قرأت
لكم
|
العوامل الذاتية و العوامل الموضوعية
لتراجع حركة «النهضة» الإسلامية
علي عبد اللطيف اللافي
November 1,
2014
بعد نشر مقال
الدكتورة آمال موسى تحليلا لنتائج انتخابات 23 أكتوبر وهو مقال تم نشره في جريدة
الشرق الأوسط ، ننشر في ما يلي وبترخيص مه مقالا في توجه معاكس نشره الصديق علي
اللافي في جريدة القدس باعتباره مراسلا لها وذلك بعد الحصول على ترخيص منه هو
الآخر
تونس – «القدس العربي»: كشفت نتائج الانتخابات التشريعية في
تونس بجلاء عن تراجع حركة «النهضة» التي جاءت في المركز الثاني بعد حزب «نداء
تونس» الليبرالي التوجه والتجمع- الدستوري واليساري من حيث طبيعة التكوين والبنية
التنظيمية. ولكن ما هي العوامل الذاتية التي أدت بالحزب الإسلامي الأكبر في تونس
إلى مغادرة صدارة المشهد السياسي، وهل أرتكبت القيادة المركزية أخطاء سياسية
قاتلة؟ أم أن عوامل موضوعية قد ساهمت بشكل كبير في هزيمة الحركة إذا ما سلمنا أن
«النهضة» انهزمت حقا، والى أي مدى لعب المال السياسي وعوامل أخرى عديدة في تقدم
حزب «نداء تونس» تحديدا وتراجع «النهضة» مقارنة بنتائج سنة 2011؟
عوامل
موضوعية:
يمكن عمليا
إرجاع أسباب تقدم «نداء تونس» في الانتخابات بعدة مقاعد، وتراجع «النهضة»
الإسلامي، بالدرجة الأولى، للعديد من الأسباب الموضوعية والمرتبطة بالوضع التونسي
والإقليمي والدولي.
- لعل أهم تلك الأسباب والعوامل طبعا هو الدعم الخليجي والإماراتي خاصة وباعتبار أنه غير محدود ماديا ومعنويا، وهو ما تؤكده مؤشرات وأدلة واضحة يُحقق في بعضها من طرف حركة «مراقبون» المستقلة، وأجهزة محاسبية حكومية منذ ما قبل الانتخابات.
- كما أنه من الملفت للنظر أن»الآلة الإعلامية» لنظام الرئيس المخلوع، والتي فضحها كتاب «منظومة الدعاية تحت حكم بن علي» قد لعبت دورا في دعم «نداء تونس» على حساب «النهضة» والتخويف من الإسلاميين، وساعدهم سلفيو تونس المخترقين مخابراتيا ولوجستيا، ببعض العمليات «الإرهابية» التي تم تضخيمها إعلاميا للتخويف من فوز «النهضة» والترويج عبر القصف الإعلامي والادعاء أن تونس ستتحول لملاذ لـ «داعش».
– التجاوزات الخطيرة لمنافس «النهضة» والذي استعان بماكينة «بن علي» بل أنه نُقل عن رئيسه ترديده أكثر من مرة: «نداء تونس هو الفترينة (الواجهة) والتجمع هو الماكينة» وقد سبق لرئيس هيئة الانتخابات أن كشف – في جلسة حوارية أمام رباعي الحوار الوطني مؤخرا- أن الهيئة سجلت عددا من التجاوزات في الحملة الانتخابية، بعضها ذو طابع مالي، دون أن يوضّح وجود استخدام المال لشراء الأصوات أو يحدد هوية الأطراف السياسية التي قامت بذلك.
- لعل أهم تلك الأسباب والعوامل طبعا هو الدعم الخليجي والإماراتي خاصة وباعتبار أنه غير محدود ماديا ومعنويا، وهو ما تؤكده مؤشرات وأدلة واضحة يُحقق في بعضها من طرف حركة «مراقبون» المستقلة، وأجهزة محاسبية حكومية منذ ما قبل الانتخابات.
- كما أنه من الملفت للنظر أن»الآلة الإعلامية» لنظام الرئيس المخلوع، والتي فضحها كتاب «منظومة الدعاية تحت حكم بن علي» قد لعبت دورا في دعم «نداء تونس» على حساب «النهضة» والتخويف من الإسلاميين، وساعدهم سلفيو تونس المخترقين مخابراتيا ولوجستيا، ببعض العمليات «الإرهابية» التي تم تضخيمها إعلاميا للتخويف من فوز «النهضة» والترويج عبر القصف الإعلامي والادعاء أن تونس ستتحول لملاذ لـ «داعش».
– التجاوزات الخطيرة لمنافس «النهضة» والذي استعان بماكينة «بن علي» بل أنه نُقل عن رئيسه ترديده أكثر من مرة: «نداء تونس هو الفترينة (الواجهة) والتجمع هو الماكينة» وقد سبق لرئيس هيئة الانتخابات أن كشف – في جلسة حوارية أمام رباعي الحوار الوطني مؤخرا- أن الهيئة سجلت عددا من التجاوزات في الحملة الانتخابية، بعضها ذو طابع مالي، دون أن يوضّح وجود استخدام المال لشراء الأصوات أو يحدد هوية الأطراف السياسية التي قامت بذلك.
– توظيف
مؤسسات سبر الآراء ومؤسسات أخرى لصالح منافس «النهضة» وضدها تحديدا، وقد أتهم حزب
«النهضة» وسائل إعلام باستباق النتائج الرسمية ونشر نتائج غير حقيقية، منددا بما
وصفه بعملية «انقلاب إعلامي» في إشارة إلى قنوات تلفزيونية تولت الإعلان عن
النتائج، في الوقت الذي ما زال فيه زمن الصمت الانتخابي جاريا.
– تركيز المعارضين لـ «النهضة» ووسائل الإعلام المعادية لها ولشركائها في الحكم، على عدد من المشاكل وأن الأوضاع لم تتحسن والقول بوجود احصاءات ودراسات وتقارير تؤكد ذلك، وتم التركيز باستمرار على بقاء الأوضاع الاقتصادية على ما هي عليه، وتحميل حكومتي الترويكا مشاكل العاطلين والاقتصاد، والقول بالفشل في إدارة الملفات الاقتصادية والمطالب الإجتماعية الملحة وترديد يومي لذلك وإدارة برامج تلفزيونية وممارسة قصف إعلامي يومي لذهن المشاهد وفي اتجاه واحد إضافة إلى ترذيل السياسة والسياسيين وتشويه المجلس التأسيسي.
– «لعنة داعش» بعدما وصلت إلى تونس، ونجح هذا التنظيم في تجنيد بعض الشباب لتنفيذ عمليات انتحارية في العراق، والمخاوف من سعيه للتوغل في الجزائر والمغرب وليبيا، وأعلانه عن قيام «دامس» وهو النسخة المغاربية لـ»داعش».
– تركيز المعارضين لـ «النهضة» ووسائل الإعلام المعادية لها ولشركائها في الحكم، على عدد من المشاكل وأن الأوضاع لم تتحسن والقول بوجود احصاءات ودراسات وتقارير تؤكد ذلك، وتم التركيز باستمرار على بقاء الأوضاع الاقتصادية على ما هي عليه، وتحميل حكومتي الترويكا مشاكل العاطلين والاقتصاد، والقول بالفشل في إدارة الملفات الاقتصادية والمطالب الإجتماعية الملحة وترديد يومي لذلك وإدارة برامج تلفزيونية وممارسة قصف إعلامي يومي لذهن المشاهد وفي اتجاه واحد إضافة إلى ترذيل السياسة والسياسيين وتشويه المجلس التأسيسي.
– «لعنة داعش» بعدما وصلت إلى تونس، ونجح هذا التنظيم في تجنيد بعض الشباب لتنفيذ عمليات انتحارية في العراق، والمخاوف من سعيه للتوغل في الجزائر والمغرب وليبيا، وأعلانه عن قيام «دامس» وهو النسخة المغاربية لـ»داعش».
عوامل ذاتية:
مهما كانت
الأسباب والعوامل الموضوعية فإنها لا تفسر لوحدها تراجع «النهضة» بنسبة تقدر
بحوالي 23 في المئة تقريبا مقارنة بسنة 2011 ، ومن الأسباب الذاتية التي أدت إلى
تراجع النهضة:
-لم يستطع العقل السياسي للنهضة فهم التطورات الدراماتيكة للتحولات التي حدثت في تونس خاصة في مواضيع إستراتيجية وملفات حارقة مثل خطر الإرهاب والتطور الإعلامي الرهيب وطبيعة النخبة العلمانية التونسية وخصوصيتها.
-الخطأ في تقدير قوة وخطورة شبكات التجمعيين ومنافذ الدولة العميقة في الجهات والقضاء والإعلام وكل المجالات.
-اعتقدت «النهضة» أنه ببعض اللقاءات الدبلوماسية قد قلصت من تأثير الهجوم العربي والخليجي أساسا، من التيار الإخواني وكانت قراءاتها تبسيطية ومختزلة بل والاغترار بالخصوصية التونسية.
-لم تستفد «النهضة» من توسع قاعدتها وقياداتها الوسطى فهمشت أدوار البعض وبقيت الماكينة التنظيمية تعمل في إطار المكتب التنفيذي – الجهات المحليات – القيادات التاريخية وتم على سبيل المثال تغييب جيل التسعينيات، وقد همشت الماكينة التنظيمية مئات الطاقات والقيادات الطلابية في فترة التسعينيات.
-اغترار «النهضة» بالتحشيد الجماهيري على أهميته، ولم تتفطن الى عمل خصومها وخاصة ماكينة التجمع القديمة، خاصة وأنها مسؤولة موضوعيا وبشكل كبير عن عدم محاسبة فاسدي ورجال تلك الماكينة والتي هي عبارة عن ملتقى عصابات الإجرام والتهريب، وانقلبت على تسامح الترويكا واستغلت ترددها.
-لم يستطع العقل السياسي للنهضة فهم التطورات الدراماتيكة للتحولات التي حدثت في تونس خاصة في مواضيع إستراتيجية وملفات حارقة مثل خطر الإرهاب والتطور الإعلامي الرهيب وطبيعة النخبة العلمانية التونسية وخصوصيتها.
-الخطأ في تقدير قوة وخطورة شبكات التجمعيين ومنافذ الدولة العميقة في الجهات والقضاء والإعلام وكل المجالات.
-اعتقدت «النهضة» أنه ببعض اللقاءات الدبلوماسية قد قلصت من تأثير الهجوم العربي والخليجي أساسا، من التيار الإخواني وكانت قراءاتها تبسيطية ومختزلة بل والاغترار بالخصوصية التونسية.
-لم تستفد «النهضة» من توسع قاعدتها وقياداتها الوسطى فهمشت أدوار البعض وبقيت الماكينة التنظيمية تعمل في إطار المكتب التنفيذي – الجهات المحليات – القيادات التاريخية وتم على سبيل المثال تغييب جيل التسعينيات، وقد همشت الماكينة التنظيمية مئات الطاقات والقيادات الطلابية في فترة التسعينيات.
-اغترار «النهضة» بالتحشيد الجماهيري على أهميته، ولم تتفطن الى عمل خصومها وخاصة ماكينة التجمع القديمة، خاصة وأنها مسؤولة موضوعيا وبشكل كبير عن عدم محاسبة فاسدي ورجال تلك الماكينة والتي هي عبارة عن ملتقى عصابات الإجرام والتهريب، وانقلبت على تسامح الترويكا واستغلت ترددها.
هل ما زالت
«النهضة»
فاعلا رئيسيا
في المشهد
السياسي
التونسي؟
الحقيقة التي
لا يجب أن تنسى أبدا هي أن انتخابات تونس أثبتت قبول الإسلاميين عمليا بتداول
السلطة بين الأحزاب، وليس كما فعل الليبراليون واليساريون في مصر بالانقلاب على التجربة لأنهم خسروا الانتخابات،
(؟) فالحركة الإسلامية كانت تحكم تونس بالأغلبية التي فازت بها في انتخابات 2011
(86 مقعدا) وتركت الحكم طواعية، من غير انقلاب ولا دبابات ولا ثورة شعبية، والأكيد
أن «النهضة» كانت بالتالي ضحية عوامل تأثير مكثفة لإزاحتها عن السلطة، ولكن قبولها
بتقديم تنازلات مؤخرا عن السلطة، وتركيزها على مشاكل الشباب الاقتصادية، قد يكون
هو مفتاح صمودها في وجه الأعاصير وعدم جرف شعبيتها بالكامل، كما حدث لشريكيها
السابقين.
ولكن يبقي السؤال: هل تنجح «النهضة» في وجه الأعاصير التي عصفت بثورات الربيع العربي في مصر وسوريا واليمن، أم يستعد أنصار الثورة التونسية بعد هذه الانتخابات لفتح دفتر العزاء في ثورتهم على غرار باقي ثورات الربيع العربي؟
ويجب أن لا ننسى أنه عندما خسرت «النهضة» في الانتخابات الحالية وتقهقرت للمركز الثاني، هنأت الفائز بالانتخابات وتركت الحكم طواعية مرة أخرى، ما يؤكد تهافت اتهامات كارهي الحركات الإسلامية ويجعل من ما حققته «النهضة» انتصارها لا هزيمتها خاصة أنها لم تخسر تماما ولكن جاءت في المركز الثاني وهي لاعب رئيسي في تشكيل الحكومة ورقم صعب في تحديد الرئيـس المقبل، وستثبت الانتخابات البلدية التي ستجرى بعد أسابيع من مباشرة الحكومة الجديدة لمهامها مدى صلابة وصمود وريادية حركة «النهضة» من عدمها.
ولكن يبقي السؤال: هل تنجح «النهضة» في وجه الأعاصير التي عصفت بثورات الربيع العربي في مصر وسوريا واليمن، أم يستعد أنصار الثورة التونسية بعد هذه الانتخابات لفتح دفتر العزاء في ثورتهم على غرار باقي ثورات الربيع العربي؟
ويجب أن لا ننسى أنه عندما خسرت «النهضة» في الانتخابات الحالية وتقهقرت للمركز الثاني، هنأت الفائز بالانتخابات وتركت الحكم طواعية مرة أخرى، ما يؤكد تهافت اتهامات كارهي الحركات الإسلامية ويجعل من ما حققته «النهضة» انتصارها لا هزيمتها خاصة أنها لم تخسر تماما ولكن جاءت في المركز الثاني وهي لاعب رئيسي في تشكيل الحكومة ورقم صعب في تحديد الرئيـس المقبل، وستثبت الانتخابات البلدية التي ستجرى بعد أسابيع من مباشرة الحكومة الجديدة لمهامها مدى صلابة وصمود وريادية حركة «النهضة» من عدمها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق