مغايرة لها.
-        أم لما بدا من إقبال على اجتماعاتها شعبي وكبير ، جعلها تندفع لقراءة أخرى غير القراءة الأولى
-        أم إنها سواء في الموقف الأول أو الموقف الثاني تريد أن تـــــــــخدع الناس( BLUFFER )أولا بموقف الضحية الذي سيخسر المعركة أو وثانيا بموقف المتأكد من النصر.
ما يبدو اليوم وما يتردد في أوساط المراقبين المطلعين أنه ليس هناك من يطمع في الحصول على أغلبية مطلقة  فذلك هدف غير واقعي البتة ، وما يتردد أيضا أنه ليس هناك حزب مهما كان يقدر اليوم على تحقيق انتصار نسبي في حجم انتصار النهضة في 2011 ، أي بالحصول على 89 مقعدا من 217 ، وما يتردد كذلك أنه مهما كان الانتصار اليوم لهذا الطرف أو ذاك ، فإنه سيكون بفارق عدد في الغالب محدود من المقاعد ، ما سيؤدي إلى نوع من التوازن غير المستقر بين طرفين كبيرين مع احتمال  منتظر  بأن تكون هناك أحزاب أخرى وازنة بعدد ثلاثة أو أربعة ، فيما سيتقلص عدد الأحزاب والمستقلين الذين يحوزون على عدد من المقاعد فردية أو قليلة العدد. ولكنها أو بعضها ستكون ثمينة في الحسم لإقامة أغلبية للحكم.
يبقى سؤال مهم ، وهو ما إذا كان الحزبان اللذان دخلا في ائتلاف مع النهضة بعد الانتخابات الماضية ، سيحافظان على وضعهما ، أو إنهما "سيتريشان"  في الانتخابات القادمة ، وهل إنهما إذا أبقيا على جانب من قاعدتهما النيابية سيكونان كافيين وحدهما ( في ظل توقع تراجع في عدد مقاعد النهضة حتى إذا حافظت على مرتبتها الأولى ) على تشكيل أغلبية كافية للحكم ، أم أن النهضة ستضطر للتخلي عنهما بحثا عن تحالفات جديدة مع أحزاب ، إن قبلت بالنهضة فإنها لن تقبل بمن تسميهم أذنابها ، وأذناب أذنابهما مثل التيار ووفاء.
**
ربما  نحن مقدمون إما على ائتلاف للحكم يكون وازنا وكبيرا أو على فترة قلة استقرار موجعة للبلاد ، تذكر بالجمهورية الرابعة في فرنسا تحت رئاسة فانسان لوريول وروني كوتي ، عندما كانت بعض الحكومات لا تبقى إلا 6 أشهر ثم تتهاوى.
وإذا كانت النهضة لا تكف عن المناداة بائتلاف حكومي بالأساس مع "الجميع وخاصة مع "نداء" تونس ، فإن نداء تونس يتمنع يوما بعد يوم.
هل هو موقف نهائي ، أم إنه موقف ظرفي في انتظار نتيجة الانتخابات التشريعية ، خوفا من أن يكون رصيد الأصوات الذي يعتمد عليه ، سيتفتت إذا علم الكثيرون بأن المصير هو تحالف مع النهضة المرفوضة هي ونمطها المجتمعي من جانب مهم من الطبقات المعتبرة مثقفة ، والمنحازة إلى ما تسميه الأحزاب المدنية ، والرافضة لكل تورط مع ما تسميه الأحزاب ذات المرجعية الدينية.
لكن الواقعية لا تعترف بهذه المواقف القاطعة .
بعض المراقبين يتوقعون أن ائتلافا كبيرا قد يحصل ليجمع النداء سواء كان في مرتبة أولى أو ثانية والنهضة سواء كانت في مرتبة أولى أو ثانية ، والجبهة الشعبية والمسار وآفاق تونس ، ولكن لم لا أيضا الاتحاد الوطني الحر إذا نال الكفاية من الأصوات والمقاعد.
وملامح هذا الائتلاف تتمثل في قاعدة عريضة ، باعتبار أن التحديات التي ستواجه الحكومة المنبثقة عن هذه الانتخابات ستكون من الضخامة بحيث يجب أن تتجند لها و معا كل القوى لاتخاذ القرارات الضرورية والمؤلمة المرة لوضع البلاد على سكة الاصلاح.
ولذلك فإنه من المتوقع أن تقوم الحكومة المقبلة في حالة حصول هذا السيناريو ، عى أساس برنامج مشترك يختزل كل البرامج ، ويضفي عليها واقعية ، انعدمت في ائتلاف ما بعد انتخابات أكتوبر 2011، وجعلت الحكم الحقيقي بيد حركة النهضة وحدها.
ولعل أصعب مهمة في الانتظار ترتكز على عنصرين اثنين:
-        طبيعة نمط المجتمع وستترك النهضة للبقاء في الحكم كثيرا من رياشها بشأن نمط المجتمع الذي بشرت به، والذي انتهجت سبيلا لتحقيقه في شراكتها مع التكتل والمؤتمر
-         طبيعة القرارات المريرة والموجعة التي تحتاجها البلاد في المرحلة المقبلة لتحقيق تقويم وإصلاح ( REDRESSEMENT) ضروريين بدونها ستزداد البلاد غرقا ، ويزداد اقتصادها وواقعها الاجتماعي انحسارا ، بعد التراجع الذي حصل خلال السنوات الأخيرة نتيجة عدم اتخاذ القرارات الشجاعة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وفي المحصلة وإذا قامت مثل هذه الحكومة بعد الاتفاق على أجندتها الصلبة والالتزام بها وبعد حصول ائتلاف حقيقي وليس أعرج كما كان الأمر في 2011 ، فإن جهات عديدة من المراقبين تعتقد اعتقادا جازما بأن المنافسة ستحتدم عى منصب رئيس المجلس النيابي ، وهل سيكون غالبا آيلا إما إلى علي العريض أو إلى محمد الناصر بحسب ما إذا كان المرتب أولا النهضة أو النداء.
أما منصب رئيس الحكومة فالغالب على الظن أن لا أحد يريده من الطرفين  فهو منصب حارق ، وهو منصب محفوف بالكثير من المواجهات وفقدان الشعبية لما ينتظر أن يحتاجه من قرارات لا شعبية موجعة ومرة.
ومن هنا لعل هذا المنصب يؤول إلى المهدي جمعة الذي ، وإن لم يبد خلال الأشهر الأخيرة  جرأة في اتخاذ قرارات حاسمة ، باعتباره وقتيا ولا يملك التفويض الضروري ،  فإنه سيكون مضطرا للمرور إلى سرعة أكبر وأخذ الثور من قرونه ، والقيام باتخاذ القرارات اللازمة للاصلاح ، والتي تضع الاقتصاد على سكة السلامة في أفق 2019 ، أي عشية الانتخابات التشريعية لتلك السنة.
هل سيكون المهدي جمعة هو أوزال تونس، وهل  كان يمكن أن  يكون مصطفى كمال النابلي على رأس وزارة اقتصادية كبرى لو لم يترشح لرئاسة الجمهورية ،  هو كمال درويش تونس ، وهما اللذان أنقذا فعلا الاقتصاد التركي ووضعاه على السكة لا أردوغان  كما يقع ترويجه . ؟
لا أحد سيجرؤ من وجهة نظرنا على تصريف الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للسنوات الخمس المقبلة ، لئلا يحترق قبل الأوان لا النهضة ولا النداء.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق