Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

عربيات . إعادة نشر لمقال من 2013 واستصراخ لضمير العالم

عربيات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
أزمة ضمير
تونس / الصواب / 08/09/2013
عندما اندلعت الثورة السورية قبل حوالي 30 شهرا، اعتبرها المواطن العربي حلقة من حلقات الربيع الذي أهل على الأمة العربية ، وسعى لإخراجها من ظلام الديكتاتورية إلى ضياء الديمقراطية.
 وإن شذ من العرب أولئك القومجيون الذين لم يكن يهمهم حال المواطنين السوريين، وهم يعيشون أقسى أنواع التعسف الذي استمر على مدى 40 عاما تحت حكم آل الأسد، وهو الاسم المستحدث لعائلة النعجة، فإن الغالبية العظمى من أحرار العالم وقفوا إلى جانب الشعب السوري، الذي استبسل في ثورته، على واحد من أعتى الأنظمة وأكثرها ديكتاتورية، لا يقاس بها لا الوضع في تونس ولا في مصر ولا في ليبيا.
واستكثر هؤلاء على السوريين ما ارتضوه لبلادهم، من كسر لأغلال والقطع مع الديكتاتورية.
وكان القوميون يعتبرون أن حكم آل الأسد ، يقف سدا منيعا أمام العدوان الصهيوني، فيما إن الحدود السورية مع إسرائيل ، لم تشهد إطلاق رصاصة واحدة منذ حرب 1973، وأنه بذلك لا يمثل خط الممانعة المنيع ضد المطامع الامبريالية الصهيونية.
ولقد حققت الثورة السورية انتصارات باهرة، رغم التقتيل وتهديم المدن على رؤوس أهلها، والانتقام من المدنيين، خصوصا مع بروز زعامات من المثقفين مشهود لها بالتحرر والنفس الديمقراطي.
وأدى تعسف النظام السوري الأسدي ، إلى انتقال الثورة السلمية إلى انتفاضة مسلحة في مواجهة آلة الدمار الحكومية القاسية.
غير أن الوضع أخذ باتجاه التغيير، بعد أن دخل على الخط جهاز القاعدة، متمثلا في جماعة النصرة، الممول خصوصا من قطر ولكن جهات خليجية أخرى، وتركيا التي لم تنس مطامعها في ارض الشام.
وإزاء تراجع الثورة السلمية، وصعود المتطرفين الدينيين للنصرة الذين يريدون فرض نمط مجتمعي معاكس لرغبة السوريين، بدأت بالنسبة للكثيرين أزمة ضمير.
ما الأفضل : أن يقوم نظام ديني متطرف شبيه بذلك الذي عرفته أفغانستان،أو أن يبقى الحكم الأسدي الديكتاتوري الدموي؟
وبالنسبة لكثيرين ممن وقفوا مع الثورة المدنية الديمقراطية، فإن الخيار واضح لا لبس فيه، وهو خيار الدولة المدنية، حتى وإن كانت بلبوس ديكتاتوري مجرم.
وإنه لمن المؤسف أن تنخرط حكومة بلادنا، في تأييد، مجموعة من الإرهابيين، من شذاذ  الآفاق ، توفدوا على سوريا المسالمة ، ليحولوها إلى حقل لتجارب شبيهة بما حدث في أفغانستان ، وما حاولوا تنفيذه في مصر، وما يحاولون ترتيبه لتونس وليبيا.
وتنتهي أزمة الضمير عندما، تصبح سوريا كل سوريا مستهدفة، سوريا معرة النعمان ، سوريا زنوبيا، سوريا نزار قباني، سوريا شكري القوتلي وصبري العسلي.
لا ألف لا للعدوان على سوريا، لمحاولة إخضاعها.
وليس هناك مجال للاختيار.
هنا لا موقف يعتد به إلا موقف واحد، هو الموقف مع سوريا الشعب السوري المعرض اليوم لعدوان خارجي، مهما كانت المبررات التي يتم سوقها، ويجري تقديمها، صحيح أن الحكم الأسدي يتحمل مسؤولية كبيرة في استهداف شعبه، ولكن لا مبرر مطلقا  لضرب سوريا والعدوان عليها.

fouratiab@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق