الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
حكومة الصيد
.. حكومة على كف عفريت
تونس/الصواب
14/01/2015
حكومة الصيد
،، بل لعلها حكومة الباجي قائد السبسي ، لقد تم احترام مقتضيات الدستور شكليا ،
فشكل الحبيب الصيد الحكومة كما تقتضي الطبيعة البرلمانية التي تم إقرارها، ولكن
ووفقا للمعطيات المتاحة لا بإرادته ولكن بإرادة رئيس الدولة.
بداية فإن
اختيار الحبيب الصيد من قبل الحزب الأغلبي ( نسبيا) حركة نداء تونس ، جاء على مقاس
رجل رئيس الدولة ، ليكون تحت "الأوامر" لسببين :
أولهما ، أن
الحبيب الصيد تعود وهو وزير داخلية في حكومة السبسي سنة 2011 أي تحت نظام رئاسي ،
كان يتولى نظريا رئاسته فؤاد المبزع وواقعيا الباجي قائد السبسي.
ثانيا أن
ماضي الحبيب الصيد سيجعله دائما ، أسير ماضيه في وزارة الداخلية ، أيام سنوات
الجمر والتعسف، وهو لا يستطيع أن يرفع عقيرته ، ولا هو من سلالة السياسيين الذين
تورطوا مع النظام السابق، وكانوا من الصفاقة ليعودوا بكل "أريحية "
اليوم دون حياء ولا خجل ، فالذين يعرفونه عن قرب
يقولون إنه دمث الأخلاق، ولكن بدون
جرعة من الجرأة لمواجهة لا ماضيه ولا إرادة من كان وراء تسميته.
هذه الحكومة
تتميز من وجهة نظرنا بثلاثة خصائص :
1/ أنها
حكومة أقلية ، فإذا جمعنا القوى الفعلية التي تقف وراءها والمشكلة منها نجد أنها
لا تصل نظريا لجمع أغلبية 109 نواب (86 مقعدا
لنداء تونس ، 16 مقعدا للوطني الحر ومقعدا واحدا للتهامي العبدولي وحزبه أي
مجموع 103 مقاعد) لكنها يمكن أن تضمن المقاعد الثلاثة للمبادرة التي يرأسها كمال
مرجان،وأيضا مقعد أحمد الخصخوصي واحتمالا 4 مقاعد مستقلين أي مجموع 111 مقعدا
كافية بالكاد لتشكيل أغلبية هشة جدا ،
ويعتقد مراقبون أنه من المحتمل أن تصوت للثقة بها أيضا كتلة آفاق (8 مقاعد) وكتلة
الجبهة الشـعـبية (15 مقعدا ) و احتمالا جانبا كبيرا من كتلة النهضة القوة الثانية
في المجلس بأكثر من 65 نائبا،وهي كتلة يقدر البعض أنها ستكون في المعارضة ولكنها
لن تخذل الباجي قائد السبسي ، وستحاول في غالبها أن تسند حكومته طالما إنها حكومته
وليست حكومة الصيد.
هذا بالنسبة
للتصويت على الثقة بالحكومة سواء بمناسبة تشكيلها أو في أي مناسبة أخرى يتم طرح
الثقة بها في المستقبل. ، ولكن وبمناسبة عرض القوانين وخاصة القوانين الأساسية أو
الدستورية فإن فيتو النهضة سيكون في المواجهة ، ولن يمر قانون لا توافق عليه
النهضة، بكتلتها الكبيرة التي تشكل وحدها ومع المؤتمر والتيار والشعبي ثلثا معطلا
صلبا.
2/ أنها
حكومة الأطراف التي كانت محتملة فيها، ولكنها استبعدت ، فلا آفاق الليبرالية ، ولا الجبهة اليسراوية
ولا النهضة ذات النظرة لنمط المجتمع المرفوضة من الغالبية الشعبية، وإذا كانت آفاق
ستستفيد انتخابيا من غيابها في الحكومة ، وإذا كانت الجبهة الشعبية هي الأخرى
ستستفيد باعتبار أنهما سيكونان خارج دائرة القرارات التي لن تكون بالضرورة شعبية ،
فلعل خروج النهضة من الحكومة سيضرها ، ويقلل من لمعانها بعد أن فوتت على نفسها الاستفادة
من دور الضحية بسوء إدارتها لمرحلة حكمت فيها وأساءت لنفسها أكثر من الإساءة
لغيرها.
3/ أن حكومة
الحبيب الصيد لا يمكن اعتبارها حكومة سياسية على اعتبار أن غالبها مشكل من
تكنوقراطيين وإداريين ، لن يحاسبوا في
انتخابات مقبلة، ولعل الخطأ الكبير الذي وقع فيه نداء تونس ، هو انفراده
بالمسؤولية السياسية رغم أنه لا يسيطر إلا على ثلث الحكومة ، واستبعاده لآفاق
والجبهة وخاصة النهضة ، سيحمله وحده مسؤولية المرحلة ، ويعطي للأحزاب الأخرى مناعة
باعتبارها لن تشارك في الحكم ، وبالتالي لن تكون مورطة في القرارات "السيئة و
اللاشعبية " التي لم تقدم عليها النهضة خلال حكمها ، ولا المهدي جمعة خلال سنة حكمه والتي فوتت على تونس الإصلاح الذي
كان واجبا ، ويكاد قد فات أوانه.
أما الوطني
الحر فإنه بما حصد من مقاعد في الانتخابات التشريعية الأخيرة ودخوله الحكومة يبدو كفقاعة ، سريعا ما ستفجر كما حصل للعريضة
الشعبية بعد إحرازها على المرتبة الثالثة في انتخابات أكتوبر 2011.
حكومة مرؤوسة
بشخصية تعتبر لا سياسية ، وتركيبة في غالبها غير سياسية ، ولكن سينفرد بتبعات
الحكم فيها نداء تونس، الذي سيدفع في
نهاية الخماسية ، إن حافظ على الحكم حتى ذلك الوقت ، ثمنا باهظا ولكن بصورة منفردة
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق