Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 5 يناير 2015

الموقف السياسي : هل سنعود لنظام جمهوري رئاسي بعد تعيين الصيد كرئيس حكومة

الموقف السياسي
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
مع الرئيس قائد  السبسي
عودة للنظام الرئاسي تحت غطاء نظام  نصف برلماني
**  الرئيس الباجي لا يقتسم السلطة مع أحد وهو الذي يحكم
تونس / الصواب / 05/01/2015
بعد تعيين الحبيب الصيد رئيسا للحكومة يمكن استقراء ثلاثة استنتاجات :
أولها : أنه ورغم نص الدستور فنحن عائدون إلى نظام رئاسي لا يعلن عن نفسه
ثانيها : أن سي الباجي لا ينوي تقاسم السلطة مع أحد
وثالثها : أن الممارسة الفعلية للسلطة ستفرز شكلا من الحكم لا يعتقد أحد أنه هو الذي كان في نية المؤسسين عندما صاغوا الدستور.
خصائص رئيس الحكومة الجديد أنه:
** الوفي بين الأوفياء للرئيس قائد السبسي
** الأمين بين الأمناء على أنه " لا يلوي عصا" في وجه رئيس الدولة.
** أنه يعطي الانطباع بتقاسم وهمي للحكم بين أبناء العاصمة ومنطقة الساحل ، المؤتمنان على السلطة في تونس منذ 500 سنة على الأقل إلا لفترات قصيرة(آخرها الباهي الأدغم الذي قضم بن صالح جزء كبيرا من صلاحياته ، وعلي العريض كرئيس للحكومة مدة عام ونصفا).
لكن خصائص أخرى أهلت الرجل لاصطياده من طرف الرئيس الباجي قائد السبسي :
** كفاءة غير مشكوك فيها في معرفته بالملفات والصبر على دقائقها.
** الحسم في القرار ، وعدم التردد.
** الإلمام بالملفين الحارقين ، الأمني ، والاقتصادي الاجتماعي، ألم تختره النهضة( بعد أن كان وزير داخلية الرئيس السبسي خلال فترة رئاسته للحكومة في 2011) زمن الرئيس الأسبق للحكومة حمادي الجبالي كمستشار أمني ، ويبدو أنه كان أكثر من ذلك.
** التواضع والظهور بمظهر الكتوم.
وكل هذه الخصال أهلته لأن يختاره رئيس الجمهورية ربما منذ مدة قد لا تكون قصيرة ، ليكون رئيس "حكومته" ، ويوحي بذلك لحزبه ، مع المحافظة على سلامة المظاهر ، وترك الأمر ولو ظاهريا للرئيس بالنيابة محمد الناصر  (لماذا الرئيس بالنيابة ؟) رفقة الأمين العام الطيب البكوش ، ليقدما ترشيح الحزب الاغلبي للرجل ، كمقترح ـ ليس للرئيس ـ حق رفضه وفقا للدستور الجديد.
الحفاظ على المظاهر كان هو السمة الظاهرة ، للترشيح ، وللتكليف ، ولكن الأمر يبدو أبعد من ذلك.
قراءة في الدستور الجديد ، تجعل للمرء أن يستخلص بأن رئيس الحكومة هو الشخصية المحورية في السلطة التنفيذية ، وأن رئيس الجمهورية هو الشخصية الرمزية التي تتمتع ببعض الصلاحيات وخاصة منها الخارجية والدفاع ، ولكن باختيار الرئيس الحبيب الصيد في موقع رئيس الحكومة ، فالمتوقع ، أن يطغى ما يتجمع من خيوط بيد رئيس الدولة ، لطبيعة شخصية الرجل ( موظف سام وليس رجل سياسة ، وليس له انتماء حزبي معروف ، كما إنه لا يتمتع على ما يعرف عنه بكاريزما ظاهرة) ، ولوفائه للرجل الذي تلقفه منذ سنة 2011 وجعل منه وزيرا للداخلية في فترة شديدة التعقيد ، ماحيا بذلك كل ما يمكن أن يقال عنه من أنه رجل الماضي ، في وقت كان فيه رجال ما قبل 14 جانفي منبوذين مطاردين، ورغم ماضيه في أعلى المناصب في تلك الوزارة التي تم تقديمها عن حق بأنها كانت وزارة التعسف والظلم هي ووزارة العدل.
إذن فإن الاستنتاج الواقعي ، هو أن البلاد مقدمة على فترة ، سيتكرس فيها وضع تكون فيه للرئاسة رغم النصوص الدستورية ، مقدمة على كل السلطة التنفيذية ، ربما ليس للحد الذي يبلغ فيه الأمر شكلا رئاسويا واضحا ، ولكن بشكل أشبه ما يكون بالرأسين في حكومات ما بعد تولي الجنرال ديغول الرئاسة المنتخبة  بالإقتراع العام ، في بداية الستينيات في مواجهة الوفي ميشال دوبري ثم ،"المتمرد جورج بومبيدو ، ثم المنبطح الجنرال  بيار مسمر.
ومن هنا فإن الأيام المقبلة ستبرز ما إذا كان رئيس الحكومة الجديد سيكون مطلق اليد في تشكيل حكومته ، أن إنه  سيكون وقد اقترحه الحزب الأغلبي للمنصب ، مقيد اليدين وخاصة إزاء رئيس الجمهورية ، والجواب وطبيعته هو الذي سيحدد مدى استقلالية رئيس الحكومة الجديد ، إزاء رئيس الدولة ، وأيضا إزاء الحزب الأغلبي ، الذي بيده هو أساسا منحه الثقة عبر مجلس للشعب يبدو تحت التأثير المباشر لرئيسه التخلي أي الرئيس الباجي قائد السبسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق