الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
من ومن ؟؟
في رئاسة
الجمهورية
تونس/ الصواب
/18/12/2014
من سيتولى
رئاسة الجمهورية التونسية ابتداء من مساء الاحد ، نظريا ، ولكن واقعيا ، وبعد
الإعلان عن النتائج الرسمية والنهائية لانتخابات رئاسية بعد ثلاثة أيام.
وفق البرنامج
فإن النتائج الصادرة عن سبر الآراء ستكون معلنة في تمام الثامنة أو التاسعة من
مساء الاحد ، غير أن هذه النتائج لن تكون لها أي صبغة رسمية ، بل فقط دلالية.
النتائج
الرسمية الأولية من المفترض باعتبار وجود مرشحين فقط ، إما أن تعلن في ساعة متأخرة من الليلة الفاصلة بين
الاحد والاثنين ، وبعد ذلك ستدخل البلاد ماراطون الطعون لتعلن النتائج الرسمية
والنهائية خلال أسبوع أو عشرة أيام ، بعدها يعين موعد التنصيب وأداء القسم أمام
مجلس نواب الشعب ، لتدخل الولاية الرئاسية الدائمة حيز النفاذ ،، ولكن من ومن؟ من
سيكون رئيسا لتونس للخمس سنوات المقبلة.
هل سيكون
الباجي قائد السبسي ، أم سيكون منصف المرزوقي ؟
للواقع ومن
خلال استقراء مواقف كثيرة ، وإذا تركنا جانبا المناصرين المباشرين لكلا المرشحين ،
فإن جانبا كبيرا ـ وفق اعتقادنا ـ لا يبدو مقتنعا لا بهذا ولا بذاك ، ولكن الاختيار
سيتجه لا للأفضل ولكن للأقل سوء.
الباجي قائد
السبسي تحفظ كبير عليه بسبب سنه وبسبب ماضيه وبسبب التخوف من تغوله.
منصف
المرزوقي تحفظ كبير عليه بسبب أدائه خلال السنوات الثلاث الأخيرة ، وما يتهم به من
قلة التوازن ، ثم التخوف مما قد يثيره من
إشكالات لو تولى رئاسة الدولة ، وبسبب تشنجه المطبوع به من تعطيل لسير الدواليب.
ولكن لا بد
مما ليس منه بد ، وإذا تركنا جانبا هذه المحاذير ، فإنه لا بد لأغلبية من
التونسيين أن تختار ، ولن يكون الاختيار سهلا.
لكن كيف
تتبدى الصورة اليوم : ليست بين أيدينا نتائج عمليات سبر الآراء كما كان متاحا
بكثرة قبل الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية ، ومن هنا فإن غالب التونسيين
يسبحون في ظلام حالك.
فقط سنقف عند
عنصرين يمكن أن يشكلا بصيص وضوح في الظلام الدامس لاحتمالات نتائج معينة.
أولاهما
وافدة من أحد أنصار قائد السبسي ، أي من رياض المؤخر أحد قياديي آفاق ، وهو طبيب
وعادة لا يطلق الكلام على عواهنه ، يقول رياض المؤخر في الفايسبوك الإثنين 15 ديسمبر أن الفارق بين المرشحين هو 10 نقاط
لفائدة السبسي .
وثانيتهما
تدوينة من رضوان المصمودي وهو قريب جدا من النهضة ، ونصير متحمس للمرزوقي ، وهو
نصير ذكي لأنه لا يشرخ في السبسي ولكنه يعلن خوفه من جمع كل خيوط القرار في يد
واحدة ، وهو موقف جد ذكي. هذه التدوينة نشرها رضوان المصمودي الثلاثاء 16 ديسمبر
وتقول إن عمليات سبر الآراء تفيد بأن السبسي يجلس على نسبة 55 في المائة والمرزوقي
على نسبة 45 في المائة.
ومن جهة مقرب
من النهضة فإن لذلك معنى.
بالنسبة
للمؤخر ، يبدو أن الأمر محسوما لفائدة
قائد السبسي ، أما بالنسبة للمصمودي فالدعوة ملحة لديه لجمع الصفوف ، والتعبئة لقلب المعادلة ،
وهناك نبرة شبه يائسة ملاحظة لدى أنصار المرزوقي ، فقد قلت كثيرا الكتابات على
الفايسبوك ، المؤمنة بانتصاره ، وتراجع عددها ، كما تراجعت لهجتها الواثقة.
هل يعني أن
الأمر بات محسوما ، إن مفاجئات آخر لحظة تبقى ممكنة.
غير أن عناصر
جديدة لا بد من إدخالها في الحساب:
1/ أولها
موقف النهضة والدعوة التي تبدو صريحة بما تسمح به الصراحة من الغنوشي لفائدة أحد
الطرفين ، وبخلاف التوجه العام ما يوحي بأن القيادات العليا وجانب كبير من
القيادات الوسطى قد تذهب بأصواتها للسبسي، فالنهضة تبحث عن التموقع اعتمادا على
قراءة تراها قيادات فيها صحيحة ولا بد من أخذها بالاعتبار:
أ/ أن
المرزوقي لا يمكن أن يفيدها رئيسا ، أو يستطيع أن يعرض عليها شيئا ، بعكس السبسي.
ب/ بينما تهميشها خارج السلطة ولمدة 5 سنوات سيؤدي إلى انفضاض تخشاه من حولها.
ولا بد أن
يفهم المرء جيدا العبارة التي أعلنها الغنوشي والمقصود منها أنه صعب جدا ذلك
التعايش بين رئيس جمهورية من توجه ورئيس حكومة من توجه آخر ، وليس صدفة أن يقول
الغنوشي ذلك في هذا الوقت فهو قول قاتل بالنسبة للمرزوقي ، وإن كان أردف بأنه ليس
مستحيلا.
وقد لا يكون
قول الغنوشي حاسما في تحويل ما أسماه المرزوقي "شعب النهضة " عن موقفه ، ولكنه سيترك أثرا إن كبيرا أو صغيرا
سيفصح عنه التصويت.
2/ أن السبسي
قد قلل من الحديث حتى لا يسقط في مطبات جديدة ، بينما يواصل المرزوقي "الثرثرة
" ، ويسقط في مطب بعد مطب ، فيما يعتقد البعض ـ وهذا ليس قابلا للإثبات – أن تغيير
الرئيس المؤقت للباسه ، لا يدل على كبير استقرار نفسي ، من البدلة إلى القشابية ،
ومن الامتناع عن الكرافاتة إلى لبسها ،
إلى لبس الشاشية ، " أعداؤه "يشيرون بذلك لعدم التوازن ولا معرفة ما
يريد.
3/ وثالثها
هذا الطعن في دستورية فصول من قانون المالية ، وقائلون ، يشيرون إلى أنه إذا أقدم
على ذلك اليوم ، فكيف سيكون الأمر غدا ، إذ يمكن برد القوانين أن يعطل دواليب
الدولة.
ولكن من
المؤكد أن المرزوقي يبقى على حظوظ في سباق الرئاسة ، وهي وإن كانت أقل من حظوظ
السبسي من المنطلق فهي موجودة ، والسؤال هل يستطيع الرئيس المؤقت أن يردم حفرة الـ17 في المائة
التي تفصله عن الخمسين في المائة الزائد واحد التي يحتاجها لربح معركته باعتبار
نتائج الدورة الأولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق