ورقات (1)
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
شكرا ،، ولو متأخرا للشيخ راشد
الغنوشي
تونس / الصواب /12/02/2014
هذا باب جديد نفتحه على بركة الله على صفحات هذه المدونة ، جاءت فكرة
إنشائه بمناسبة ما أخذت أقوم به من تنظيم وثائقي ، ولقد وجدت من المفاجئات ، ما
دفعني للقول بأنه ليس من حقي أن أحتفظ بها لنفسي ، أو أن تبقى رهينة صناديق
الكرتون والرفوف ، وليس ذلك تنويها بنفسي ، بقدر ما هي تدوين لفترة مرت ، وكانت
بالنسبة لي ثرية بالأحداث ، عندما كنت فاعلا أو أظن نفسي فاعلا في مسيرة هذه
البلاد، وعنصر اعتدال متسم بروح أعتقد أنها كانت ديمقراطية من جهة وملتزمة التزاما
كاملا بأخلاقيات المهنة الصحفية ، التي اخترت أن أحترفها ولم آتها بالصدفة أو الرضا بما يتاح من شغل ، كل ذلك بعيدا عن كل إغراءات المال التي كانت
ميسرة وفي متناول اليد في تلك الفترة وحتى بعدها سواء بواسطة التجارة أو الأعمال
المجزية، ولقد أسعدت الناس أو هكذا أظن، كما إني أغضبتهم في فترات أخرى مصدعا بما
أراه حقا ومنطقيا هو الحق وإن كان الحق
نسبيا ليس مطلقا.
وخلال فتح أحد الصناديق الكرتونية فوجئت ببرقية ورسالة من الشيخ راشد
الغنوشي، ولم تكن الوحيدة ، بل لعل هناك العشرات من مثيلاتها من غيره من الفاعلين
في الحياة السياسية ومن تركوا بصمات على جبهة هذا الوطن.
وأسارع للقول ، بأني لم أمارس السياسة بمفهومها السياسي وكما يمكن أن نقرأه في كتب العلوم السياسية ،
بل عشت دوما على هامشها ، أي إني لم أشارك في حزب ، ولا كانت عندي طموحات مطلقا لا
لضبط برنامج ولا السعي لتطبيقه، وإن لم أكن غريبا عن البرامج التي خطها آخرون ،
سواء بالتأييد أو المعارضة.
وكان الديدن عندي هو استقلالي الفكري ، واحترام ضوابط المهنة ، وعدم
ترك الإغراءات لا المالية ولا بالمناصب أو المنافع تأخذ مني قناعاتي ، ومن هنا
والحمد لله وإن عشت في ستر فإني لم أصب من الثراء ما أصاب زملاء لي ، لم يكونوا في
تقديري أفضل مني مهنية ، ولا أقرب مني إلى مواقع القرار.
وقد وصفت مرات ومرات بأني عنيد ولا أعرف أين تقع مصلحتي الشخصية ،
وأني فوت على نفسي فرصا للصعود ، كما إني لم أبالي عندما سحبت مني رئاسة تحرير
جريدة كانت الأكبر في تونس ولا عندما أطردت منها شر طردة ، وكان ذلك بإيعاز ، كما
أطردت من مجالات أخرى بعضها لا علاقة لها بالصحافة ، وأهملت إغراءات ، وفرص عرضت
علي ، ولكني فضلت استقلال قراري .
ع ف
**
في 8 /6/1984 أسعدتني برقية وصلتني عن طريق مركز بريد باب
منارة جاء فيها ما يلي :
الأخ المحترم السيد عبد اللطيف الفوراتي (هكذا)(1)رئيس
تحرير جريدة الصباح
السلام عليكم ورحمة الله ، إثر الإفراج عن إخواننا المساجين
فإن حركة الاتجاه الإسلامي لا تشكر (هكذا)(1) لكم جهودكم ومواقفكم المشرفة التي
وقفتموها إلى جانبها في قضيتها العادلة معتبرة ذلك ( كلمة مشطوبة) (1) إحدى
الخطوات الأساسية من أجل إقرار حرية الإنسان وكل حقوقه، أيا كان انتماءه ( هكذا)
(1) آملين أن يتواصل التعاون بيننا من أجل مصلحة تونس، وإرساء مجتمع الحق والعدالة
والحرية ، ودمتم في رعاية الله وحفظه.
حركة الاتجاه الإسلامي
ثم نص الرسالة التالي
في خط أنيق:
بسم الله الرحمن الرحيم
تونس
في 10 ذي الحجة 1404 هـ
حضرة الأخ
الكبير الأستاذ عبد اللطيف الفراتي
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
بمناسبة حلول عيد الاضحى المبارك يطيب لي أن أرسل إليكم
بهذه التحية ، تحية ود وإكبار وعرفان فكل عام وأنتم بخير.
ولا يفوتني في هذا الصدد أن أعبر لكم وإخواني في حركة
الاتجاه الإسلامي عن إكبارنا لمواقف الحق والرجولة والوطنية التي وفقكم الله إليها
أيام محنتنا والتي كانت مساهمتها فعالة في تجلية وجه الحق وكسر جدار التعتيم
الإعلامي الذي ضرب حول قضيتنا ودفع ما ران على حركتنا من أباطيل.. وكان ذلك
المقدمة الضرورية لاسترداد حريتنا.. فجازاكم الله كل خير وأعظم ( بسكون الميم) بكم
من وطني غيور وإعلامي رائد، وما كان للرائد ـ كما يقول رسول الله صلى الله
عليه وسلم ـ أن يكذب قومه ـ وما كان لنا أن ننسى مواقف الصدق التي وقفتها أخانا عبد
اللطيف ، فبمثلها تعرف معادن الرجال وبمثـلها تتـبؤ ( هكذا) تونسنا
العزيزة مقام الريادة في العدل والحرية والكرامة ضمن عالم العروبة والإسلام
والمعمور كافة . بارك الله جهدكم وزادكم سدادا وتوفيقا.
والسلام
عيكم
أخوكم : راشد الغنوشي التوقيع
(1)
يلاحظ
أنها أي البرقية مكتوبة بخط يد موظف البريد وبالتالي لا غرابة أن تتضمن أخطاء في
الرسم عديدة
( يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق