بكل هدوء
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
ثورة 17
ديسمبر
أو ثورة 14
جانفي
تونس /
الصواب / 19/12/2015
احتفلت سيدي
بوزيد منفردة بذكرى "ثورة" 17 ديسمبر ، التاريخ الذي أحرق فيه طارق
البوعزيزي الاسم الحقيقي للشهير بمحمد البوعزيزي ، بما أسمي بثورة 17 ديسمبر 2010.
وستحتفل
البلاد في بقية الأنحاء بذكرى هذه الثورة في 14 جانفي المقبل ، ويصر سكان سيدي
بوزيد على أن الاحتفال ينبغي أن يكون على
اتصال باندلاع الثورة لا بانتصارها.
وهناك من
يقول أن المرحلة الأخيرة للكفاح الوطني انطلقت في 18 جانفي 1952 واعتبر ذلك اليوم
هو عيد الثورة ، ولم يقع اعتماد انتصارها بنيل تونس استقلالها في 20 مارس 1956.
وبالقياس فإن
اندلاع ثورة هو التاريخ المعتمد للثورة.
لكن الثورات
الشهيرة في العالم لم تعتمد هذا المقياس ، فالثورة الفرنسية الأشهر في تاريخ
الثورات في العالم ، تم اعتماد موعد نجاحها في 14 جويلية 1789 باحتلال سجن
الباستيل للاحتفال بها ، كما إن الثورة البلشفية في روسيا تم اعتماد تاريخ 7
أكتوبر (7 نوفمبر بالتقويم الجولياني المعتمد لدى الكنيسة الأورثوكسية في روسيا)
وهو موعد انتصار البلاشفة بقيادة لينين ، كموعد للاحتفال بالثورة. وكذلك بالنسبة
للثورة الإيرانية ، التي اعتمد موعد التأريخ لها ، بوصول الإمام الخميني إلى طهران
، وسقوط النظام الشاهنشاهي.
وإذ احتفلت
سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر بعيد الثورة في غياب الرئاسات الثلاث ، لعله بهدف عدم تكريس
ذلك التاريخ رسميا كعلامة دالة على الثورة التونسية ، واكتفت الرئاسات الثلاث
بتمثيل من درجة ثانية للحضور في تلك الاحتفالات ، وسيبقى أهل سيدي بوزيد مصرين على
أن الثورة واحتفالاتها تبقى مرتبطة بموعد اندلاعها ، غير أن بقية الولايات في تونس
وعددها 22 لا يبدو أنها متحمسة لذلك ، واحتفالاتها مرتبطة بموعد انتصار الثورة في
14 جانفي 2011 ، التاريخ الرسمي المعتمد ، والذي يعرف احتفالات في بقية أنحاء
البلاد.
ولعل التنازل
الرسمي الوحيد عدا إرسال موفدين من درجة ثانية لسيدي بوزيد في 17 ديسمبر ، تمثل في
استقبال رئاسي لوفد نيابي وشعبي عن الولاية ، من قبل رئيس الدولة ، تعبيرا عن اعتراف رئاسي
بدور سيدي بوزيد الرائد في الثورة.
والظاهر أن
سيدي بوزيد ستظل تحتفل كل 14 ديسمبر بالثورة التي تتبناها باعتبارها عنصرا رئيسيا في اندلاعها ، فيما إن
بقية البلاد ستبقى على احتفالها بموعد 14 جانفي ، الموعد الرسمي الذي يصاحبه يوم
عطلة رسمية.
والحجة
المعتمدة أن كل الولايات أسهمت في انتصار الثورة ، وبالتالي فليست هناك ولاية
معينة تحتكرها ، وكانت آخر الدفعات الكبيرة للثورة في مدينة العاصمة ، بتلك المظاهرة الجبارة يوم 14 جانفي بالذات ، والتي
قد تكون بعثت الرعب والهلع في قلب الرئيس
الأسبق ، وسبقتها بيومين مظاهرة لا تقل
عنها عدديا في صفاقس ، عدا التضحيات
الكبيرة من شهداء وجرحى في مدن سيدي بوزيد ومدن وقرى القصرين وقفصة وقبلي ومدنين وولايات كثيرة أخرى ، ما
زالت تبكي ضحاياها ، الذين سيعترف لهم بما قدموه من تضحيات ، بعد أيام أو أسابيع عبر تكريم سيأخذ شكل تسمية أنهج وساحات أو نصب
تذكارية ، و يعترف لأوليائهم باستشهاد أبنائهم وجبر للضرر الذي نالهم بفقدان فلذات أكبادهم ، وذلك في انتظار صدور قائمة الشهداء في فترة
قريبة على الرائد الرسمي كما ينص على ذلك
القانون ، وتوقعا لصدور قائمة الجرحى ربما بعد أشهر ، على إثر
نهاية أعمال لجنة بودربالة الثانية التي تنكب منذ عامين ونصفا ، تحت رئاسة الهاشمي
جغام أولا ، ثم بودربالة على القائمات المتاحة ، للتأكد من الحالات حالة بحالة ،
وحتى لا تسند صفة شهيد الثورة لمن هو ليس
كذلك ،أو صفة جريح للثورة لمن هو جريح بالصدفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق