Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 26 يناير 2015

بكل هدوء : سياسة الهواية بدل الاحتراف

بكل هدوء
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الهواة
تونس / الصواب / 27/01/2015
 يحتاج العمل السياسي إلى قدر كبير من المهنية بما يعني ذلك من إدراك وتقييم دقيقين ، وتصرف من منطلقات تقوم على حسابات دقيقة.
ولعل الحكومة المعلنة من قبل الرئيس المكلف الحبيب الصيد ، قد بدا عليها من سمات الهواية الشيء الكثير، وغابت عنها الحرفية الدنيا التي لا بد أن تصاحب كل عمل سياسي أو غيره.
ومنذ الإعلان عن التشكيلة بدا أنها تشكيلة لا تضع في حسبانها حقيقة الوضع الذي أفرزته الانتخابات التشريعية الأخيرة ، ولا تركيبة المجلس النيابي والظلال القائمة عليها( les nuances ).
غير أن غالب المراقبين اعتقدوا في المنطلق أن تلك الحكومة هي نتيجة توافقات بين من يدخل فيها ومن يبقى خارجها ، إلا أن ظنهم سريعا ما خاب ، وظهر أن الحبيب الصيد قد بدا هاوي سياسة وليس محترفا فيها ، وأنه ليس على إدراك لا كبير ولا صغير بالتوازنات ، ولا بالمرحلة المقبلة الصعبة المقبلة التي تنتظر البلاد وما تحتاج إليه من توافقات .
وفي عملية حسابية غير معقدة ولا تحتاج إلى نوابغ في العلوم الرياضية ، وبعد أن اتضحت النوايا التي لم تكن خافية ولا شك على السيد الحبيب الصيد، بدا أن الحكومة التي شكلها وإن كان يمكن أن تحصل على ثقة برلمانية ضيقة جدا في المنطلق ( وهو أمر مشكوك فيه ) فإنها مهددة في كل وقت ، غير أن الأدهى والأمر أنها يمكن أن تصطدم بثلث معطل ، يعرقل عملها وتمرير قوانين أساسية ضرورية للخروج بالبلاد من أزمتها الحادة.
فاستبعاد النهضة وآفاق والمبادرة والجبهة الشعبية كلها لا حتى بعضها  من التشكيلة الحكومية، ليس من شأنه أن يوجد المناخ الملائم للاستقرار الحكومي ، هذا إذا استطاعت الحكومة أن تقتلع ثقة البرلمان من الوهلة الأولى.
وبروح من الهواية وضعف البصيرة وضع الحبيب الصيد نفسه في مأزق ، ووضع معه في نفس المأزق رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، الذي عود على دهاء سياسي غاب عنه هذه المرة ، وهو وإن يدعي أي السبسي أن حزب نداء تونس ، هو الذي اقترح رئيسا للحكومة بهذا المقاس، فالناس جميعا يعرفون أن الرجل من اختياره، وملائما للمقاس الذي يريده لرئيس الحكومة ، رجل لا يلوي عصا في يد الرئيس.
واليوم فإن رئيس الحكومة المكلف وبعد أن فهم أن الثقة بحكومته يبدو  أمرها صعبا إن لم يكن مستحيلا ، فإنه يحاول أن يكتب صفحة جديدة ، بترقيع حكومته ، وبإقامة تشكيلة تستجيب لوعود الباجي قائد السبسي طيلة الحملة الانتخابية ، من أنها ستكون مستندة إلى وحدة وطنية واسعة.
وإذ يصعب تصور زيادة عدد الوزارات وكتابات الدولة  والوزراء وكتاب الدولة، فهي كما هي أكثر من اللزوم ، فإن عليه أن يصرف عددا من أعضاء الحكومة المعلنة ، وتعويضهم ، ومن من الذين تم تعيينهم سيقبل اليوم بإقالته وهو لم يستلم منصبه بعد ، ثم من الذين سيلحقون بالتشكيلة الحكومية كما سيتم ضبطها، وعلى حساب من ، ومن أي الأحزاب وهل سيكون للنهضة نصيب من المقاعد وأيضا آفاق والمبادرة .؟
قفزة في الهواء وسقطة مؤلمة ؟؟
وسلوك لا يتسم بالمهنية والحرفية، وهزة في مصداقية نداء تونس، كيف يمكن له أن يتجاوزها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق