سانحة
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
بين البنك الدولي ،، وصندوق النقد
الدولي
هل يفرضان شروطا تتنافى والقرار
المستقل ؟
تونس / الصواب / 08/11/2016
بمناسبة عرض قانون المالية للعام 2017
تكاثر الحديث عن المؤسسات المالية الدولية
" وعدوانها " المبيت على البلدان الصغيرة والفقيرة ، ومن بينها تونس ،
فهي تسعى لفرض شروط مجحفة ، تتدخل بواسطتها حسب الكثيرين في الشأن الداخلي للبلدان
.
ولقد تسنى لي أن أدخل للمؤسستين مرتين
مرة في زيارة عابرة ، ومرة ثانية بمناسبة ما يمكن أن يسمى بلغتنا التونسية تربصا
لاكتشاف دواخل البنك الدولي بالخصوص .
وما تعلمته من المنطلق أن المؤسستين
على اختلاف مجالات نشاطهما ، لا يعرضان على أي بلد في العالم إقراضا ، بل إنهما
يستجيبان لطلبات تلك البلدان ومن يحتاجها للخروج من أزمة تتطلب إمدادا ماليا لفترة
قصيرة عادة ( صندوق النقد الدولي ) أو لتمويل مشروعات تكون جيدة الاعداد.
وبالتالي فإن المؤسستين الدوليتين لا
تعرضان إقراض أحد من الدول ، بل تنظران
في ما يمكن أن يعرض عليهما وتدرسان احتمالات ذلك الاقراض ، مع حرص شديد على الدفع
ليكون الاقتصاد المعني في البلد المعني قادرا على استيعاب الأصول التي يطلبها
وقادرا كذلك على سداد الأقساط والفوائد القليلة المترتبة عنها.
ولم يحدث ومنذ اتفاقيات بروتن وودز
بعيد الحرب العالمية الثانية ، أن طلبت مؤسسة من المؤسستين الدوليتين من دولة
ما أن تسحب قروضا منها.
ولقد سبق لي في واشنطن أن تحدثت مع
واحد من أهم الكوادر ، كم تولى مسؤوليات
كبرى في البنك الدولي ، وهو تركي ، وقال لي كمال درويش وهو أب ما يسمى بالمعجزة
الاقتصادية التركية تحت حكم الرئيس أوزال ، وهذا تصحيح لمن اعتبر أن التحسن
الاقتصادي الذي طرأ على تركيا بداية من التسعينات يعود إلى أردوغان الرئيس
الحالي - بل لعل الإرث الذي تركه الوزير
الأسبق درويش آخذ في التراجع - ، وفسر لي كمال درويش أيامها وقبل أن يستجيب بخبرته
الواسعة لنداء الواجب في بلاده ، فيتخذ لنفسه منصبا وزاريا دعي إليه ، فسر لي أن البنك الدولي و صندوق النقد الدولي باستجابتهما
لطلبات الدول ، تسعيان لترشيد الفعل الاقتصادي في الدول المرشحة للاقتراض ، وهما
لا تفرضان شروطا كما تقوم ادعاءات المدعين بل تقترحان السياسات الكفيلة إما بإنقاذ
البلاد المعنية من أزمتها من نقص في
السيولة المالية أو توجيهها نحو أفضل السبل لإنجاز مشروعات قابلة للعيش و الإزدهار، وذلك لصالح البلاد المقترضة من
خلال استفادتها من خبرات رجال ذوي تجربة ، ولم ينف كمال درويش أن يكون ذلك الحرص
من المؤسستين ، مرتبط أيضا بالحرص على
توفير قدرة كافية من الدولة المقترضة على سداد القروض بالكامل وفي آجالها.
هذا إذن هو واقع البنك الدولي وصندوق
النقد الدولي وما يحيط بهما من دعاية يعتبرانها من جهتهما مغرضة بشأن الشروط "المجحفة"
لمساندة البلدان ، وكلاهما يقول بأن الأمر لا يهم شروطا ، بقدر ما يهم أسبابا
للنجاح ، سواء للخروج من أزمة مستفحلة مثلما هو الأمر في تونس حاليا ، أو تمويل
مشاريع يحب أن تكون خاضعة لمتطلبات النجاح
، وتكون لها مردودية اقتصادية جيدة ، علما وأن قروض المؤسستين تكون ممنوحة بنسب
فائدة ضعيفة ، وبآجال إمهال طويلة نسبيا وبآجال سداد طويلة جدا ، بعكس ما هومعمول
به في القروض التي تنالها البلدان من السوق المالية الدولية إلا ما ندر وفي إطار
ثنائي.
ولقد جاء الوقت لنكف عن شيطنة
المؤسستين الدوليتين في بلادنا ، فلا أحد يفرض علينا الاقتراض منهما أو من إحداهما
، بل الحاجة إليهما هي التي تدفع للإقتراض ، وبدون قروضهما وضماناتهما يعسر جدا
العثور على ممولين أجانب ، بل لعله تقوم استحالة في ذلك ، هذا فضلا عن توفر مناخ
استثماري خاص ومباشر في البلاد ، فمن لا تضمه المؤسستان لا يمكنه قطعا استجلاب
استثمار أجنبي ضروري اليوم للتنمية، ولتوفير فرص عمل سواء للمخزون من البطالة ، أو
ذلك الوافد الجديد على سوق التشغيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق