Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الجمعة، 27 فبراير 2015

سانحة: ذهب عبد القادر الزغل وبقيت آثاره الكثيرة والمتميزة

سانحة : العالم الجليل رحل ، ولكن ترك تراثا كبيرا

تونس في 27/02/2015
الأستاذ الكبير السيد حامد الزغل المحترم
أستاذي وقدوتي ومعلم الأخلاق  الصحفية الذي كم استوحيت منه
لقد تأثرت تأثرا كبيرا لنعي شقيقكم الدكتور عبد القادر الزغل ، العالم الكبير الجليل  الذي ترك بصمات غائرة في جبين كل العلوم في بلادنا ، ولم يبخل عليها لا بجهد ولا بفكر ولا بتضحية.
ولقد أعجبني الرجل وتابعت مسيرته باهتمام منذ سنوات طويلة ، وأذكر له في ما أذكر ثلاثة مواقف بين غيرها كثيرة رسخت في ذهني :
الأول في سنة 1988 ، عندما كان الحديث عن الحزب الاشتراكي الدستوري ، وفي أحد الاجتماعات ولم يكن هو دستوريا ولا أنا ، عندما رجع بنشأة الحزب الذي حرر البلاد وبنى دولتها إلى سنة 1920 لا إلى سنة 1934 كما كان يحاول بورقيبة أن يرسخ في أذهاننا. تلك حقيقة جديدة كان أول من صدع بها.
الثاني في سنة 2012 عندما قال إنه لا يريد أن يموت غبيا ، فانخرط في نداء تونس ، وعهدي به أنه يمج التحزب ، ذلك أن عبد القادر الزغل وأمام ما كان يتهدد البلاد في نمطها المجتمعي اختار أن يكون مع الأقدر على حماية ذلك النمط الذي شرعت بلادنا وهو الأدرى، في  إنجازه وفي عملية تحديث عميقة تولاها عدد من العمالقة أعتقد أنه كان واحدا منهم بعد استمرار شارف القرنين، رافضا  أن يتهدده تصور تراجعي .
والثالث ما أصدره مؤخرا من كتاب مع الباحثة الشابة الموهوبة الدكتورة آمال موسى  في تواضع منه كبير ، ومن سوء حظي أني اقتنيته ، ولكني لم أشرع بعد في قراءته لاصطفاف الكتب على مكتبتي وعجزي عن ملاحقة دفقها السريع ، وتقهقر قدرتي على القراءة السريعة  بسبب تقدم  السن، وتوزع وقتي بين الكتابة والقراءة والمتابعة التلفزيونية والإنترنت وحضور المحاضرات أو جلسات مناقشات الاطروحات.
قد يكون عبد القادر الزغل توفي ، ولكنه بقي حيا بمكتبة بقدر غزارة مؤلفاتها ، بقدر أهمية ما طرحته ، من أفكار ونظريات ، لاحقت الأحداث فسبقتها.
وإذا كان عبد القادر الزغل قد رحل عن هذه الدنيا بجسمه ، فإنه بقي حيا بآثاره التي ستخلد ذكره كفكر مستنير.
غير أن عبد القادر الزغل الذي فارقنا ترك وراءه عائلة  اتسمت بالذكاء المفرط، والإقدام على التضحية ، وبذل الجهد بلا حساب وبدون انتظار جزاء ولا شكورا.
حسين المهندس المفكر ، ورجل التخطيط والمتصرف الحكيم ، الذي قاد سياسة الاحصاء لسنوات طويلة ، فوفر للبلاد القاعدة اللازمة لإنجاز رؤيا واضحة ، اعتمدت في التخطيط لمستقبل البلاد ، فكان وما يزال رجل استشراف ، للأسف موضوع على الرف رغم مناقبه الكبيرة.
وحامد الذي تبوأ أعلى المناصب ، والذي كان إلى حد بعيد وراء إنشاء جهاز إعلامي متطور بالنسبة لعصره ، وبالنسبة للحاجة في زمن معين، وإذ كان من بين من رفعوا عاليا شعلة الكفاح عاليا ، فإنه أسهم بكفاءة عالية في مراحل بناء الدولة من مواقع متقدمة حينا وفي الخفاء أحيانا.
والرجل على تواضعه كتب مذكرات له أعتبرها شخصيا جد مهمة ، وميزتها الرئيسية ، أنها اعتمدت ما التزم به دوما من صدق في اللهجة وإخلاص للحقيقة و موضوعية ملتزمة ، بعكس الكثير من المذكرات التي نشرت في بلادنا  بل أغلبها ، مما ابتعدت عن الصدق والحقيقة.
عائلة الزغل لم تتوقف عند هذه العلامات الثلاثة بل قدمت للبلاد أكثر من ذلك بكثير ، منذ جاءتنا من الأندلس ، وأخلصت لهذه البلاد التي تبنتها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق