Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 19 أكتوبر 2014

جهات وأقاليم .. تصور للأقاليم السبعة ومضمونها الجغرافي

/جهات وأقاليم /
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الدستور الجديد ، والسلطة المحلية ، والتقسيم الإقليمي
تونس / الصواب / 19/10/2014
خصص  دستور 27 جانفي 2014  بابه السابع للسلطة المحلية ،  واعتبر ذلك تنفيذا لسياسة لامركزية تعطي مناطق داخل البلاد صلاحيات واسعة لتصريف شؤونها، وقسم الأمر إلى بلديات وسلطات جهوية ( ولايات معتمديات عمادات) ومجالس أقاليم ، ومتع الدستور هذه الهياكل على عكس ما كان الأمر سابقا بالشخصية القانونية والاستقلالية الادارية والمالية ، وإذ نص الدستور في فصله 133 على إدارة غير مركزية منتخبة ، فإنه خص البلديات بالانتخاب العام الحر المباشر سريا ونزيها،وشفافا ( لا تضمن سريا ونزيها وشفافا  لا تضمن عادة في الدساتير فهي من تحصيل الحاصل ) أما مجالس الأقاليم  فقد نص الدستور على أن يتم انتخابها بصفة غير مباشرة وليس بالاقتراع العام.
واقتضى الدستور ( الفصول من 131 إلى 142 ) أن تكون لهذه المؤسسات موارد تأتيها من أداءات محلية وأخرى محالة من المستوى المركزي.
**
ولعله وجب الإسراع في إصدار القوانين التي تهم صلاحيات هذه المؤسسات ، وخاصة استكمال المجلة الانتخابية بشأن طريقة انتخابها. ولكن وفي الأثناء لعله وجب النظر ، في التقسيم الإداري الحالي على الأقل بالنسبة لولايتين متعملقتين وثالثة عودة للواقع التاريخي هي  جربة  ، هما ولاية نابل وولاية صفاقس، ومنذ سنوات طويلة قام عائق أمام تقسيم ولاية نابل إلى ولايتين اثنتين ، قام على حساسيات جهوية ، فسكان قليبية يعتقدون أن مدينتهم هي الأولى بأن تكون عاصمة ولاية الدخلة ، على اعتبارها هي الأكبر، فيما سكان منزل تميم يعتقدون أن مدينتهم هي الأولى ، خاصة وأنها كانت عن طريق محمود زهيوة في مقدمة الحركة الوطنية بقيادة بورقيبة ، بعكس قليبية ، التي كانت منضوية تحت حزب الدستور القديم بزعامة محي الدين القليبي ، ثم انخرطت في الحركة اليوسفية ، والاعتقاد الجازم أنه وجب تجاوز هذه الحساسيات وإن لزم الأمر بتحديد ملامح الولاية الجديدة وحدودها وإجراء استفتاء حول اختيار عاصمة لها.
أما الولاية الثانية المتعملقة فهي ولاية صفاقس ، بقرابة  مليون ساكن ، وعندما طرح أمر تقسيمها ، ثار إشكال هل لولايتين أو ثلاثة ، فالولاية تمتد طولا شمالا وجنوبا حول المدينة ، ولو اتجه الأمر إلى تقسيم منطقي فإنه وجب إيجاد ولاية شمالية ، تكون عاصمتها إما الحنشة الواقعة على الطريق الرئيسية أو جبنيانة التي لها تاريخ عريق ، وسواء في هذه الحالة أو تلك هناك تساؤل ، هل ينبغي أن تستعيد الولاية الجديدة معتمدية الشابة التي ألحقت بولاية المهدية وبقيت مرتبطة بحبل سري ( من السرة لا السرية) بصفاقس ، لتكون هي عاصمة الولاية.
ومن الجهة الجنوبية والغربية فالسؤال المطروح هل تكون المحرس أو منزل شاكر والبعض يقول الصخيرة عاصمة للولاية الثالثة.
، ما يعني أن عدد الولايات   قد يقفز من 24 ولاية إلى 26  وربما  27  أو حتى 28 كما سنرى لاحقا. وهو أمر ضروري النظر فيه قبل الحديث عن الأقاليم وتركيبتها.
**
عندما يلقي المرء نظرة على برامج الأحزاب يجد أن غالبها متفق على تفعيل باب السلطة المحلية  في الدستور باتجاه إقامة أقاليم ، وإعطاء صلاحيات حقيقية للبلديات والولايات والأقاليم ، وتحريرها من قبضة المركز أي العاصمة التي لا ينتابها شعور باحتياجات الداخل ، وليس لها مقياس لنبضها ، ولما كان المال هو قوام الأعمال فإن هناك اتفاقا لإعطاء الامكانية للسلطة المحلية في مختلف مستوياتها ، لضبط ميزانيات مناطقها ، و تولي صرفها بعيدا عن أوامر ونواهي المركز ، مع إعطاء سلطة تعديلية للعاصمة في مجال تقريب الشقة بين المناطق التي لها إمكانيات وتلك التي تنقصها الإمكانيات عبر المال المشترك الذي توزعه مؤسسات العاصمة على الأقاليم لتقريب الشقة بينها ، وتقريب الفوارق ، والتمكين من قدرة فعلية على اللحاق .
ومن تلك البرامج الحزبية واستلهاما من التجارب الخارجية يمكن أن ننتهي :
أولا إلى أن الخيار الأفضل للتقسيم الاقليمي المقبل ، هو الخيار الأفقي ، فلا يتم جمع ولايات نسبيا مرفهة فيما بينها ، وجمع ولايات أقل حظا فيما بينها.
ثانيا أن يكون لكل إقليم مدخل على البحر وأن تكون الأقاليم أقرب إلى التوازن  خاصة ديمغرافيا.
ثالثا أن تكون عاصمة الاقليم في مدينة داخلية وليست الأفضل حالا. وباعتماد هذه المقاييس يمكن اعتماد الخريطة التالية:
1/ إقليم   "قرطاج" ويضم كلا من ولايات تونس العاصمة و أريانة وبن عروس ومنوبة . وكله مفتوح على البحر بمينائين كبيرين أحدهما وهو ميناء رادس يعتبر أكبر ميناء توريد في البلاد  ومطار دولي هو الأكبر في البلاد ، وتكون عاصمة هذا الاقليم في باردو. ويضم اكثر من 3 ملايين ساكن.
2/ إقليم البرتقال ويضم ولاية نابل ( ربما تنقسم إلى ولايتين  الوطن القبلي  والدخلة )  و زغوان ، وهو قريب جدا من مطار إقليم قرطاج و مينائي الإقليم ،  ومطار تونس قرطاج الدولي ،ويسكنه حوالي مليون ساكن ، وتكون عاصمته زغوان  أو ربما الفحص.
3/ إقليم "الشمال"  ويضم كلا من ولايات بنزرت وباجة والكاف وجندوبة وسليانة بمجموع سكان أقل من مليوني ساكن ، وتكون عاصمته سوق الأربعاء ، ويتمتع بميناء ينبغي أن يقع تأهيله في بنزرت كما إنه يحوي مطارا في طبرقة في حاجة إلى تأهيل هو الآخر،  كما إنه إقليم مفتوح لقرب الشقة إلى مطار تونس قرطاج وإلى موانئ إقليم تونس وكذلك مطار النفيضة.
4/ إقليم "عقبة" ويضم  ولايات سوسة والمنستير والمهدية وخاصة القيروان ، ويسكنه حوالي 2.2 مليون ساكن ، ويتمتع بميناء تجاري في سوسة في حاجة إلى تأهيل ،  ومطارين دوليين في المنستير والنفيضة . وتكون عاصمته مدينة القيروان.
5/ إقليم الزيتون ويضم ولايات  صفاقس(ربما تنقسم إلى ولايتين أو ثلاثة) و سيدي بوزيد والقصرين ويسكنه أقل من 2 مليون ساكن وبه ميناء يعتبر الميناء الأول في التصدير في تونس ، ومطار يجدر تأهيله وإعطاؤه ما يستحق من أهمية.وتكون عاصمته سيدي بوزيد باعتبارها تتوسط الاقليم ، كما إنه يمكن أن يستخدم المطارين الموجودين في قفصة و توزر لقرب المسافة.
6/ إقليم "الفوسفاط" ويضم ولايات قابس وقفصة وتوزر وقبلي، وهي الولايات الأكثر ثراء مع إقليم "الجنوب" أي الذي يشمل مدنين وتطاوين باعتبارهما المصدر الأول للثروتين الفوسفاطية والبترولية ، وسكان هذا الإقليم حوالي 900 ألفا ،  ويعتمد هذا الاقليم على ميناء كبير  في قابس و3 مطارات دولية ينبغي تأهيلها في قابس وقفصة وتوزر ، وتكون عاصمته  المتلوي.
7/ إقليم "الجنوب "ويضم ولايات مدنين ( وربما ولاية جديدة في جربة كما كانت أيام الفترة الاستعمارية) و تطاوين .
ويعتبر هذا الاقليم أو ما زال يعتبر الأغنى بحكم الثروة البترولية المخزونة فيه وباعتبار إمكانياته في إطلاق مركزيات ضخمة لإنتاج الكهرباء بواسطة اللوحات الفوتو فولتاييك ، كما حصل في المغرب .
ويكون هذا الإقليم هو الأكبر مساحة حيث يحتل ما بين ربع وثلث مساحة البلاد ولكن الأصغر سكانا  بحوالي 625 الف ساكن. ولكنه يعتمد واحد من أكبر المطارات الدولية في البلاد وميناء في جرجيس الذي  لا بد من تأهيله.
وربما سيتم تعمير هذا الاقليم إذا خلصت النية وتوفرت الارادة السياسية لتجعل منه قطبا طاقيا ضخما ، وتكون جربة هي عاصمته لرد الاعتبار إليها بعد طول تهميش بسبب اعتبار أنها هي التي أنجبت صالح بن يوسف وانتمت إلى تحركه السياسي في وقت من الأوقات.
**
هذا هو التوصيف وفي حلقة مقبلة يمكن أن نتحدث عن الكيفية التي يمكن أن تجعل من كل إقليم وعدة اقتصادية اجتماعية قائمة بذاتها ، ولكنها مندمجة في النسيج العام لبلد تتفاعل أقاليمه وتعمل بانسجام وعدل وإنصاف للنهوض به ، وتقاسم ثمرات الثروة التي يبدعها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق