إقتصاديات
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
صراحة الوضع
سيء جدا
تونس/ الصواب
/21/02/2015
ماذا كان
منتظرا من حكومة الحبيب الصيد في أول أيام توليها؟
من وجهة نظرنا
، كان عليها أن تصارح الشعب التونسي بحقيقة الوضع ، وبالإرث الثقيل الذي ورثته ،
وأن تطلب من الشعب التضحيات الواجبة في مثل هذه الأحوال وبالعدل والقسطاس كل حسب
قدرته ، ملقية بأسباب الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد ، والتي ستزداد حدة يوما
بعد يوم على السنوات الثلاث الماضية .
فالواقع اليوم ورغم كل ما يقال وما يقدم من
أرقام ، فإن كل المؤشرات تدل على أن الناتج الداخلي الخام للبلاد ، انخفض بالدينار
الثابت عما كان عليه سنة 2010 ، ولا حديث بالمقارنة مع الدولار الطائر ، وبالتالي
فإن الدخل الفردي تراجع هو الآخر حقيقة ،
في نفس الوقت الذي عرفت فيه البلاد نسبة تضخم لسنوات متتالية لم تعرف مثيلا لها
إلا سنة 1982.
حكومة جديدة لا تتحمل مسؤولية هذا الوضع الكارثي ، كان عليها
أن تصارح الشعب بحقيقة الأمر ، وتكف عن الوعود الخلابة ، التي هي أول من يعرف أنها
لا تستطيع تحقيقها ولا الثبات عليها ، وأن تحمل مسؤولية الأمر إلى حكومات سبقت ،
تميزت في زمن النهضة ، وأؤكد النهضة ، بسياسة انتظار خطيرة ، كان أول من كشف
أبعادها وزير المالية الأسبق الدكتور حسين الديماسي ، 6 أشهر بعد تشكيل حكومة
حمادي الجبالي، ونبه إلى أنها تقود البلاد إلى هاوية سحيقة واستقا لأن صوته كان صيحة في واد ، ثم جاءت
حكومة المهدي جمعة لتحول سياسة الانتظار إلى سياسة جمود ، وإذا كانت حكومات النهضة
قد رفضت اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت اللازم ، انتظارا للانتخابات وخوفا من
عواقب السياسات الضرورية، وحتى لا تغضب ناخبيها بقرارات هي بطبيعتها غير شعبية،
فإن حكومة المهدي جمعة أحجمت عن اتخاذ القرارات الضرورية والمرة والمؤلمة الموجعة
، حتى لا تترك أثرا سيئا عنها ، وشراء للوقت.
من هنا فإن
الإرث كان عبارة عن عبء ثقيل ، تحملته الحكومة الجديدة بكل سيئاته وبدون محاسن
البتة ، وهي التي ستتحمل كل مساوئه المتراكمة على مدى ثلاث سنوات ، وستجر تبعاته
من قلة شعبية ، لأن الوضع لن يزداد إلا سوء ، وهو ما سينوء بثقله بالخصوص سليم
شاكر وزير المالية الجديد ، وسيواجه عبأه بمناسبة أول امتحان للحكومة الجديدة
متمثلا في ميزانية تكميلية ، ستنوء بحمل
ما رفضت حكومة المهدي جمعة القيام به من واجبات مريرة ، هروبا من المسؤولية، بحيث
لم يعد من بد إلا مواجهة الواقع الصعب جدا الذي سيكون في مواجهة الأشهر بل السنوات
المقبلة.
ما هو السبب
الذي دفع الباجي قائد السبسي ، والحبيب الصيد ، على القبول بتحمل عبء لم يكونا
وراء ثقله.
من الناحية
السياسية فإن نداء تونس ، المضطر للجوء لأصوات
النهضة في البرلمان للحصول على أغلبية حقيقية تسمح له بالحكم ، أراد أن يجامل
شريكه في، فلا يحمله مسؤولية أخطائه في الكبيرة ، وقلة مسؤوليته ، وتقديمه الهم
الانتخابي على الهم الوطني ومصلحة البلاد.
ولذلك فإن
نداء تونس هو في النهاية الذي سيتحمل مسؤولية فشل الأعوام الثلاثة الأخيرة ،
ويعتبر محاسبا عليها دون مشاركة أحد ، كما
إنه لا يبدو قادرا على مجابهة القرارات المريرة الضرورية، وما دامت البلاد مكبلة بمديونية أصبحت
استهلاكية لدفع أصل الدين وفوائده ، ومجابهة الناحية الاستهلاكية لنفقات إدارة
عمومية متضخمة ، ما يمثل حوالي 20 في المائة من حجم المداخيل تصرف لسداد الدين ، ستتعاظم سنة بعد سنة ، في ما إن الموارد تتطور بشكل بطيء بسبب تدهور نسبة
النمو الفعلية ، فإن الوضع سيسير من سيء إلى أسوأ خصوصا ، وأن الحكومة مشكوك في
قدرتها وحتى رغبتها في وقف النزيف ، ما دامت أحجمت على اتخاذ الخطوة الشجاعة الأولى وهي تعيين من كان السبب
في التدهور الحالي.
إدارة
متعملقة ، تشكو من قلة نجاعة بقدر كثرة عدد أعوانها الفائضين عن الحاجة ، مع
مطلبية مفرطة ، وتضخم سيزداد لأن لا الإنتاج ولا الإنتاجية حاضران ، مع التراجع
الكبير في قيمة العمل ، والبذل، مع عدم الإحساس بأن من يتمتع بشغل اليوم وبعمل
مهما كان، هو محظوظ ، في وقت تزخر فيه سوق الشغل بـ600 إلى 700 ألف عاطل عن العمل
، فيما القاعدة العامة أن مخزون البطالة يؤدي حتما لانخفاض المطلبية لا ازديادها ،
ما يبدو معه أن الحس المواطني معدوم لدى تنظيماتنا
الجماهيرية ، ولدى الحكومة ذاتها التي تبذل بغير حساب ، وتطأطئ الرأس يوما بعد يوم
إلى الحد الذي انفرط فيه المنطق الداخلي لمرتبات الوظيفة العمومية والقطاع العام.
وهذا الحال فإلى
أين تسير البلاد ، هل إن المثال اليوناني هو الذي ينتظرنا؟ وأننا في مواجهة غير
بعيدة لرؤية خفض الأجور و جرايات التقاعد ، وزوال التغطية الاجتماعية؟
نتمنى أن لا
نكون على تلك الطريق ، ولكن هل هناك استفاقة فعلية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق