من الذاكرة
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
زلزال 2 أوت 1990 (6)
طبول الحرب
الصواب /
02/08/2017
لا ببد أن
يكون الرئيس العراقي صدام حسين قد فوجئ بالموقف الأمريكي ، فقد أصابه اطمئنان
حسبما يبدو مما قالته له السفيرة "قروسبي " ، ولم يكن يتوقع أن الولايات
المتحدة ستقف ضده ، ولعل الرئيس العراقي قد ارتكب خطأين استراتيجيين كبيرين وفقا
لما تردد في حينه :
** فقد تجنب
أن يأسر أمير الكويت و أعضاء الحكومة الكويتية ، ولو حصل ذلك لكان يكون في موقف من
أنهى الشرعية الدولية للكويت ، وفي نظر محللين عسكريين وسياسيين في حينه فإن ذلك
كان ممكنا باعتماد القوة الجوية وقوة طائرات الانزال المتاحة والقدرة على خنق
الحدود مع السعودية في عملية احتضان لم تكن مستحيلة.
** وتجنب من
جهة أخرى اجتياح شمال السعودية ، ولو حصل واحتل جزء من السعودية ، لبات التفاوض
قائما على تحرير ذلك الجزء لا تحرير الكويت.
غير أن هذين
الاحتمالين لم يكونا في نظر آخرين ليغيرا شيئا،
فقد زينت
القوى الدولية للرئيس العراقي ، أنه لن يناله ولا بلاده أذى ، وأن الأمر لا يعدو
أن يكون متمثلا في قرارات أممية لا يكون لها غد كبقية القرارات الأممية بالعشرات
التي اتخذت ولم تر طريقها إلى التنفيذ.
وقف الغرب
والشرق من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية والاتحاد السوفييتي وتوابعه والصين
وغالب الدول العربية ضد الاجتياح العراقي للكويت ، وتتابعت قرارات موجعة لبغداد من
قبل مجلس الأمن ، ومن العرب وقفت مؤيدة بصورة أو بأخرى دول عربية للرئيس صدام حسين ومنها اليمن
والسودان وليبيا وتونس والجزائر وفلسطين ،
فيما انضمت الدول العربية الأخرى للحلف الثلاثيني ، متيقنة من أن بغداد ستغادر
الكويت ، إن بإرادتها أو بالحرب .
وساد اعتقاد
راسخ عند الرئيس العراقي ، أن الحرب لن تحصل ، وأنه قد احتل الكويت وسيتمتع بثمرة
احتلاله ، وكانت دول عربية خاصة على اعتقاد بذلك ، ونفخت صحافة بعينها على وترين
اثنين :
أولهما أن
أمريكا ومنذ هزيمة الفيتنام لن تقدم على حرب أخرى .
وثانيهما أن
العراق من القوة العسكرية بما يمكنه من دحر أي هجوم عليه ، ورده على أعقابه. وتردد
لدى صحافة معينة أن العراق يعتبر خامس قوة عسكرية في العالم ، وأنه يملك صواريخ ss الروسية التي يمكن أن تدك من مرسيليا إلى
نيويورك.
**
غير أن الأمر
كما توقعنا وقلنا صراحة من اليوم الأول ، عن تحليل واقعي ، في جريدة
الصباح كان خلاف ذلك ،وإذ اتهمنا بشرائنا بالمال ، فقد كان لدينا قناعة مطلقة بأن
الشراء بالمال لم يكن في صفنا ، وقد كان
العراقيون عرضوا علينا في سنة 1992 عرضا بشأن شراء كمية من الصحف لا حاجة لهم بها ولا يستلمونها ،
مقابل موقفنا المؤيد للعراق في حربه مع إيران ، وذلك بعد عامين من بداية
حرب الخليج الأولى وانخراط الصباح في تأييد الجانب العراقي في مواجهته مع إيران ،
فما كان من المرحوم الحبيب شيخ روحه إلا أن رفض في إباء العرض ، واستمر الموقف على حاله دون تغيير ، فقد
كان موقفا مبدئيا.
وكنا على
قناعة بأن استقلال الدول وحرمتها الترابية ، هي بمثابة القاعدة التي لا تراجع عنها
، كما كان موقفنا أسوة بموقف بورقيبة وعبد الناصر في 1963 ، وكما كان موقفنا أسوة
ببورقيبة عند منح موريطانيا استقلالها ، ومطالبة المغرب بضمها ، واقتراح مغربي في حينه تأييد تونس في ضم مالطة إليها ، وهو ما لم تطلبه تونس.
**
ووفقا لما جاء في موسوعة ويكيبيديا بالاعتماد
على مراجع متعددة ، فبعد ساعات من الاجتياح العراقي للكويت طالبت حكومة الكويت في المنفى المعترف بها دوليا دون اعتراف
بحكومة علاء حسين ، والولايات المتحدة بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن ، وتم تمرير قرار مجلس الأمن الدولي رقم 660 والذي
شجب الاجتياح وطالب بانسحاب العراق من
الكويت ، في 3 أوت عقدت الجامعة العربية
اجتماعا طارئاً وقامت بنفس الإجراء وهو الاجتماع الذي حضر فيه وزير الخارجية
إسماعيل خليل وأدان الاجتياح قبل أن يتم
تجميده أي إسماعيل خليل وإقالته ( تحت حس ومس بعد 25 يوما ) ، وفي 6 أوت أصدر مجلس الأمن قرارا بفرض عقوبات اقتصادية
على العراق.
بعد اجتياح الكويت أبدت السعودية
مخاوفها عن احتمالية حدوث اجتياح لأراضيها ، وهذه الاحتمالية لعبت دورا
كبيرا في تسارع الإجراءات والتحالفات لحماية حقول النفط السعودية...
في بداية الأمر صرح الرئيس
الأمريكي جورج بوش الأب بأن الهدف من الحملة هو منع القوات العراقية من اجتياح
الأراضي السعودية ، وسمى الحملة بتسمية
"عملية درع الصحراء"، وبدأت القوات الأمريكية بالتدفق إلى السعودية في
7 أوت من عام 1990، وفي نفس اليوم الذي
أعلن العراق فيه ضمه للكويت واعتبارها "المحافظة التاسعة عشر"، . وصل
حجم الحشود العسكرية في السعودية إلى
500,000 جندي .
في خضم ذلك صدرت سلسلة من قرارات مجلس الأمن والجامعة
العربية ، وكان أهمها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 678، والذي أصدر في 29 نوفمبر
سنة 1990 والذي حدد فيه تاريخ 15 جانفي من
سنة 1991 موعدا نهائيا للعراق لسحب قواته من الكويت ، وإلا فإن قوات الائتلاف سوف
"تستعمل كل الوسائل الضرورية لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 660 "
وتضيف موسوعة ويكيبيديا "..
تشكل إتلاف عسكري مكون من 34 دولة
ضد العراق لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بانسحاب القوات العراقية من الكويت دون
قيد أو شرط ، وبلغت نسبة الجنود الأمريكيين من الائتلاف العسكري حوالي 74% من
العدد الإجمالي للجنود الذين تم حشدهم ،
وقد وصل العدد الإجمالي لجنود قوات الائتلاف لاحقا إلى 959,600.
وافق مجلس الشيوخ الأمريكي في
21 جانفي
سنة 1991 على استخدام القوة العسكرية لتحرير
الكويت بموافقة 52 عضو ورفض 47. كما وافق مجلس النواب الأمريكي بموافقة 250 عضو
ورفض 183.
بدأ العراق محاولات
إعلامية لربط مسالة اجتياح الكويت بقضايا "الأمة العربية " فأعلن العراق
أن أي انسحاب من الكويت يجب أن يصاحبه انسحاب سوري من لبنان وانسحاب إسرائيلي من
الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان .[
( يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق