Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

عالمكيات: فرنسا خطر في الإنتظار

عالميات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
فرنسا : بروفة قبل الرئاسيات
هل يكون ساركوزي خسر السباق قبل بدايته ؟
تونس / الصواب / 16/12/2014
على مدى أسبوعين شدت فرنسا أنفاسها :هل يرتقي الحزب اليميني المتطرف " الجبهة القومية" إلى المستوى الذي يجعله مسيطرا على عدد من الأقاليم الثلاثة عشر ، بحيث يصبح له حضور كاسح على الساحة السياسية .
هذا الحزب الذي يبشر بتوجهات يمينية متطرفة ، من بينها فيما يهمنا عداوة شديدة ضد العرب والمسلمين ، وتحميلهم أسباب البطالة المستشرية في فرنسا والتي لم ينفع معها دواء أي كان من الأدوية التي وصفها "الطبيب النطاسي" الحزب الإشتراكي على مدى الأربع سنوات التي مرت على تولي الإشتراكي فرانسوا هولاند رئاسة الدولة الفرنسية ، فارتفع عدد العاطلين عن العمل إلى ما يقارب 10 في المائة من قوة العمل المتاحة في فرنسا.
لم تحصل "الجبهة القومية على أي إقليم من الأقاليم الثلاثة عشر ، ولكنها احتلت في الدورة الأولى من الانتخابات على المرتبة الأولى بحيث أصبحت الحزب الأول في فرنسا من حيث عدد المقترعين لها ، بحوالي 28 في المائة من الأصوات متقدمة على الجمهوريين برئاسة ساركوزي ، وخاصة الاشتراكيين  بالرئاسة غير المعلنة للرئيس فرانسوا هولاند.
كان ذلك بفضل تحالف يميني يساري معلن وغير معلن ، أزاح هذه المرة "خطر" سيطرة متطرفة لأقصى اليمين، على عدد الأقاليم بعد أن جاء في المرتبة الأولى في الدورة الأولى من الإنتخابات.
وما زال "خطر" التطرف اليميني قائما ، فهناك انتخابات رئاسية متوقعة بعد 18 شهرا ، تعقبها مباشرة انتخابات برلمانية ، وفي أحسن الاحتمالات فإن الاشتراكيين ومرشحهم هولاند ، يبدون مهددين بالسقوط من الدورة الأولى ، لتحصل مواجهة مباشرة بين مرشح اليمين ( ساركوزي رئيس سابق  أو جوبي أو فيون رئيسا حكومة سابقين).
ومن هنا فإن نتائج  هذه الانتخابات الإقليمية التي لا تعطي الأقاليم صلاحيات حقيقية وفعلية كما هو الشأن في ألمانيا أو إسبانيا ، هي مذاق أول لانتخابات رئاسية وتشريعية مقبلة في أفق قريب جدا ، قد تجعل فرنسا تسقط بين يمين متطرف كما حصل في النمسا أو اليونان ، بعد يأس شعبي كبير من وصفات اليسار واليمين الفرنسي  ، عن حل إشكالات بلد عصي على الإصلاحات وما زال ينحدر يوما بعد يوم.
وإذا لم يكن هناك سباق داخل الحزب الاشتراكي بشأن مرشح 2017 للرئاسة ، فالرئيس القائم هو طبيعيا المرشح الوحيد ، إلا إذا حدث ما يمكن أن يعتبر حادث طريق بالمعنى المجازي ،  رغم المعرفة المسبقة بأن حظوظه في الفوز أقل من ضئيلة ، فكل عمليات استطلاع الرأي تنبئ عن أن شعبيته نزلت إلى من يسبق له مثيل بالنسبة لرئيس سابق ،  فإن السباق على أشده داخل اليمين بين الرئيس السابق وعدد من كبار الوجوه في الحزب الجمهوري الذي يرأسه حاليا ساركوزي، وتدل عمليات استطلاع الرأي أن الوزير الأول الأسبق جوبي هو النجم الصاعد اليوم ، لو حصلت انتخابات في المرحلة الراهنة ، هذا إذا كان هو المعين في انتخابات تمهيدية ، مقرر لها الحصول في شهر نوفمبر المقبل ، ويحاول ساركوزي في محاولة يائسة لتقديمها لشهر فيفري.
ولقد كان يمكن للرئيس السابق ساركوزي (2008/2012) أن يكون متأكدا من تعيينه مرشح حزبه ، لو أنه حقق الاكتساح الذي بشر به في الانتخابات الإقليمية الأخيرة  الأسبوع الماضي ، ولكن نتائج تلك الانتخابات لم تكن وفق مطامحه في نتائجها ، كان وفقا لتقديراته سيسيطر إن لم يكن على كل الأقاليم فإنه سينال 11 منها على الأقل ، ولكنه لم يحصل على النجاح إلا في سبعة منها ثلاثة بفضل ما قدمه له الاشتراكيون  من دعم  في أقاليم ثلاثة خوفا من أن تسقط  في أيدي اليمين المتطرف الذي يخشاه " المجتمع المدني " كما يخشى المجتمع المدني عــــــــندنا " النهضة".
واليوم فإن المستقبل في فرنسا يبدو على ضوء النتائج في الانتخابات الإقليمية الأخيرة ، في غاية الضبابية ، رئيس قائم حظوظه تبدو ضعيفة جدا في العودة لقصر الإيليزي ، ومعارضة يمينية منقسمة لم تحقق النتائج التي توقعتها ، واحتمالات كبيرة في أن تقتصر انتخابات الرئاسة في ربيع 2017 في دورتها الأولى على متنافسين اثنين ليس بينهما الرئيس الحالي الاشتراكي هولاند، بل سيدور السباق على زعيمة اليمين المتطرف " مارين لوبان" وأحد الثلاثة أو الأربعة من زعماء الجمهوري هل سيكون من بينهم ساركوزي أم لا ؟
وإذا كانت حظوظ أول سيدة ستدخل انتخابات رئاسية  في دورة ثانية ضعيفة جدا للوصول للإيليزي ، باعتبار أن الإشتراكيين والجمهوريين سيتحالفان ضد كل منطق لسد الطريق أمامها كما حصل سنة 2002 عندما حصل شيراك على 82 في المائة من الأصوات جديرة بأي بلد متخلف، فإن حظوظها في انتخابات برلمانية لاحقة وبعد أسابيع قليلة من الرئاسيات ستمكنها إذا تواصلت ديناميكيتها من لعب أدوار أولى في حياة برلمانية ، بدون أغلبية واضحة لا لليمين ولا لليسار.
ولا ينسى المرء أن حزب مارين لوبان قد حصل في مجالس الأقاليم بعد الانتخابات الأخيرة ، على358 مقعدا بحيث يكون له دور جد فاعل كمعارضة فيها.
كما لا ينبغي للمرء أن ينسى أن أول من جاء بحزب الجبهة القومية هو الرئيس الإشتراكي فرانسوا ميتران في انتخابات برلمان 1986 عندما اعتمد طريقة التصويت بالنسبية المطلقة ، ليسد الطريق على اليمين وخاصة على شيراك أيامها فانقلب السحر على الساحر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق