Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الخميس، 17 أغسطس 2017

من الذاكرة : الزلزال المدمر ،، آخر الكلام بعد الدمار العربي

من الذاكرة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
زلزال 2 أوت 1990 (8)
النتائج المدمرة
الصواب / 02/08/2017
في 28 فيفري 1991 انتهت الحرب ، حرب الخليج الثانية للبعض ، أم المعارك للبعض الآخر ، وحرب تحرير الكويت للبعض الثالث ، انتهت إلى ما توقعناه وما كتبناه منذ 2 أوت 1990 ، وتحت خيمة في مدينة صفوان  العراقية وقع الجنرالات العراقيون مع نظرائهم من ممثلي التحالف وثيقة استسلام مهينة ، عندها انسحبت القوات المتحالفة التي لم تكتف باسترجاع الكويت ، فقضمت جزء من العراق ، لمزيد الضغط ، تحرر الكويت ، ولكن كل آبار نفطه كانت  مشتعلة ، بعد أن أضرم فيها الجيش العراقي النار بأمر من الرئيس صدام حسين ، وإذ أعلن الرئيس بوش الأب عن هزيمة العراق ، فقد أعلن الرئيس صدام حسين عن انتصار العراق متمثلا في بقاء نظام  الحكم قائما وبقائه رئيسا للعراق.
فرضت على  حكومة العراق ( هكذا ..)  بقرارات متلاحقة من مجلس الأمن عديد الشروط الملزمة لا يمكن أن لا يخضع إليها ، وعلى ارتفاع عددها ، وتنوع أغراضها  لا بد من التوقف عند قرارين في قمة الأهمية :
أولهما قرار ، يقضي بوضع مقدرات العراق المتمثلة أساسا في صادراته تحت سيطرة لجنة مشكلة من مجلس الأمن تضع يدها على مردودها ، وتخضع نسبة منها مهمة لاقتطاع يستهدف التعويض للكويت والأربعة وثلاثين دولة التي شاركت في الحرب ، بحسب خسائرها البشرية ومن العتاد ، كما أخضعت الواردات العراقية إلى حراسة لجنة توافق أو ترفض قبول دخولها ، ومما أذكر أنه تم منع توريد أقلام الرصاص  لشبهة احتمال استعمالها في صنع القنابل.
وثانيهما يقضي بتدمير أسلحة الدمار الشامل ومنها الصواريخ العراقية ، وأذكر أني في صائفة 1991 وكنت في مهمة في باريس  بكيت بحرقة ، وأنا أشاهد  على كل القنوات صواريخ عراقية مصففة ، وقد تم سحقها بواسطة عربات بيلدوزير ثقيلة عليها ما يشير إلى أنها تابعة للجيش العراقي وبأيد عراقية تنفيذا لقرارات مجلس الأمن .
لكن الحرقة كانت أكبر عندما زرت الكويت في سبتمبر 1992 وأخذونا إلى ما يسمى وادي الموت ، حيث شاهدت صفوفا من الشاحنات ( تقول ويكيبيديا 1500) وقد احترقت  تماما و بها جلوسا أعداد غير محددة من الجثث المتفحمة للجنود العراقيين المغدورين ، حيث تم سحبهم من الكويت ،  وفق ما كتب  الفريق نزار الخزرجي رئيس الأركان العامة السابق  في مذكراته ، و الذي هرب إلى لندن في نوفمبر 1990 قبل اندلاع الحرب ، بعد أن حاول النصح بضرورة تجنب حرب مخسورة مسبقا ، حيث تم سحبهم دون تنسيق مع القوات المقابلة كما تقتضي العلوم الحربية ، ولقد ذكرتني تلك الجثث المتفحمة وقدر عدده بالــــــــمئات الــــكثيرة لا 200 كما قالت " ويكيبيديا " ، ذكرتني بما شاهدته في "بومبيي " في ضواحي نابولي من جثث متفحمة قبل ألفي سنة بمناسبة سيلان حمم بركان فيزوف سنة 79 للميلاد والذي سبب وفاة 6 آلاف شخص .
وإذ بقي النظام العراقي قائما حتى 9 أفريل 2003 وسقط في حرب ظالمة وغير مبررة أطلقت المارد من عقاله ، ولم تدمر العراق بل المنظومة العربية كاملة ، فإن الرئيس صدام حسين بقي إلى آخر يوم يؤكد انتصاره في حرب 1991 ، باعتباره بقي قائما ، وكأن وجود النظام واستمراره هو الدليل على الانتصار أو الهزيمة.
وخلال فترة الاثنتي عشرة سنة التي مرت بين  نهاية حرب تحرير الكويت ، وسقوط النظام العراقي واختفاء الرئيس صدام حسين ، فقد الحكم العراقي استقلال قراره ، وبات مرتهنا للأمم المتحدة أو على الأصح الولايات المتحدة ، فقد فقد السيطرة  على حرية التصرف في صادراته البترولية ، وبات يرى مقتطعا منها نسبة مهمة تذهب لتعويض أضرار الحرب للكويت وغيرها ، فضلا عن دفع ديون العراق للكويت والسعودية ، وقد تردت الأحوال الاقتصادية العراقية بشكل كبير ، أكثر من ترديها في سنوات الحرب مع إيران بين 1980 و1988 ، ولم تعد الحكومة العراقية سيدة نفسها في شأن مبيعاتها البترولية وغيرها ، كما لم تعد سيدة نفسها في ما يخص وارداتها ، وباتت تلك الواردات خاضعة لقرارات متواصلة من المؤسسات التي أنشأها مجلس الأمن والتي تسيطر عليها فعليا الولايات المتحدة.
ولحق الدمار العام النظام العربي ، وأصبح مهددا في كياناته ووحدة أراضي تلك الكيانات  ، وتدخلت أمريكا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا ، في الشأن  العربي الخاص ، وصنعت الثورات وتحكمت في المقدرات كما لم يحصل من قبل مطلقا.
آخر الكلام
** أولا إني لا أصدق البتة ما تم بثه عن واقعة استسلام الرئيس صدام حسين في حفرة في محافظة صلاح الدين مسقط رأسه ، وإن كنت أميل لتصديق ما قالته أمريكا من أن أحد العارفين بمخبئه من المقربين إليه هو الذي أوشى به مقابل 50 مليون دولار ، فإن اعتقادي راسخ بأن الصور المبثوثة غي صحيحة ، وهي إما أنها كانت تحت مخدر أو إنه واقع فبركتها والتكنولوجيا الحديثة تسمح بذلك
** ثانيا فالرجل على أخطائه السياسية الكبيرة وأخطائه العسكرية وهو ليس عسكريا ولم يذهب قط لأكاديمية عسكرية  وهو مجاز في القانون من جامعة المستنصرية أيام كان نائبا للرئيس أحمد حسن البكر وهو خاله ،  ولكنه يتسم بشجاعة أدبية وبدنية كبيرة تدل على ذلك الصور المسربة عن حادثة إعدامه وما تسرب حتى من جهات أمريكية، وهو في نظرنا ما يدحض الصور المسربة أمريكيا عن عملية أسره ، ولعل السؤال الوحيد هنا هو لماذا لم يدافع عن نفسه حتى الموت كما فعل أبناؤه في الموصل ، وأيضا لماذا لم ينتحر قبل أن يسقط في أيدي الأمريكان؟
**أن التاريخ العربي الحديث والمعاصر مليء بما يوحي بأن إرادة قوية لكسر شوكة العالم العربي لأنه يمثل القوة الوحيدة التي يمكن أن تقف في وجه الغرب حضاريا وماديا ، ومنذ قيام الخلافة العثمانية وسيطرتها على غالب أنحاء العالم العربي ، فإنها لم تضف شيئا للحضارة الانسانية ، بل ردعت منذ منتصف القرن الخامس مظاهر الحضارة المزدهرة التي قدمها العالم العربي من مختلف أنحائه للحضارة الانسانية ، بل قادته إلى التردي ، وإذ لا يعني ذلك تحميل تركيا وحدها المسؤولية ، فإن لنا نحن كعرب نصيبنا من مسؤولية عدم ركوبنا مظاهر التقدم وبقائنا على هامش العلم والاختراع ، وحتى عندما جاءت الفرصة في القرن التاسع عشر مع عصر التنوير العربي مع الخديوي محمد علي في مصر وأحمد باي في تونس وقادة الرأي في الشام خاصة من المسيحيين ، فإن العرب لم ينتهزوا الفرصة كما انتهزها اليابانيون لبناء حضارة جديدة .
** أن ذلك لا يمنع من القول بل يؤكد أن 2 أوت هو بداية العد العكسي لانخرام النظام العربي وسقوطه والدمار العربي الذي نشهده حتى اليوم وسنظل نشهده إلى ما يعلم أحد.
فالعراق اليوم تحت السيطرة الشيعية الايرانية ، وسوريا المنتصر فيها بشار الأسد  المحكومة بالشيعة العلوية هي الأخرى محكومة بالشيعة الإيرانية – اللبنانية لحزب الله ، المسيطرين على القرار السوري ، وباقي العالم العربي يشكو ضياعا منذ 1990 لا مخرج منه.
انتهى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق