الموقف السياسي
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
المرشح للحكم المرزوقي
عدم صلاحية للحكم
و"براءة" محتملة من الفساد ؟
الصواب /6/12/2014
".... ذلك هو رأيي والثابت فيه منذ البداية هو أن المرزوقي لا يصلح لأن
يكون رئيس تونس لا رمزيا ولا ماديا.
ويكفي أن ترى كيف قاد هو وشلته الحملة الانتخابية: إحياء كل النعرات
التي ستعود بنا إلى ما قبل الاستقلال".
ليس هذا قولي بل إنه استنتاج صديقي الأستاذ الدكتور أبو يعرب المرزوقي ، عضو المجلس
التأسيسي ( المستقل ) ، عن حركة النهضة ، والذي استقال من المجلس ، على خلفية
خلافات عميقة في وجهات النظر مع القيادات النهضوية ، اعتقادي الشخصي الجازم على أن
خلفيته أن النهضة ، لم تستطع أن تفصل بين
ما هو سياسي وما هو دعوي ، وبالتالي تجد كل الصعوبة في التعامل السياسي، على أساس
أنها حزب " سياسي " ولكنهه لا يمارس السياسة ، بل هو أقرب في الممارسة
للأحزاب الشيوعية السابقة في ظل دولة قمعية.
وبالتالي ، فإن التوفيق بات يكاد يكون
مستحيلا بين الممارسة السياسية ، والاكراهات العقائدية ، والضغوط القاعدية التي لا
ترى فيها قيادات حركة النهضة، أنها هي
الأسلم لطبيعة العمل السياسي، ولكنها
مضطرة ، لعدم الاصطدام معها حرصا على سلامة الحزب من الانشقاقات.
من هنا نجد أن الحزب الذي يضطر في أقل
من شهر، لدعوة مجلس الشورى لديه وهو أعلى
سلطة بين مؤتمرين للانعقاد ثلاث مرات ، لتقرير الموقف ممن يساند للانتخابات
الرئاسية، ولا تستطيع قيادته، ولا رئيسه البت، إنما هو حزب لا يتمتع بمقومات الحزب
الفعلية ، وليس للمرء أن يتذرع بالجبهة الشعبية ، مثلا فهي شتات من 8 أحزاب على
الأقل ، إضافة على ما عرف عن اليسار من طفولية ، ومراهقة سياسية ، وعدم انتهاز الفرص
المواتية ، إلا في الدول التسلطية.
ولعل النهضة اليوم تبدو وكأنها على
أبواب قطيعة بين ، قياداتها العليا ، وربما المتوسطة ، التي تنظر للأمر بعين
التحليل السياسي وحساب الربح والخسارة ، وقواعد تبدو لأول مرة غير منضبطة ، وتخشى
القيادات أن تفلت من بين يديها.
ولعل القيادة تتحمل جزء كبيرا من
المسؤولية ، فقد شيطنت طويلا نداء تونس ، وبدت اليوم في نظر قواعدها ، وكأنها تنكص
عن أمور مبدئية لا تفهم القواعد سببا فعليا للنكوص عنها:
أولا : تعرف القيادة العليا بالخصوص
أن مصلحتها اليوم هي مع الباجي قائد السبسي.
ثانيا : تعرف القيادة أن منصف
المرزوقي لا يستطيع أن يقدم لها شيئا لا في حالة النجاح ولا في حالة الفشل بحكم
الصلاحيات المحدودة.
ثالثا : تعرف القيادة أن المرزوقي كرئيس دولة لا يمكن الاطمئنان إليه.
ومن هنا يبدو مفهوما الموقف الذي
أعلنه الفيلسوف والمفكر والقريب من النهضة أبو يعرب المرزوقي.
والنهضة تعرف اليوم أن منصف المرزوقي
في حالة نجاحه بأصوات النهضة ، وهي حالة
مشكوك فيها جدا ، فإنها تقطع الجسور التي
بنتها مع النداء ، عبر توافقات الجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي،،،
وعلى امتلاكها للثلث المعطل في المجلس النيابي ، فإنها تعرف أنها ، لا يمكن
أن تعطل قوانين ضرورية لمسيرة البلاد، تكون سببا في الوصول إلى مأزق، ستتحمل مسؤوليته أمام الرأي العام.
ولكن يبقى غالب المراقبين على الساحة
على قناعة ، بأن القيادة لن تكون لها الشجاعة ، لدعوة منظوريها لغير التصويت لمن
أرادوا، أي في المحصلة لحمل أصواتهم إلى منصف المرزوقي ، متحملة بذلك عبء قطيعة ،
تعتقدها مؤقتة ، إزاء الحزب الاغلبي نسبيا والذي بيده الحل والربط ، وخاصة تشكيل
الحكومة.
لكنها قد تدرك أن هذا الخيار الذي قد
تندفع إليه الليلة أو غدا مضطرة ، ثمن الزيغ عنه هو وضع ، وحدة الحركة في الميزان
، سيكون ضرره كبيرا عليها ، سواء في حالة فشل المرزوقي المتوقعة في الوصول إلى
الرئاسة ، أو في حالة نجاحه واقتلاع منصب ، سيجعله في عزلة ، لا تستطيع معها
النهضة نفعه.
ويبدو أن الأمر بات محسوما في الغالب ، وفي ود النهضة أن لا تكون في صف
المنهزمين ، بحيث قد توحي لعدد قد يكبر أو يصغر من "العقلاء" في صفها
التصويت للباجي قائد السبسي ، وإن كانت دلائل كثيرة تشير إلى أن الشيخ راشد
الغنوشي ،غاضب غضبا غير معلن من منصف المرزوقي لسببين:
**سبب قولة المرشح المرزوقي عن "شعب
النهضة" ، والتوجه إلى أنصار الحركة من فوق رأسها لتنظيم مظاهرات تقسيمية في
الجنوب ، النهضة لم تتمنها ولم ترغب فيها.
** من أن المرشح المرزوقي قد نكث وعوده
للشيخ راشد ،عندما وعده بعدم الطعن في نتائج انتخابات الدور الأول ، وطعن ، ثم زاد
على ذلك فعقب الحكم.
ومن هنا فإن النهضة ، على الأقل في
مستوى قياداتها تعتقد أن منصف المرزوقي، رجل غير موثوق به ولا يمكن الاعتماد عليه .
على أن عنصرا جديد دخل اللعبة وهو
قضية "أنونيموس" التي فتحت الأعين على ما اعتبر في أدنى الأحوال ، سوء
تصرف في المال العام ، إن لم يكن استيلاء غير مشروع، ولقد ضخمت قناة الحوار التونسي
الأمر، وأعطته حجما كبيرا ، وفرضته بعد أيام من انطلاقه كحدث أول على الساحة ، وباعتبار حساسية الموضوع
، فإن المرزوقي سيترك ولا شك ريشا كثيرا ، بأصوات تنفض عنه ، بقطع النظر عن صحة من
عدم صحة المسألة ، وإذا كان مبعوث الرئاسة
لم يقنع ، وإذ بدا في موقف دفاعي عن رئيسه، فإنه أعطى لحجج الطرف المقابل قوة بضعف
حججه.
وإذ أقول شخصيا صراحة اليوم في مقال صحفي ، أن منصف المرزوقي
لا تتوفر فيه صفات الرئاسة ، لا فقط بحكم ثلاث سنوات قضاها على رأس الدولة بمردود
ضعيف جدا إن لم يكن منعدما، ولكن أيضا بحكم
المعرفة من طرفي وطرف الكثيرين مثلي عن كثب للرجل ، والمعرفة القريبة ، لتقلبه وتشنجه
، وانعدام الرؤية الإستراتيجية عنده وسطحيته،
والقدرة الفائقة على خلق العداوات المجانية ، وإلى حد كبير الانفراد بالرأي ،
وازدواجية حادة في الشخصية ، إلى هذا فما أعرفه عنه ، وما يعرفه الكثيرون فإنه
متعفف عن المال ، غير حريص عليه ، رجل ثقة ، وهذا على تمتع بسلوك بعيد عن الشبهات.
ولعل تجاوزات حصلت تنحو لسوء التصرف،
أكثر من الاستيلاء على المال العام، من مجموعة حوله تنقصها الخبرة والكفاءة، ولا
تدرك الإدراك الكافي أن إنفاق المال العام يخضع لضوابط ونواميس محددة.
غير أن هذا لا يمنع من عرض الأمر
سريعا على دائرة المحاسبات لإبداء رأيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق