Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 10 مارس 2014

بكل هدوء : ماذا ينتظرنا، وماذا ينتظر أبناءنا بعد جيلنا الذي خان الأمانة

بكل هدوء
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
التحديات الكبرى
تونس/ الصواب/ 10/3/2014
بعد عرض لرئيس الحكومة، للحقيقة لم يصارح فيه الشعب بالحقيقة كل الحقيقة، وحاول في نفس الوقت أن لا يخيف، وأن لا يحمل المسؤولية لسابقيه ، ليس فقط في حكومات النهضة بل لما قبلها ولا حتى للنظام السابق، جاء عرض وزير الاقتصاد والماليةK الذي وإن كان في ظل تقسيم أدوار  قد  اتسم بالحذر، غير راغب في أن  ينزلق أكثر من اللزوم في وصف سوداوي لوضع ، ليس صعبا فقطا بل سوداويا.
12 مليار دينار تمثل حوالي 40 في المائة من الميزانية(عبر الاقتراض) ، بعد تحيينها المقبل، لا نعرف كيف ستأتي، هذا إذا سلمنا بأن الموارد الذاتية التي حددتها الحكومة السابقة ، ممكن تعبئتها، في ظل تقهقر اقتصادي واضح، وصفه الوزير الأسبق للمالية، حسين الديماسي  بأنه يتمثل في نسبة نمو خلال السنوات الثلاث الماضية، لا تفوق جملة 0.8 في المائة، بعكس كل الأرقام الخاطئة التي يجري الإعلان عنها.
إن تونس للواقع تجر وبصعوبة تراجعا اقتصاديا ، يتراكم منذ سنوات، ولكنه احتد بالذات منذ 2008، وازداد احتداده في العام 2011، وتعاظم احتداده في العامين 2012 و2014، نتيجة سياسات خاطئة، وانعدام الرؤية والشجاعة.
في سنوات الوفرة كانت مظاهر النجاح تبرز، عبر توازن الموازنات واستمرار جر الدولة للماكينة الاقتصادية ، وتوفير الشغل للجميع من المتقدمين الجدد لطلب العمل، ولكن منوال التنمية وصل حدوده القصوى منذ أزمة 1986/1987، وأخذ يلهث منذ منتصف التسعينيات، وبات واضحا أنه في حاجة إلى هزة عندما وصل عدد العاطلين حدود 13 في المائة من طاقة العمل أو ما بين 300 إلى 350 ألفا في سنة 2010، ليستقر ما بعد ذلك لما بين 700 و800 ألف بطال ، ما يعني أن القدرات الكفيلة بإنتاج الثروة باتت معطلة وغير فاعلة.
وضع لا بد من القول أن الحكومة المؤقتة الخامسة في 3 سنوات، ليست لا هي ولا أي حكومة أخرى مسلحة فعلا لمواجهة وضع على هذه الحالة من التدهور، وإذا نجح مهدي جمعة وفريقه، في الحفاظ على الوضع على حالته الكارثية دون أن يزداد الأمر حدة وتراجعا، فإنه يكون بذلك قد حقق أمرا كبيرا ونجاحا مشهودا، ولكن بتضحيات كبيرة من الشعب، لا يراد أن يتم الإفصاح عنها ولكنها وافدة بدون شك.
العام الحالي سيمر مهما كانت الأحوال والتضحيات المرتقبة، بكل ما ستجر إليه من قرارات موجعة، من الممكن أن تؤدي إلى اضطرابات متوقعة، والأمل أن لا تؤدي إلى مزيد من الإنخرام، ولكن كيف سيكون العام المقبل، عام 2015 .
المنتظر أنه  لن يكون أفضل حالا ، فكل المؤشرات لا تدعو إلى إنتظارات متفائلة، ولعل الأمل الوحيد هو  أن تعود آلة الإنتاج إلى دورانها، بالعمل ، والعمل وحده، فلا ينبغي أن ننتظر مددا من الخارج، وحتى المدد إن جاء فإننا نحن ، وأجيالنا المقبلة سندفع ثمنه غاليا، من مستوانا المعاشي المتدهور، ومن قدرتنا الشرائية المتراجعة، وربما من مواردنا العامة والفردية التي إن لم تتقلص بصورة فعلية، فإنها ستتقلص هذا مؤكد في قيمتها، وطاقتها على توفير احتياجاتنا.
كان هناك وقت ، كان الفرد منا يحلم والحلم جائز وكان قابلا للتحقيق، بأن أبناءنا، سيعيشون أفضل مما عشنا، ولكن هذا الحلم وهذا الأمل تبخر اليوم ، ولعلنا نحن وجيلنا إذا عشنا كما كنا نعيش وليس أدنى من ذلك ، فإن ذلك سيعد إنجازا كبيرا في حد ذاته.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق