Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأربعاء، 16 أغسطس 2017

من الذاكرة : الزلزال : الهزيمة ومغادرة الكويت

من الذاكرة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
زلزال 2 أوت 1990 (7)
تلك هي الحرب ؟؟؟
الصواب / 02/08/2017
ليلتان بعد نهاية المهلة التي حددها مجلس الأمن في 29 نوفمبر 1990 ، و في ليل يوم 17 جانفي 1991 ، وبعد اختناق اقتصادي ومواصلاتي كامل للعراق ، وفصله عن بقية العالم ، بدأ هجوم اتخذ عدة تسميات ، فلدى العراق وأنصاره اعتبر عدوانا ، وبالنسبة للحلف الثلاثيني اعتبر حرب تحرير الكويت أو درع الصحراء ، 34 بلدا شارك في هذه الحرب ، بأنساق مختلفة ، من بضعة أفراد من المشاة ، إلى طيران في قمة التطور التكنولوجي ، إلى منظومة صواريخ من الدقة بحيث لم تشهدها حرب حتى ذلك الوقت .
كنت جلست ليلتها في  ليل شتاء  بارد في انتظار اندلاع المعارك ، وعلى الرغم من أني كنت واثقا من أن القوات العراقية ستصمد ، فإني لم أكن لأشك لحظة في مصير تلك الحرب ، 900 ألف يزيدون من مختلف أصقاع العالم منهم 500 أمريكي ، يجربون أسلحة لم يسبق استعمالها  إلا في المناورات ، وكنت على عزم هذه المرة أن لا يكون الأداء الصحفي مثلما حصل في 5 جوان 1967 ، عندما كانت صحفنا العربية تبشر بدخول العرب إلى تل أبيب ، بينما كان غطاء الطيران العربي قد تم تدميره من اليوم الأول.
غادرت البيت مسرعا إلى مقر الجريدة غير بعيد ، وبقيت ثلاثة أيام بلياليها ، أصدرنا خلالها 7 أو 8 طبعات ، وبعكس صحف تونسية كانت تتبجح بانتصار عراقي مؤزر قوامه صواريخ أطلقت على إسرائيل لم  يكن لها إلا تأثير نفسي صغير ، فيما دعت أمريكا تل أبيب لضبط النفس ، وعدم الدخول في الحرب حتى لا يكون لذلك رد فعل عربي إجماعي كان يبحث عنه الرئيس صدام حسين ، اعتبر عدد كبير من القراء تلك الحقائق عن حقيقة ما يجري صادمة ، ولم تبدأ استفاقة الناس إلا بعد أن تأكدت الهزيمة المرعبة في أواخر فيفري 1991 ، متمثلة في الوثيقة التي وقعها الجنرالات العراقيون تحت خيمة في قرية  " صفوان "  العراقية  التي احتلها الأمريكان ، وسوف يعلن صدام حسين بأنه لن يعترف بوثيقة الاستسلام ، وإن كان سيعمل بكل شروطها التي لا نرغب في أن نطلق عليها وصفا  ، لأنه موجع ولو بعد قرابة ثلاثين سنة على توقيعها.
كان الرئيس صدام حسين قد أودع ما بين 200 و250 طائرة حربية تملكها بلاده إلى إيران خوفا عليها من التدمير ، كما جرى في مصر سنة 1967 ، غير أن هذه الطائرات لم تعد قط للعراق ، بل استولت عليها طهران على أساس أنها مقدمة لتعويض ما دمرته حرب السنوات الثمانية بين 1980 و1988 والتي بادر بها العراق ، كما إن الرئيس صدام حسين قرر ونفذ فورا قرارا باقتسام مياه شط العرب مع إيران ، بعد أن كانت الجيوش العراقية قد حررتها بالكامل خلال معارك الفاو ، التي أبرزت تفوق العسكرية العراقية ، وهزيمة إيرانية منكرة.
فيما عدا وثيقة خيمة صفوان ، تم أسر  ما بين 30 و50 ألف من العسكريين العراقيين في الكويت ، عدد منهم من الجنرالات و كبار الأطباء والمهندسين العراقيين ، اقتيدوا إلى مدينة الوفرة  في المملكة العربية السعودية  ، حيث أنشئ لهم معسكر ،  تسنى لنا أن نزوره  الزملاء صلاح الجورشي وسليم الكراي وأنا بعد ذلك بحوالي سنة ، وحيث قالت لنا القيادة السعودية للمعسكر ، إن من تواجدوا فيه في أقصى فترة امتلائه   50 ألف من الأسرى ، ووجدنا كبار الكوادر فيه من جنرالات وأطباء ومهندسين على أهبة المغادرة ،  لدول الاستقبال للاستفادة من خبراتهم العالية ، وكانت تلك البلدان المقصد  هي الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والبلدان السكاندينافية  وفق ما قيل لنا وقتها.
وقد تم ترحيل كبار المرضى والجرحى لتلقي العلاج في عدة دول أوروبية  مشهورة بتحركاتها الانسانية فيما عاد من أراد العودة لبلادهم العراق.
**
الحرب (1) 
**
الاشتباكات الجوية في حرب الخليج الثانية
في مطلع فجر 16 جانفي  من سنة 1991، أي بعد يوم واحد من انتهاء المهلة النهائية التي منحها مجلس الأمن للعراق لسحب قواته من الكويت ، شنت طائرات قوات الائتلاف ( التي وصفت بالمعتدية )  حملة جوية مكثفة وواسعة النطاق شملت العراق كله من الشمال إلى الجنوب حيث قامت بقرابة 109,867 غارة جوية خلال 43 يوم بمعدل 2,555 غارة ( طلعة بالتعبير العسكري )  يومياً ، أستخدم خلالها 60,624 طن من القنابل، الأمر الذي أدى إلى تدمير الكثير من البنى التحتية
. وفي 17 جانفي  من نفس السنة ، قام الرئيس صدام حسين بإصدار بيان معلنا فيه أن "أم المعارك قد بدأت".
و في هذه الحملة الجوية   تم استعمال كميات ضخمة  من القنابل الذكية والقنابل العنقودية وصواريخ كروز
. قام العراق بالرد على هذه الحملات الجوية بتوجيه 7 من صواريخ سكود (أرض أرض) إلى أهداف داخل إسرائيل في 17  جانفي 1991 في محاولة لجر إسرائيل إلى الحرب ،  بالإضافة إلى إطلاق صواريخ سكود على كل من مدينتي الظهران والرياض السعودية ، ومن ضمن أبرز الأهداف التي اصابتها الصواريخ العراقية داخل الأراضي السعودية إصابة منطقة عسكرية أمريكية في الظهران أدت إلى مقتل 28 جندي أمريكي مما أدى إلى عملية انتقامية بعد انسحاب القوات العراقية وقصف القوات المنسحبة في عملية سميت بطريق الموت.
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/2/27/Tomcats_DS_tanking_DN-ST-91-07919.jpg/160px-Tomcats_DS_tanking_DN-ST-91-07919.jpg
طائرات إف - 14 توم كاتتتزود بالوقود من طائرة كي سي 10 فوق العراق.

كانت المضادات الجوية العراقية فعالة بشكل مفاجئ في مواجهة قوات الائتلاف ، حيث أسقط العراقيون 75 طائرة معادية باستخدام صواريخ أرض جو.  وفي الرياض أصابت الصواريخ العراقية مبنى الأحوال المدنية ومبنى مدارس نجد الأهلية الذي كان خاليا وقتها.
 كان الهدف الأول لقوات الائتلاف هو تدمير قوات الدفاع الجوي العراقي ، لتتمكن بعد ذلك من القيام بغاراتها بسهولة ، وقد تم تحقيق هذا الهدف بسرعة.
كانت معظم الطائرات تنطلق من الأراضي السعودية وحاملات الطائرات الستة المتمركزة في الخليج العربي.
**
شكلت القوة الجوية العراقية في بداية الحملة الجوية خطرا على قوات التحالف.  فقد كانت القوة الجوية العراقية مكونة من 750 طائرة قتالية و 200 طائرة مساندة موزعة على 24 مطار عسكري رئيسي، إضافة إلى دفاعات جوية متطورة و 9000 مدفعية مضادة للطائرات.
بعد تدمير معظم قوات الدفاع الجوي العراقي ، أصبحت مراكز الاتصال القيادية الهدف الثاني للغارات الجوية ، وتم إلحاق أضرار كبيرة بمراكز الاتصال مما جعل الاتصال يكاد يكون معدوما بين القيادة العسكرية العراقية وقطعات الجيش .
قامت الطائرات الحربية العراقية بطلعات جوية متفرقة أدت إلى إسقاط 38 طائرة ميج منها من قبل الدفاعات الجوية لقوات الائتلاف ، وأدرك العراق أن طائراته السوفيتية الصنع ليس بإمكانها اختراق الدفاعات الجوية لقوات التحالف فقامت بإرسال المتبقي من طائراتها ، والبالغ عددها 122 طائرة ( مصادر إيرانية تقول إن عددها 250 طائرة حربية) ، إلى إيران ، كما تم تدمير 141 طائرة في ثكناتها العسكرية.
بعد تدمير الدفاعات الجوية ومراكز الاتصال العراقية ، بدأت الغارات تستهدف قواعد إطلاق صواريخ سكود العراقية ، ومراكز الأبحاث العسكرية والسفن الحربية  ، والقطاعات العسكرية المتواجدة في الكويت ، ومراكز توليد الطاقة الكهربائية ومراكز الاتصال الهاتفي ، ومراكز تكرير وتوزيع النفط والموانئ العراقية والجسور وسكك الحديد ومراكز تصفية المياه.
 وقد أدى هذا الاستهداف الشامل للبنية التحتية العراقية إلى عواقب ، لا تزال آثارها شاخصة إلى حد هذا اليوم
 وتدعي القوات المتحالفة أنها حاولت أثناء حملتها الجوية ، تفادي وقوع أضرار في صفوف المدنيين ، ولكن في 13  فيفري  سنة1991  دمر "صاروخان ذكيانملجأ العامرية الذي أثير حوله جدل كثير، الأمر الذي أدى إلى مقتل أكثر من 315 عراقي معظمهم من النساء والأطفال .
بدأ العراق باستهداف قواعد قوات التحالف في السعودية بالإضافة إلى استهداف إسرائيل ،
 في 29  جانفي  عام 1991 تمكنت وحدات من القوات العراقية من السيطرة على مدينة الخفجي السعودية ، ولكن قوات الحرس الوطني السعودي بالإضافة إلى قوة قطرية تمكنتا من السيطرة على المدينة ، ويرى المحللون العسكريون أنه لو كانت القوة العراقية المسيطرة على الخفجي أكبر حجما ، لأدى ذلك إلى تغيير كبير في موازين الحرب إذ كانت مدينة الخفجي ذات أهمية إستراتيجية ، كونها معبرا لحقول النفط الشرقية للسعودية ،  ولم تكن الخفجي محمية بقوة كبيرة الأمر الذي استغلته القيادة العسكرية العراقية.
وسُميت هذه المعركة باسم معركة الخفجي .
الحملة البرية
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/5/5d/Operation_Desert_Storm_ar.png/250px-Operation_Desert_Storm_ar.png
خارطة الحملة البرية.
شكل الهجوم البري لتحرير الكويت نهاية حرب الخليج الثانية.
فقد اعتمدت إستراتيجية التحالف على حرب الاستنزاف ، حيث تم اضعاف الجيش العراقي بالحرب الجوية على مدى 43 يوماً.
و تعتبر هذه المواجهة الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية ، حيث تواجه نحو مليون جندي ، تصاحبهم الآليات المدرعة وقطع المدفعية مسنودةً بالقوة الجوية.
 حاول العراق في اللحظات الأخيرة تجنب الحرب ، ففي فيفري  سنة 1991 وافق العراق ، على مقترح سوفيتي بوقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي الكويتية خلال فترة قدرها 3 أسابيع ، على أن يتم الإشراف على الانسحاب من قبل مجلس الأمن.
لم توافق الولايات المتحدة على هذا المقترح،  ولكنها "تعهدت" أنها لن تقوم بمهاجمة القطاعات العراقية المنسحبة ، وأعطت مهلة 24 ساعة فقط للقوات العراقية بإكمال انسحابها من الكويت بالكامل.
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/5/51/IrakDesertStorm1991.jpg/200px-IrakDesertStorm1991.jpg
في الرابعة فجراً من 24  فيفري  من نفس العام  ، بدأت قوات التحالف توغلها في الأراضي الكويتية والعراقية.
فيفري  سنة 1991 بدأ الجيش العراقي بالانسحاب بعد أن أشعل النار في حقول النفط الكويتية ،  وتشكل خط طويل من الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود على طول المعبر الحدودي الرئيسي بين العراق والكويت ، وقصفت قوات التحالف القطعات العسكرية المنسحبة من الكويت إلى العراق مما أدى إلى تدمير ما يزيد عن 1500 عربة عسكرية عراقية ، وبالرغم من ضخامة عدد الآليات المدمرة إلا أن عدد الجنود العراقيين الذين قتلوا على هذا الطريق لم يزد عن 200 قتيل،(؟) لأن معظمهم تركوا عرباتهم العسكرية ولاذوا بالفرار،  سُمي هذا الطريق فيما بعد بطريق الموت أو ممر الموت.
وفي اليوم التالي ، أي 27  فيفري  ، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب عن تحرير الكويت بعد 100 ساعة من الحملة البرية ، فقال:
«الكويت أصبحت محررة ، وإن الجيش العراقي قد هزم»
( يتبع )
(1)               هذا القسم من المقال عن الحرب الجوية والصاروخية والبرية منقول عن موسوعة ويكيبيديا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق