Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 16 نوفمبر 2014

سانحة : إعلام العار ، لا وجود له ، إلا فيمن يطلقون أوصاف العار ، ويحنون إلى إعلام تابع ، لهم طبعا

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
الإعلام بين .. تهمة العار ،، وواقع الحال
تونس / الصواب/ 16/11/2014
" وكان يتردد ( في أوائل سنة 1993 ) أن قصر قرطاج غير راض عن جريدة الصباح ، وأنه يبيت لاستفراغها من كوادرها ، وظهرت قرائن دالة عن ذلك ، وستجلو الأيام دهاء النظام السياسي وجبروت مكره ،حين يرفض رئيس التحرير(...) عبد اللطيف الفراتي ، الانصياع ويقاوم التسخير وهو الإعلامي الذي وفق في سن نهج نقدي مشرف (..) (1)"
لا أريد أن أتبجح ، ولكني حريص على العودة إلى هذه الشهادة التي أعتبرها ثمينة والواردة بقلم الدكتور عبد السلام المسدي في الصفحتين  143 و144 من كتابه "تونس وجراح الذاكرة".
أقول هذا فقط لأقدم موقفا عن ما يعانيه الإعلام اليوم من تهم ظالمة، من قبل كل الجهات. وأعتقد وأنا الذي كنت ضحية النظام السابق أن شهادتي عن واقع اليوم غير مطعونة، خصوصا وأنه لم يعد لي ظهور على الساحة  الصحفية ، باختياري الشخصي، مكتفا في الغالب بالكتابة على مدونتي هذه.
ولعله لم يتعرض قطاع إلى الشتيمة والاتهام مثل قطاع الإعلام ومنذ الاستقلال.
ولم يأت يوم حسب ما أذكر وجه فيه كلام جارح أو اتهام بقلة المهنية مثلما وجه للإعلاميين ، فلا الأطباء ولا المهندسين ولا المحامين ولا غيرهم ، تم التشكيك يوما في قدراتهم وكفاءاتهم ، ولا ووجهوا بما ووجه به الصحفيون من جارح الكلام حول قلة كفاءتهم، وسوء نيتهم ، وعدم حيادهم ، وضعف موضوعيتهم.
بدأ الأمر مع الرئيس بورقيبة الذي اكتفى بالتشكيك في الكفاءة ، يوم كان أطباء أسنان مرخصين ، ليسوا سوى ممرضين ، ولا مهندسين معماريين لم يكونوا يملكون شهائد، ولكن اعترف بهم وأقاموا بنايات شاهقة ، وغيرهم من أصحاب المهن والموظفين والمستكتبين في الشركات ، ووجه الاتهام فقط للصحفيين ، وفتحت مدرسة لتكوينهم استفاد منها عدد  لم يبق منهم في الميدان إلا قلة قليلة بينما استقطبت المهن الدبلوماسية غالبهم ، ومع بن صالح والتشكيك في الكفاءة ، باعتبار أن غالب الصحفيين لم يكونوا متحمسين لتجربته التعاضد المفروضة.
أما اليوم ومنذ أربع سنوات أو يكاد فقد انتشرت عبارة إعلام العار، في تصعيد غير مسبوق واتهام الصحفيين بأنهم يتعاملون بسوء نية ، وأنهم يواصلون ما بدؤوه في العهد السابق ( العبارة المستعملة هي العهد البائد).
ويغيب عن هؤلاء أن الصحفي لا يعدو أن يكون أجيرا ، يسهم في ضبط الخط التحريري للمؤسسة الإعلامية ولكنه ينضبط لذلك الخط.
دعنا نقول أمرا :  ما يراد هو أن يتحول الإعلام بروباغندا للحاكم  (دعاية فجة) ، وهذا ما لا سبيل لعودته ، بعد نهايته ، وتوديعه.
فقط نريد أن نقول لأصحاب مقولة إعلام العار: ها أنتم بعثتم مؤسساتكم الإعلامية ، ومارستم فيها الإعلام كما تتمنون ، لماذا لا تتركون الإعلام المهني القائم على الموضوعية دون أن تصفوه بشتى العيوب.
ها إن صحفكم كثيرة ، وقنواتكم أكثر وإذاعاتكم بلا عدد يحصى ، فلماذا فشلتم في استقطاب القراء والمشاهدين والمستمعين .
سر واحد يكمن وراء ذلك هو أنكم وصحفكم البريئة من العار وتلفزيوناتكم المنفلتة من أوصاف ونعوت كثيرة ، لم تستطع الاستقطاب ، وأنها  في ذلك ( وتقارير الأوديمات  تشهد على ذلك وأرقام المبيعات أيضا ) تشكو من الضيق وتواصل توزيع أوصاف "العار" وهي التي ، لم ترتفع إلى مستوى المهنية التي تضمن لها النجاح ، والحياد والموضوعية التي تضمن لها الرواج والانتشار.



(1)في 30 فيفري 1993 دعيت لتقديم استقالتي من رئاسة التحرير ، وبقيت كرئيس تحرير مسؤول عن التوثيق مع كتابة الافتتاحية دوريا ، تحت جناح منصف شيخ روحه ، الذي سحبت منه الإدارة العامة بعد ذلك ، بأوامر من القصر باعتبار تحرره وانتهى بي الأمر إلى الطرد. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق