الموقف السياسي
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
نداء تونس إلى أين ؟
الصواب / تونس/ 21/12/2015
في نفس اليوم الأحد الذي عقد فيه
الرئيس السابق منصف المرزوقي والمجموعة
المصاحبة في قصر المؤتمرات بالعاصمة ،
لعله مؤتمرا تأسيسيا ، باسم حراك الإرادة ، ليس مفهوما إن كان على أنقاض حزب
المؤتمر من أجل الجمهورية ، أو على أنقاض حراك الشعب الذي ولد ميتا ، في نفس ذلك
اليوم انعقد في الحمامات اجتماع سوف لن تتضح أبعاده إلا في 10 جانفي 2016.
ولن نطيل الحديث عن المبادرة الأولى
التي جمعت عدا عددا من قدامى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بعد التنظيف من أسماء
كانت لامعة ، جمعت بعض المستقلين وآخرين
من أحزاب أخرى وخاصة الجمهوري والتكتل ،
ولو ليس من الصف الأول ، مما سيزيد ضعفها ضعفا وهزالا ، وتجتمع بذلك "
قوى " هي في حد ذاتها لا تمثل وزنا كبيرا ،
وفقا لنتائج الانتخابات الأخيرة في خريف 2014.
ولكن سنتطرق ببعض الإسهاب لاجتماع الحمامات ، الذي لم يفصح عن هويته ،
ويكتفي منظموه بالقول عن انسلاخ من الهياكل التي تمسك بتلابيب حزب نداء تونس الذي
يرفض حتى الآن تسمية نفسه بالحزب ، بل يكتفي باعتبار نفسه حركة.
وفي إطار السرية المطلقة المحيطة
"بتحرك " الخارجين عن هياكل الحزب الحركة ، واعتبار أنفسهم هم الشرعيين
، وأن الذين يسيطرون اليوم على المقرات ليست لهم شرعية ، فإن للمرء أن يتساءل عن
الأهداف التي يسعى وراءها "المنسلخون " .
ولعل استنتاجا يبدو سائدا اليوم ،
يقوم على أن التاريخ يعيد إنتاج نفسه ، فالذين يسمون أنفسهم منسلخين ومستقيلين من
القيادات المتحكمة في نداء تونس ، لا مستقيلين من الحزب نفسه ، يسعون لتكرار تحرك
بورقيبة والأربعة المرافقين له في شهر مارس 1934وهم :
-
الدكتور محمود الماطري رئيس
-
الحبيب بورقيبة أمين عام
-
الطاهر صفر أمين عام مساعد
-
امحمد بورقيبة أمين مال
-
البحري قيقة أمين مال مساعد
وقد
انتخبوا بعد مؤتمر انعقد في قصر هلال في 2 مارس من تلك السنة بحضور 37 من
المؤتمرين جاؤوا من مختلف أنحاء البلاد ، في عملية لسحب البساط من تحت أرجل قيادات
الحزب الدستوري الذي كان أسسه الشيخ عبد العزيز الثعالبي سنة 1920 ، وفي حركة
تجديد ، اعتبرت أن الشرعية مع المنشقين ، وفي إطار ما اعتبره وقتها المنشقون من
أنهم يمثلون القيادة الشرعية ، في تحد سافر للقيادات التاريخية.
وإذا
كان المحيطون ببورقيبة أو بالأحرى محمود الماطري أول رئيس للحزب المنشق ، الذي خرج
على القدامى في ما اعتبر أيامها الحزب الحر الدستوري ( القديم ) قوقعة فارغة.
ولعل
المنسلخين يكررون اليوم ما فعله " أجدادهم " المُحدَثين أو هكذا يسعون
للظهور ، على أساس أنهم ينتمون للإرث البورقيبي ، بينما الآخرون ينتمون للإرث
الثعالبي ، دون التنكر للإرث البورقيبي.
ولكن هل يمكن أن يكرر التاريخ نفسه ؟
لعل
هذه هي إستراتيجية مجموعة مرزوق – الحاج علي – العكرمي وغيرهم ممن يسعون لسحب
البساط من تحت أرجل ، لا فقط حافظ قائد السبسي / نبيل القروي / رؤوف الخماسي ومن
يسير معهم وهم كثيرون.
وإذ
ينسب كل شق لنفسه إمساكه بغالبية التنسيقيات ( الأجهزة الجهوية للحزب) فإن حقيقة
اللعبة تجري في العاصمة تونس ، وبين قيادات الصف الأول والثاني ، الحائز أغلبها
على ثقة الرئيس المؤسس رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ، وبالتالي على تأييده
وتأييد ابنه ، فالسلطة هنا ، والمنافع هنا.
ويدخل
المنسلخون في مغامرة ، لا تبدو لغير المدركين لحقيقة التوازنات مثلما هو حالنا ،
سليمة العواقب ، ولكن من يستمع إليهم وإلى حجتهم ،يراهم واثقين من أنفسهم ومن
نتيجة مسعاهم.؟؟
وقبل
نصف شهر على عقد ما يشبه المؤتمر الذي يخططون له في 10 جانفي ، في نفس فترة
المؤتمر الذي دعا له ونظمه حافظ قائد السبسي ، لا تبدو معالم الصورة واضحة ، وإن
كانت الكفة تبدو مائلة إلى جهة من يسمون أنفسهم بالشرعيين ، أي المجموعة التي بيدها أجهزة الحزب ومقراته .
ولكن
يبقى هناك سؤالان مركزيان:
أولهما
من أين يأتي تمويل هذه التحركات في فنادق فاخرة ومكلفة .؟
وثانيهما
ماذا سيكون تأثير كل ذلك على الساحة الوطنية ، وإلى ماذا سيؤدي إليه هذا الانقسام
على قاعدة العمل السياسي في البلاد ، و على الأغلبية النسبية التي تعتمد عليها
حكومة الحبيب الصيد؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق