Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

السبت، 3 يناير 2015

سانحة : عود على بدء ،، السيزيام يعود والتخلف ممعن

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
مهزلة إعادة السيزيام
تونس / الصواب /04/01/2015
بعد 20 سنة من إلغاء السيزيام ، ها أن الحكومة المؤقتة تتخذ قرارا بإعادة "المناظرة".
وهناك على الأقل أمران شكليان لا بد للمرء أن يتوقف عندهما :
أولهما أن حكومة مؤقتة لم يبق في عمرها إلا أسابيع قليلة  هل هي مؤهلة لاتخاذ قرار يرهن مستقبل أجيال.؟
ثانيهما : هل يمكن لحكومة تحترم نفسها أن تغير قواعد اللعبة أثناء سير اللعبة ، أي تفرض تأدية امتحان في نفس السنة التي يجري فيها.؟
هذا من الناحية الشكلية أما من جهة الجوهر فإن المآخذ أكبر وأشد أثرا، فإلغاء "مناظرة " السيزيام في حدود 1994 ، جاء إثر دراسات علمية تولتها المجموعة التعليمية ، وشارك فيها المجتمع بكثافة ، وكانت المطالبة بإلغاء السيزيام ( وهو امتحان وليس مناظرة، فالمناظرة يحدد عدد الناجحين فيها بصورة مسبقة ، أما الامتحان فيعتمد معدل أو متوسط أعداد محدد) قد سبقت الإلغاء الفعلي بعدة سنوات ، وكان مطلبا ملحا في غالب الصحافة التونسية منذ السبعينات، ففي فرنسا (أمنا الحنون للأسف ) تم إلغاء مناظرة السيزيام منذ 50 سنة قبل تونس ، لما رأوا فيه من قلة جدوى، ولاعتبار أن الأطفال والمراهقين ينبغي أن تشدهم المدرسة حتى سن الـ16 وجوبا.
وفي السبعينيات وحتى قبلها لم يكن هناك بلد ممن يعتد به ، يتوفر على هذا الامتحان الفاصل بين الابتدائي والثانوي، إضافة إلى ما كان يلام عليه هذا الامتحان "الوطني" ، من تأثيرات نفسية سلبية على النفوس الغضة في سن ما بين 11 و12 سنة.  
ولذلك وإمعانا في التخلف وقصر النظر، فإن وزارة التربية تتجه إلى اتخاذ خطوات متخلفة، في هذا المجال، متبوعة في ذلك، بصمت للحكومة ولرئاسة الحكومة بالذات .
وإذا كان هناك من مبرر لإجراء الامتحان لاختيار التلاميذ "الأنجب " لحشرهم في مدارس نموذجية ، يدفع لها التلاميذ " النجباء" بمعدلات مختلفة بين منطقة وأخرى ، لا يوجد مثيل لها في البلدان المتقدمة ، وهي قصر على البلدان الشيوعية التي اخترعتها ، ومن شأنها أن تفصل الأبناء المتفوقين والمنحدرين عادة من الأسر الميسورة ، وأبناء الشعب ، فإن لا السيزيام ولا حتى المدارس النموذجية  لها مكان في بلد مثل تونس. ف،ه لا مبرر مطلقا للتعميم ، في انتظار إعادة النظر في ما يسمى بالمدارس النموذجية ، واحتمال إلغائها.
فأبناء الشعب  الواحد ينبغي أن يكون اختلاطهم لا الجنسي فقط ، بل وأيضا التدريسي ، بدون فواصل.
إن سوق مئات الآلاف من النفوس الغضة كل سنة إلى امتحان خارج مقاييس العصر، لهو عملية تراجع عن مكتسبات اجتماعية وبيداغوجية ثبتت نجاعتها.
وإذ كان يراد رفع مستوى التعليم ، وهو أمر في غاية الأهمية والاستعجال ، فإن الوسائل البيداغوجية المتطورة الحديثة ، وضرورة الأخذ بيد الأسرة التعليمية ، واستعمال الحوافز الحقيقية لا الأوتوماتيكية ، تعويضا عن تضاؤل الأجور وانحدارها ، لهي الوسائل الفعلية، لذلك الرفع.
وكما إن رجل التعليم في حاجة إلى الإحاطة ، والمدرسة في حاجة إلى الرعاية الأدبية والمادية ، ومناخ التعليم والتدريس في حاجة إلى توفير الإمكانيات كما  قبل سنوات مضت ، خاصة في زمن البورقيبة بدء بالميزانية المخصصة واستمرارا لضرورات الرسكلة الدائمة، واعتمادا على توفير المصاحبة البيداغوجية، وحتى الغذائية للمتعلم  وانتهاء  بالعناية بمدرستنا المتدهورة  ، ولزوم أخذها بما تحتاج إليه من ترميم حتى في بناياتها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق