Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الثلاثاء، 8 أغسطس 2017

من الذاكرة : رئيس للحكومة للكويت نصبه صدام ، قبل أن يعين عضوا في الحكومة العراقية

من الذاكرة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
زلزال 2 أوت 1990 (4)
ابتلاع  خانق
الصواب / 02/08/2017
كان ذلك فجر يوم 2 أوت ، اكتسحت قوات عراقية جرارة ، الكويت بمساحته الصغيرة وأكملت احتلاله في يومين ، هربت العائلة الحاكمة والوزراء إلى السعودية ، ولم يبق إلا القليل من المسؤولين  وعموم الشعب الذي سيعاني من احتلال هو ككل احتلال لا يمكن أن يكون متسامحا ، رفع بعضهم السلاح في وجه المهاجمين مثل الأمير رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية الذي كان قبل أيام في بغداد واستقبل بحفاوة بالغة ، وقتل فورا  وسلاحه بيده.
لم يكن الحكم العراقي على ما يبدو قد رتب نفسه لما بعد السيطرة على البلاد ، ولم يكن له سيناريو معد سلفا ، فأعلن عن السعي لتوحيد البلدين ، وعرضت رئاسة الوزراء على رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي الكويتي  الموالي للبعث العراقي فرفض خيانة وطنه ، فتم سجنه فورا ولم يعرف بعد ذلك مصيره ، وفي إطار هذه الخطة الأولية تم البحث عن بديل وجدته حكومة بغداد في ضابط كويتي  نكرة برتبة عقيد  هو علاء علي  حسين  ، تولى رئاسة حكومة جمهورية الكويت  المؤقتة ما بين 4 و8 أوت ، كما تم تعيينه وزيرا للداخلية ووزيرا للدفاع ، وسيقول بعد محاكمته إثر تحرير الكويت في 28 فيفري 1991 أنه لم يمارس مهامه ،  وفي 8 أوت عدل صدام حسين عن الحكومة الكويتية المؤقتة ، وقام بضم الكويت إلى العراق بوصفها المحافظة 19  أو محافظة النداء ، ولإعطاء بعض الشرعية للاجتياح ذكرت الحكومة العراقية إنها استجابت لنداء علاء علي حسين  بالتدخل ،  وإزالة حكم عائلة الصباح ، غير أنه اتضح أن تلك الشرعية لم تكن موجودة ضرورة أن البحث عن رئيس حكومة لتوجيه نداء النجدة لم يتوفر إلا بعد ثلاثة أيام يوم 4 أوت ، وبنفس مبدإ الشرعية قالت بغداد أن حكومة الجمهورية الكويتية المؤقتة هي التي دعت لإلحاق الكويت بالعراق وتوحيد البلدين.  
ونال علاء علي حسين منصبا في الحكومة العراقية في بغداد  كوزير بدون وزارة بعد حل حكومته ، وسيقول عند محاكمته أنه لم يمارس أي مسؤولية فعلية لا في الكويت ولا في بغداد.  
وقد صدر ضده حكم بالإعدام غيابيا في سنة 1993 بتهمة الخيانة العظمى والتآمر مع العدو زمن الحرب ، تمت محاكمته مجددا وحضوريا  في عام 2000 وحكم عليه بالسجن المؤبد ، وقال إنه أجبر على قبول تلك المناصب دون أن تكون له سلطة فعلية.  
بقي الكويت تحت الاحتلال العراقي  قرابة 7 أشهر ، من 2 أوت 1990 إلى 26 أو 28 فيفري 1991 ، ويختلف المراقبون بشأن الموعد الصحيح للتحرير.
**
وفي تونس اختلفت المواقف اختلافا كبيرا بشأن تبرير الاجتياح  ، فمن قائل أن العراق عاد إلى أرض تتبعه تاريخيا ، وأن الحق رجع إلى أصحابه ، ومن قائل أنه مهما كان من أمر وبقطع النظر عما إذا كانت الكويت تاريخيا تابعة للعراق أم لا فإن سيطرة العراق على الكويت هي خطوة على طريق الوحدة العربية  وأن تحرير القدس يمر عبر الكويت ، كما حصل في ألمانيا مع بيسمارك أو إيطاليا مع غاريبالدي ، هذا عدا الذين يعتبرون أن احتلال دولة قائمة الذات ، يعتبر اعتداء صارخا على القانون الدولي ، وكان صوتهم خافتا غير مسموع على اعتبار أن الأغلبية سايرت بن علي في موقفه إلى جانب صدام حسين..
**

وإذا عدنا إلى التاريخ فإنه من الثابت أن الكويت كانت كيانا قائما منذ 1613 ، وقد ذكرها الرحالة الأوروبيون بتلك الصفة ، كما كانت هناك قنصلية برتغالية وأخرى بريطانية تابعة للهند ،  ازدهرت المدينة  وفقا لما جاء في موسوعة ويكيبيديا وبعدد كبير من المراجع الشرقية والغربية ، ازدهرت بفضل التجارة البحرية والغوص على اللؤلؤ.
 ويذكر الرحالة مرتضى بن علوان عام  1709م  ما نصه «دخلنا بلداً يقال لها الكويت بالتصغير، بلد لا بأس بها تشابه الحسا إلا أنها دونها ولكن بعمارتها وأبراجها تشابهها "».
في عام 1871م شن والي بغداد مدحت باشا حملة عسكرية لاحتلال الأحساء والقطيف، ( في السعودية اليوم ) وساند حاكم الكويت الشيخ عبد الله بن صباح الصباح الحملة بأسطول بحري يقوده بنفسه ،  وقد ذكر مدحت باشا في مذكراته أن السفن الثمانين التي نقلت المؤونة واللوازم الحربية كانت تابعة لحاكم الكويت ،  وبعد نجاح الحملة منح مدحت باشا حاكم الكويت لقب قائم مقام مكافأة له على خدماته للدولة العثمانية ،  وتعهدت الدولة العثمانية باستمرار الكويت في الحكم الذاتي.
 ولم تتواجد أي إدارة مدنية عثمانية داخل الكويت ولا أي حامية عسكرية عثمانية في مدينة الكويت ،  ولم يخضع الكويتيون للتجنيد في خدمة الجيش العثماني ،  كما لم يدفعوا أي ضريبة  مالية للأتراك.
وتضيف موسوعة ويكيبيديا :  ونسل هؤلاء العرب ( سكان الكويت )  من الحجاز، وكانوا قبل 500 سنة قد حضروا إلى هذه البقعة ، وهم وجماعة من قبيلة مطير وواضع أول حجر لتلك البلدة رجل اسمه صباح  ، وشيخها اليوم ( في زمنه )  اسمه عبد الله بن صباح ،  والأهالي هناك شوافع ، فهم يعيشون شبه جمهورية وموقعهم يساعدهم على الاحتفاظ بحالتهم الحاضرة ،  وهم لا يشتغلون بالزراعة بل بالتجارة البحرية وعندهم ألفان من المراكب التجارية الكبيرة والصغيرة، يشتغلون بصيد اللؤلؤ في البحرين وفي عمان وتسافر سفائنهم الكبيرة إلى الهند وزنجبار للتجارة وقد رفعوا فوق مراكبهم راية مخصوصة بهم  (علم الكويت) واستعملوها زمنا طويلا."
في عام 1932م منحت المملكة المتحدة العراق استقلاله ، في حين استقلت الكويت عام 1961م ،  وبعد أسبوع واحد من إعلان استقلال الكويت ، عقد  الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم مؤتمرا صحفيا في بغداد يطالب بالكويت مهددا باستخدام القوة ،  لتندلع بذلك أزمة سياسية بين البلدين.
وقد حاولت القيادة العراقية إضافة لمسات قومية لهذا الصراع ،  فقامت بطرح فكرة أن الكويت كانت جزءا من العراق..
قامت الجامعة العربية بالتدخل لمواجهة تهديدات عبد الكريم قاسم ، وأرسلت قوات عربية من السعودية والجمهورية العربية المتحدة والسودان إلى الكويت.
في 4 أكتوبر 1963م ، اعترف العراق رسميا باستقلال الكويت  وبالحدود العراقية الكويتية .
جاء أول ترسيم للحدود بين الكويت والدولة العثمانية عام 1913 بموجب المعاهدة الأنجلو-عثمانية لعام 1913 ، والتي تضمنت اعتراف العثمانيين باستقلال الكويت وترسيم الحدود.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وهزيمة العثمانيين ،  احتلت بريطانيا الأراضي العثمانية في العراق.
**
  طالب أمير الكويت  في أفريل 1923 بأن تكون حدود بلاده  ، هي ذات التي كانت زمن العثمانيين ،  وقد رد المندوب السامي بالعراق السير بيرسي كوكس على طلب الكويت باعتراف الحكومة البريطانية بهذه الحدود .
في 21 يوليو 1932 أعترف رئيس  وزراء العراق نوري السعيد بالحدود بين الكويت والعراق. وفي 4 أكتوبر 1963 أعترف العراق رسميا باستقلال الكويت وبالحدود العراقية الكويتية ، كما هي مبينة بتبادل بالرسائل المتبادلة في 21  جويلية و10 أوت  1932 بين رئيس وزراء العراق نوري سعيد وحاكم الكويت  وهو ما أكده محضر مشترك في 1963 بين الحكومتين العراقية والكويتية.
ومن هنا فإن المقولة التي ترى أن الكويت هو أرض عراقية بدت متهاوية ، وبقيت المقولة الثانية التي قامت على أن دعوة رئيس الحكومة الانقلابية علاء حسين استنجادا ببغداد ، لم تكن فعلية ضرورة أن تلك الحكومة التي شكلها صدام حسين لم يعلن عنها إلا في 4 أوت 1990  ، بينما حصل الاجتياح في 2 أوت ، أي قبل قيام تلك الحكومة ، ما يلغي ادعاء الاستنجاد.
( يتبع )



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق