قرأت لكم
|
ليس منا
بقلم الهاشمي نويرة ( جريدة الصحافة )
بترخيص من الكاتب
افتتاحية اليوم السبت
ليس منّا من يرفض الحرب ضد الإرهاب
الهاشمي نويرة
يبدو أن البشريّة تشهد مرحلة من أدقّ مراحل حضارة الإنسان.. مرحلة
تعاظم فيها الفعل الإرهابي واستقرّ في وعي من في نفوسهم مرض وتحوّلت جغرافية دول
بأسرها إلى فضاءات للترويع والترهيب والجريمة والإرهاب.. ولا ينبغي أن تؤخذ عملية
«شارلي هيبدو» الإرهابية على أنها حركة معزولة أو يائسة أتاها متطرّفون من قلب
ماكينة الإرهاب الدمويّة للتعبير عن رفض آليّ لنمط مجتمع صدّقوا أنه «كافر» أو هو
يقود رأسا إلى الكُفْرِ وهو في كل الحالات هو في تقديرهم وتقدير من لقنهم ذلك
مجتمع «زائل لا محالة».. فالأمر أبعد من ذلك!
وإنه من متطلبات المحافظة على ما تبقى من فكر نقديّ أن نتمعّن فيما جرى ويجري من هجمة همجية على حضارة الإنسان باسم الدين وباسم الدين الإسلامي تحديدا..
ويجدر بنا التأكيد في هذا الطور المأسوي أننا نعيش لحظة دراماتيكية فارقة انبرت فيها الرجعيات بمختلف مكوناتها الفكرية والسياسية والإيديولوجية تبحث عن ملاذ آمن تحافظ به ومن خلاله على جيوب سلطة ما انفكت تتآكل وتفقد بريقها ويذهب ريحها...
ومنذ عملية 11 سبتمبر 2001 الإرهابية بدا من الواضح أن الإنسانية دخلت مرحلة عصبية المزاج ولكنها تدشن حقبة جديدة تقطع كليا مع الحقبات السابقة من حيث كونها تجمع أقطاب التطرف «المدني» والديني مجسّدة في اليمين المتطرف في الغرب عموما والإسلام السياسي عندنا، لتجمعهم في نسيج مصلحي واحد قد لا يبقي ولا يذرُّ أيّ ذرّة من حضارة البشر..
.. وقد يكون من المفيد استحضار مقولة أن الرجعية في رحلة البحث عن حلول لأزماتها، إنما هي تحفر قبرها بيدها... والأمثلة الدالة على ذلك عديدة..
أفغانستان، التي كانت حلقة أساسية في القضاء على الغول السوفياتي حينها حسبما فُهم من سياسة أمريكا في وقتها كان من تداعياتها إفراز تنظيم «القاعدة» وهو تنظيم إرهابي اشتد عوده فبادر بمهاجمة خالقه وأسّس شرعية وجوده على معاداة أمريكا... ألمْ يقلْ ذات يوم أحد رواد هذا التنظيم الإرهابي أن «أمريكا دابة سخّرها (لهم) الله فركبوها»!!
العراق، الذي أُريد له أن يدفع ضريبة الحرب ضد الإرهاب انتهى إلى دويلات بينها «داعش».
الربيع العربي، الذي تخفى تحت رداء إرساء الديمقراطية فاستحال إلى فضاءات للإرهاب والجريمة والفساد والتطرف ولتوسيع مجالات الحياة لداعش وما جاورها من مشاريع لقتل وإعدام الحياة..
.. اليوم نحيا ونعيش على وقع تحولات جيوـ سياسية على درجة كبرى من الخطورة والأهمية، فعلى مدى 80 سنة كان الإسلام السياسي الإخواني الوهّابي هو الحاكم بأمره وبأمر الله وكان ما يسمى بالإسلام المتطرف يعيش في ظلّه أو تحت جلبابه... ولم يكن وقتها هناك من داع موضوعي أو ذاتي مصلحي لان يتم الفصل بين بُعده السياسي وبُعده الديني ولم تكن هناك حاجة ملحة لان يتنصّل المنتمون للإسلام السياسي التقليدي من علاقاتهم بالمجموعات الإرهابية والمتطرفة وذلك لكون الإسلام السياسي كان يصنف ويؤخذ على انه حركة معارضة لأنظمة حكم استبدادية في مجملها وفاسدة بالضرورة... وقد استمر الأمر كذلك حتى انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان واستحواذ حركة «طالبان» ومن ورائها تنظيم القاعدة على السلطة...
وكانت تجربة أولى عصفت بقيم ومُثُلِ الغرب في الحرية والديمقراطية وأوصلت الأمر إلى 11 سبتمبر 2001... وأمريكا التي ضُربت في عمق أراضيها «ثأرت» لنفسها بإعلان الحرب على الإرهاب وغزت أفغانستان وأبادت ما أبادت من هذه المجموعات الإرهابية واخترقت الباقي المتبقي منها والذين انتشروا لاحقا في الأرض الموعودة في انتظار مهمات لاحقة...
مشروع الشرق الأوسط الكبير... ثم «الربيع العربي»و الذي حمل حركات «الإسلام السياسي» إلى الحكم في المغرب وفي مصر وتونس واليمن وفلسطين.. وهو حكم اظهر بالقطع فشل هذا المشروع وإفلاس حامليه.
وإن في انهيار وفشل مشروع حكم الإسلام السياسي في نسخته الإخوانية في كل هذه الدول دفع إلى واجهة الأحداث المجموعات الإرهابية كبدائل إلى لاحتلال المكان في العراق وسوريا وليبيا واليمن حيث تمكن «الدواعش» وجبهات «النصرة» ومشتقاتها والحوثيون من «أنصار الله»، تمكنوا من سلطة خاطوها على مقاسهم... وارتدت الحركات الإخوانية التقليدية ومنها حركة "الإخوان " إلى مرتبة ثانوية وهامشية وأصبحت مهددة بالانقراض نهائيا من المشهد السياسي والحزبي إذا واصلت رفضها القيام بالمراجعات الضرورية لمنطلقاتها الفكرية والإيديولوجية بما يجعل منها حركات سياسية مدنية تعبر عن فكر البشر وتخضع للنقد وتنأى عن التحدث باسم المقدس الديني.
والواضح الآن أن الذين يحملون راية" الإسلام السياسي" والذين يتكلمون باسمه هم الجهاديون والذين هم يتحركون باسم دول متناثرة في الجغرافيا العربية وذلك بالتزامن مع انهيار مشروع "الإسلام السياسي" التقليدي في تونس ومصر والمغرب...
...الواضح أيضا أن مستقبل «الإسلام السياسي» التقليدي هو إلى زوال إن رفضت هذه القوى التقيد بالعمل السياسي والابتعاد، عن الجانب الدعوي الديني ورفضت الإنخراط الفعلي في الحرب ضد المجموعات الإرهابية فكرا وممارسة...والكف عن اعتبارهم فئات قابلة للترويض والإصلاح ، إذ من الواضح أن الفكر الإرهابي والمتطرف أصبح قوة مادية تتأسس إلى كيانات جغرافية فعلية ولا مجال إذن للمهادنة في التصدي لها...
الواضح كذلك أن الغرب الذي ساهم في خلق هذه الكيانات الماضوية المتوحشة فَهِمَ أن مثاله المجتمعي مستهدف من طرف هؤلاء... وقد اكتملت حلقات الاستهداف بعملية «شارلي هيبدو»... بما يمثله من استهداف للفكر والصحافة والإبداع والحرية...ففي11 سبتمبر 2001 استهدف ذروة المثال الغربي "الكافر" مجسدا في أمريكا ،وفي 7جانفي 2015 استهدف المثال الغربي في بعده القيمي والرمزي التاريخي من خلال اغتيال الحرية والإبداع في فرنسا بالذات ...
والمطلوب إذن حرب شاملة ضد الإرهاب... من أراد الدخول فيها فهو منا ومن رفض ذلك فهو ليس منّا...
وإنه من متطلبات المحافظة على ما تبقى من فكر نقديّ أن نتمعّن فيما جرى ويجري من هجمة همجية على حضارة الإنسان باسم الدين وباسم الدين الإسلامي تحديدا..
ويجدر بنا التأكيد في هذا الطور المأسوي أننا نعيش لحظة دراماتيكية فارقة انبرت فيها الرجعيات بمختلف مكوناتها الفكرية والسياسية والإيديولوجية تبحث عن ملاذ آمن تحافظ به ومن خلاله على جيوب سلطة ما انفكت تتآكل وتفقد بريقها ويذهب ريحها...
ومنذ عملية 11 سبتمبر 2001 الإرهابية بدا من الواضح أن الإنسانية دخلت مرحلة عصبية المزاج ولكنها تدشن حقبة جديدة تقطع كليا مع الحقبات السابقة من حيث كونها تجمع أقطاب التطرف «المدني» والديني مجسّدة في اليمين المتطرف في الغرب عموما والإسلام السياسي عندنا، لتجمعهم في نسيج مصلحي واحد قد لا يبقي ولا يذرُّ أيّ ذرّة من حضارة البشر..
.. وقد يكون من المفيد استحضار مقولة أن الرجعية في رحلة البحث عن حلول لأزماتها، إنما هي تحفر قبرها بيدها... والأمثلة الدالة على ذلك عديدة..
أفغانستان، التي كانت حلقة أساسية في القضاء على الغول السوفياتي حينها حسبما فُهم من سياسة أمريكا في وقتها كان من تداعياتها إفراز تنظيم «القاعدة» وهو تنظيم إرهابي اشتد عوده فبادر بمهاجمة خالقه وأسّس شرعية وجوده على معاداة أمريكا... ألمْ يقلْ ذات يوم أحد رواد هذا التنظيم الإرهابي أن «أمريكا دابة سخّرها (لهم) الله فركبوها»!!
العراق، الذي أُريد له أن يدفع ضريبة الحرب ضد الإرهاب انتهى إلى دويلات بينها «داعش».
الربيع العربي، الذي تخفى تحت رداء إرساء الديمقراطية فاستحال إلى فضاءات للإرهاب والجريمة والفساد والتطرف ولتوسيع مجالات الحياة لداعش وما جاورها من مشاريع لقتل وإعدام الحياة..
.. اليوم نحيا ونعيش على وقع تحولات جيوـ سياسية على درجة كبرى من الخطورة والأهمية، فعلى مدى 80 سنة كان الإسلام السياسي الإخواني الوهّابي هو الحاكم بأمره وبأمر الله وكان ما يسمى بالإسلام المتطرف يعيش في ظلّه أو تحت جلبابه... ولم يكن وقتها هناك من داع موضوعي أو ذاتي مصلحي لان يتم الفصل بين بُعده السياسي وبُعده الديني ولم تكن هناك حاجة ملحة لان يتنصّل المنتمون للإسلام السياسي التقليدي من علاقاتهم بالمجموعات الإرهابية والمتطرفة وذلك لكون الإسلام السياسي كان يصنف ويؤخذ على انه حركة معارضة لأنظمة حكم استبدادية في مجملها وفاسدة بالضرورة... وقد استمر الأمر كذلك حتى انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان واستحواذ حركة «طالبان» ومن ورائها تنظيم القاعدة على السلطة...
وكانت تجربة أولى عصفت بقيم ومُثُلِ الغرب في الحرية والديمقراطية وأوصلت الأمر إلى 11 سبتمبر 2001... وأمريكا التي ضُربت في عمق أراضيها «ثأرت» لنفسها بإعلان الحرب على الإرهاب وغزت أفغانستان وأبادت ما أبادت من هذه المجموعات الإرهابية واخترقت الباقي المتبقي منها والذين انتشروا لاحقا في الأرض الموعودة في انتظار مهمات لاحقة...
مشروع الشرق الأوسط الكبير... ثم «الربيع العربي»و الذي حمل حركات «الإسلام السياسي» إلى الحكم في المغرب وفي مصر وتونس واليمن وفلسطين.. وهو حكم اظهر بالقطع فشل هذا المشروع وإفلاس حامليه.
وإن في انهيار وفشل مشروع حكم الإسلام السياسي في نسخته الإخوانية في كل هذه الدول دفع إلى واجهة الأحداث المجموعات الإرهابية كبدائل إلى لاحتلال المكان في العراق وسوريا وليبيا واليمن حيث تمكن «الدواعش» وجبهات «النصرة» ومشتقاتها والحوثيون من «أنصار الله»، تمكنوا من سلطة خاطوها على مقاسهم... وارتدت الحركات الإخوانية التقليدية ومنها حركة "الإخوان " إلى مرتبة ثانوية وهامشية وأصبحت مهددة بالانقراض نهائيا من المشهد السياسي والحزبي إذا واصلت رفضها القيام بالمراجعات الضرورية لمنطلقاتها الفكرية والإيديولوجية بما يجعل منها حركات سياسية مدنية تعبر عن فكر البشر وتخضع للنقد وتنأى عن التحدث باسم المقدس الديني.
والواضح الآن أن الذين يحملون راية" الإسلام السياسي" والذين يتكلمون باسمه هم الجهاديون والذين هم يتحركون باسم دول متناثرة في الجغرافيا العربية وذلك بالتزامن مع انهيار مشروع "الإسلام السياسي" التقليدي في تونس ومصر والمغرب...
...الواضح أيضا أن مستقبل «الإسلام السياسي» التقليدي هو إلى زوال إن رفضت هذه القوى التقيد بالعمل السياسي والابتعاد، عن الجانب الدعوي الديني ورفضت الإنخراط الفعلي في الحرب ضد المجموعات الإرهابية فكرا وممارسة...والكف عن اعتبارهم فئات قابلة للترويض والإصلاح ، إذ من الواضح أن الفكر الإرهابي والمتطرف أصبح قوة مادية تتأسس إلى كيانات جغرافية فعلية ولا مجال إذن للمهادنة في التصدي لها...
الواضح كذلك أن الغرب الذي ساهم في خلق هذه الكيانات الماضوية المتوحشة فَهِمَ أن مثاله المجتمعي مستهدف من طرف هؤلاء... وقد اكتملت حلقات الاستهداف بعملية «شارلي هيبدو»... بما يمثله من استهداف للفكر والصحافة والإبداع والحرية...ففي11 سبتمبر 2001 استهدف ذروة المثال الغربي "الكافر" مجسدا في أمريكا ،وفي 7جانفي 2015 استهدف المثال الغربي في بعده القيمي والرمزي التاريخي من خلال اغتيال الحرية والإبداع في فرنسا بالذات ...
والمطلوب إذن حرب شاملة ضد الإرهاب... من أراد الدخول فيها فهو منا ومن رفض ذلك فهو ليس منّا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق