سانحة
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
خديجة الشريف .. امرأة بألف رجل ..
تونس/ الصواب / 07/02/2015
لم أشعر في حياتي بأسف وبإحباط مثل
ذلك الذي شعرت به الاثنين الفارط ، عندما تيقنت من إزاحة خديجة الشريف عن الموقع
الوزاري الذي دعيت للاضطلاع به ، وسحب منها اعتباطا ، ربما بسبب ضغوط خضع لها رئيس
الحكومة الحبيب الصيد ، وربما كذلك رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي المهندس
الحقيقي للتشكيلة الحكومية من وراء ستار.
ليست خديجة الشريف امرأة بألف ر جل ،،
لأنها امرأة موهوبة أو ذات شخصية ولو طاغية ولكن في رفق ، وليس لأنها عنيدة في لطف
، وليس لأنها حمالة مبادئ لا سبيل لإثنائها عنها ما دام ليس هناك من يقنعها بعكسها ، وليس لأنها
تحمل من المرونة في مواقفها ما يجعلها سيدة توافق بامتياز، ولكن وبالخصوص لأنها
نشيطة جدا تذوب في ما تكلف به من مهمات كبرت أو صغرت ، ولا تستريح إلا عندما
تؤديها ليس فقط بكاملها ولكن بالطريقة الأكثر جودة ممكنة المحتملة .
الذين خاضوا معركة لإقصائها لم يفعلوا
شيئا غير حرمان البلاد من كفاءة عالية، تمت تجربتها فصحت، وبذلت من الجهد فنجحت في
كل ما تناولته من مهام كبيرة أو صغيرة.
وإذ اقتربت منها (دون
معرفة سابقة مني )، في الهيئة المديرة للرابطة التونسية لحقوق الإنسان التي اعتبر
مروري منها على كثرة تحركاتي في المجتمع المدني ومسؤولياتي العالية أو البسيطة فيه
، بمثابة المخبر الذي يمتحن المرء فيــه نضاليته ، وتحديه للصعاب ، والثبات على
المبادئ ، والمواجهة بدون تنازلات ممكنة ، لأن حقوق الإنسان لا تعرف أنصاف الحلول
، فهي مكتملة غير قابلة للمساومة ، وإذ اقتربت من السيدة خديجة الشريف خلال مرورنا
معا من تلك الهيئة ، فقد خبرت فيها تلك السيدة الثابتة على مبادئها ، المناضلة
الصادقة دون حسابات ، المستعدة لكل التضحيات ، وكم كانت كثيرة تلك التضحيات في زمن
الرئيس السابق ، وكل أولئك الذين اصطفاهم لضرب كل نفس حر.
لكم آوتنا في بيتها في سيدي بوسعيد
لعقد اجتماعات الرابطة الصعبة ، ولكم قام
على خدمتنا زوجها سي علي الشريف السينمائي المبدع ، ولكم قدرنا فيها كيف كانت تذوب
في خدمة الأهداف الإنسانية .
والذين كافئوها بإزاحتها من موقع ،
فضلا عن أنها تستحقه ، وهي أهلا له ، وقادرة على الإبداع فيه كما أبدعت في كل
المواقع التي احتلتها وملأتها نشاطا وحركة ونجاحا ، لا يتسمون بحد أدنى من تقدير
الناس والمناضلين ، ولعلي أستغرب في ما أستغرب استقالة الكثيرين من أعضاء الحكومة
في نسختها الثانية عن الوقوف إلى جانبها أو الإصرار على إبقائها ، ذلك ضرب من
الاستقالة ، وربما جري وراء المناصب ليس صحيا ولا ـ دعني أقولها ـ أخلاقيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق