سانحة
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
مسؤولية
المواطن
الصواب /
تونس/ 05/12/2015
تستعد رئاسة
الوزراء لإدخال تعديلات قيل إنها ستكون
واسعة ، في سبيل "إعادة هيكلة الحكومة"، وربما تفطنت رئاسة الجمهورية
ورئاسة الحكومة والأحزاب المؤتلفة أخيرا إلى أن الفشل كان ذريعا ، وأنه إن لم يقع
شيء فعلي ، في تخفيف الأزمة الموروثة عن حكومات مستخفة ، اشترت الزمن على حساب
الشعب ، ونزلت به إلى ما تحت ما كان يقاسيه،
ولم تعند جميعها لمصارحة الشعب بما ينتظره ، فقد جاءت ساعة المحاسبة التي
لم يعد منها بد، فالدولة مفلسة أو تكاد ، والموازنة المصادق عليها أو ستتم
المصادقة تشكو من عجز لم تعرفه البلاد منذ الإستقلال ، حتى في نهاية حكم أحمد بن
صالح ، ولا في آخر حكم محمد مزالي، وهي أي الحكومة مضطرة إلى قرارات موجعة ، تأتي
بعد فوات الأوان والتقدير أنها إنما تؤخر الحسم فقط.
وإذ تسعى
الحكومة لدفع الناس للإسهام في تمويل تجهيز الأمن و القوات المسلحة تطوعا ، فلن
يغيب عن الذهن أن حكومة المهدي جمعة طلبت مددا شعبيا قبل أقل من سنتين ، فتسابق
الناس وجمعت في صيغة قرض ما لم تكن تحلم به من سيولة. الحل ليس في ذلك ، وستحتاج
الدولة وأقول الدولة عمدا ، ولا أقول الحكومة لأن الدولة هي دولتنا جميعا ،
والحكومة هي للقائمين عليها بل الحل في الكف عن التسول ، والاتجاه الصحيح والواضح
:
أولا : جمع
الضرائب من كل من هو مطلوب منه ، والضرب بيد من حديد على المتهربين ، إن لدى هذا
الشعب التونسي نافذة واسعة (niche) من التحصيل
الضريبي لم تفتحها قط ، وحتى عندما أقدم الوزير
منصور معلى على بدء فتحها في العام 1972 بقانون
مالية محتشم ، سارعوا حكاما وخاضعين متهربين لإغلاقها ، ثم عوقب بعزله.
فكلنا نعرف
أين تكمن حقيقة المداخيل وحجمها ، ونعرف أيضا مجموع الامتيازات الموفرة ، ونعرف أن
الإدارة التونسية لا تسأل من أين لك هذا ، وهي ترى ثروات ضخمة تتشكل في لمح البصر،
وإذ لا بد من تشجيع النجاح فإن الناجحين لا بد أن يؤدوا ضريبة وطنهم الذي وفر لهم
الفرصة للثراء ، طبعا بمجهودهم وعبقريتهم ، ولكن أيضا بما توفر لهم من مناخ .
كفى تسولا ،
من المعدمين أو أشباه المعدمين ، ولا بد من فتح باب حيث توجد حقيقة المداخيل سواء
لدى رجال الأعمال المتلددين بدون ملاحقة ، ورجال المهن الحرة.
لا بد من فرض
ـأداءات أيضا على القصور المشيدة والتي تفوق مساحة معينة ، والسيارات الفارهة ،
وأحواض السباحة الفردية ، وعلى السفرات المتكررة لغير العمل ، وكثير من نوافذ
الدخل الكثيرة التي لم نذكر ، لا بد من فرض الرقابة على شراء العقارات إذا فاقت
قيمتها حدا معينا، ولا بد من رفع الأداء على المساكن ، هل يعقل أن يدفع المرء عن
شقته واحد من 10 من الأداء البلدي لنقابة العمارة ولا يدفع المستحق عليه لقباضة
البلدية ، ويدفع صاحب الفيلا الفخمة أقل مما يدفع صاحب الشقة ، ونريد الإضاءة
العمومية ونريد الطرقات بغير حفر ، ونريد النظافة .
ثانيا :
الحرب الحقيقية على إرهاب الحركة التجارية والصناعية الموازية ، المرتبطة لحد بعيد
بالارهاب فكل منهما يغذي بعضه البعض ، إن الحرب لا ينبغي أن تقوم على الإرهاب وحده
بل وأيضا على صنوه النشاط الموازي ، الذي يمثل لا أقل من نصف النشاط في البلاد تحت
"حس مس".
ثالثا : لا
بد أن يعم الشعور بأننا في مأزق ، وقد وجب على المواطن أن يستهلك تونسيا متى توفرت
السلعة والخدمة التونسية ، وأن نكف عن ترف لسنا في مستواه وماذا لو قرر الفرد منا
العدول عن السياحة الخارجية ، واكتفينا لسنتين أو ثلاثا بسياحتنا الداخلية ، نقوم بأودها وننقذها وننقذ
أبناءنا من شر البطالة ، ولكن على أصحاب الفنادق أن يعاملوا سائحيهم من التونسيين
نفس معاملة السائح الأجنبي وعلى الأخص من ناحية أسعار الاقامات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق