Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الخميس، 4 ديسمبر 2014

الموقف السياسي : الصورة أكثر ضبابية

الموقف السياسي                
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
هل اتضحت الصورة أم زادت غموضا؟
تونس/ الصواب /04/12/2014
بعد التطورات التي حصلت يوم 4/12/2014  والتي كانت معلومة أو على الأقل متوقعة ماذا يمكن للمرء أن يستنتج ؟ هل اتضحت الصورة أم زادت غموضا.
وكما تعلمنا في المعاهد فإن النص السليم التركيب لا بد أن يكون قائما على ثلاثة عناصر:
-الطرح
- الطرح المعاكس
- الاستنتاج
وسنحاول هنا أن نتبع الطريقة العلمية بقدر الإمكان ، في معالجة التطورات السياسية التي حصلت في تونس ، عبر المجلس النيابي ، في جلسته الافتتاحية  التي استمرت قرابة 78 ساعة بين الثلاثاء والخميس ، وانتهت إلى نتيجة تطرح أسئلة أكثر مما تجيب من إجابات .
**
الطرح :
من وجهة نظر المقربين من نداء تونس ، وكذلك النهضة ، فإن ما حصل يوم الخميس ، هو بكل المقاييس كان انتصرا للديمقراطية ، وكرس مسارا توافقيا ، يستمر مع الفترة الجديدة ، القائمة على مجلس نيابي ، يتنازعه طرفان  اثنان  بقوى، وإن كانت غير متساوية حجما وعددا  فإنها  متقاربة ، ومن هذا المنطلق فإن الأغلبية النسبية لنداء تونس ،  قد تعطيه أغلبية مطلقة ( أكثر من 109 مقاعد) ، فإنها وفي كل الأحوال لا تجعله في منأى عن ثلث معطل تمتلكه القوة الثانية بإضافة عدد من الحلفاء.
وبالتالي فإن الغرفة النيابية ، يمكن أن تكون غير قابلة للسيطرة ، إن لم يوجد حل بين الأطراف سواء في تحالف أو ائتلاف أو تعايش مهما كانت طبيعته ، وبالذات بين نداء تونس وحركة النهضة .(1)
ففيما تبلغ الأغلبية المطلقة المتوفرة لنداء تونس ،  ما يكفي لنيل ثقة البرلمان ، وتمرير القوانين العادية ، فإن القوانين التي تحتاج إلى أغلبية معززة لا تتوفر للنداء ، بحيث يمكن أن يتعطل تمرير قوانين معينة وضرورية لسير البلاد .
**
 الطرح المعاكس
هل إن أحد الطرفين الكبيرين يمكن أن يجعل البلاد تسير إلى مأزق ، يضر بها في ظرف دقيق ودائم ، ويعود بالدولة إلى وضع شبيه بذلك الذي عاشته في صيف وخريف 2013.؟
وإذ يبدو أن إسقاط الحكومة ، ليس واردا للأغلبية النسبية التي تتمتع بها ، إلا إذا حدثت في الشارع زلازل مثل تلك التي عرفتها سنة 2013 ، وهي محتملة باعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب ، والتضحيات المطلوبة من المواطنين مع تأجيل اتخاذ القرارات المرة على مدى ثلاث سنوات ،  بحيث لم يعد ممكنا تأجيلها  أكثر مما أجلت ، وإذ يبدو ذلك واردا فلعل تجربة السنوات الثلاث الأخيرة ، تكون قد علمت الطبقة السياسية كيفية حل الأزمات ، وبالتالي تجنب الطرفين الكبيرين صب الزيت على النار لتحقيق مكاسب سياسية وربما انتخابية في وقت قصير.
**
الاستنتاج
 إن الاستنتاج مرتبط بنتيجة الانتخابات الرئاسية المنتظرة ، وإذا ما كانت النهضة ، ستدفع بجزء من مخزونها من الأصوات لتأييد السبسي أو لا.
حسابيا يبدو الأمر محسوما لفائدة السبسي ، ولكن المفاجآت محتملة.
ولعل نداء تونس ينتظر ، مقابل قبوله بتشريك النهضة قي المكتب الرئاسي المضيق للمجلس التشريعي ، بالسماح بإدخال أحد الزعماء التاريخيين ، إلى ذلك المكتب، لعله  ينتظر إذن إشارة  رد إيجابية من راشد الغنوشي يوم الانتخابات الرئاسية ، إن لم تكن حاسمة فلعلها تبرز "حسن نية النهضة"، فالندائيون يبدون على ثقة تامة من نجاح مرشحهم ، على اعتبار أن أصوات  الوطني الحر وآفاق ، والمبادرة والإنقاذ وحزب الفلاحين وعدد من المستقلين قد دعوا بعد إلى التصويت للسبسي دون غيره ، وربما كذلك جانب كبير من مناضلي  الجبهة الشعبية،  التي يقول كثيرون من قواعدها إن موقفها المتردد ،  اتسم بكثير من علامات المراهقة السياسية ، وأن حمة الهمامي يرد بذلك على الباجي قائد السبسي ، الذي رفض في الصيف  الماضي ، التقدم بقائمات مشتركة في إطار الاتحاد مع تونس ،  وفي محاولة انتقام تبدو غير محسوبة العواقب.
وهنا يعتقد البعض أن الجبهة الشعبية ، أو أجزاء منها ، لا تريد أن تذهب حتى الوصول للمشاركة في حكومة ستكون مضطرة لاتخاذ قرارات غير شعبية ، توقعا لانتخابات سابقة لأوانها ، إن لم تفرض بعدها فيها ألوانها ، فعلى الأقل يكون لها فيها وزن أكبر من وزنها ب،15 مقعدا الآن ، خاصة وأنها تعتقد ومعها الكثيرون أن الوطني الحر ، ليس سوى فقاعة سرعان ، ما ستنفجر ، ويحدث لها ما حدث للعريضة الشعبية بعد انتخابات 2011.
والسؤال المطروح بإلحاح ، هل ستدخل النهضة في حكومة النداء أن تبقى خارجها، والكثير من المراقبين يعتقدون أن النهضة تتحرق لتكون لها حقائب في حكومة النداء ، إذ إن لديها شعورا بأن البقاء خارج دائرة السلطة ( ولخمس سنوات طويلة ) سيصرف عنها الكثير من قواعدها.
ولكن من جهة أخرى إذا دخلت الحكومة فإنها  أي النهضة ولا شك ستكتوي بنار ، نتائج القرارات اللاشعبية الكثيرة المنتظرة .
يبقى السؤال الكبير ، ماذا سيكون موقف اتحاد الشغل بعد تشكيل الحكومة ، إزاء ما سيقع اتخاذه من إجراءات مريرة المذاق ، في ظل وجود شخصيتين مهمتين قريبة جدا من اتحاد الشغل ، محمد الناصر رئيس البرلمان ، والطيب البكوش المتوقع أن يكون رئيسا للحكومة، وهل بقبل بالآتي أم هل من المحتمل أن يدخل في صدام معهما.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
(1)               نظريا يستطيع النداء أن يعول على الأصوات التي أحرزها (86 مقعدا) +أصوات الوطني الحر (16مقعدا) + أصوات آفاق (8 مقاعد ) + + أصوات المبادرة (3 مقاعد) +  الحزب الجمهوري ( بعد انضمام إياد الدهماني بصورة لم تتوضح إلى السبسي)+ صوت الفلاحين ( مقعد واحد ) + الجبهة الوطنية لإنقاذ ( مقعد واحد) + حركة الديمقراطيين الاجتماعيين ( مقعد واحد)  مع أصوات بعض المستقلين (2مقاعد) أي مجموع 119 مقعدا ، فيما إن الأغلبية المطلقة تساوي 109 أصوات.
ونظريا  كذلك فإن النهضة تستطيع أن تصل إلى الثلث المعطل بفعل حلفائها المحتملين وهو يبلغ 73 صوتا باعتبار أصوات النهضة (69 مقعدا) + أصوات المؤتمر (4 مقاعد) + أصوات التيار الديمقراطي ( 3مقاعد) + مع أصوات حركة الشعب (3 مقاعد) أي مجموع 79 صوتا كافية وزيادة لتحقيق الثلث المعطل.

وتبقى قائمة المحبة ( من المقاعد ) والجبهة الشعبية (15 مقعدا ) اتجاههم غير واضح ، هل تكون مع النهضة أو تكون النداء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق