Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الخميس، 3 نوفمبر 2016

سانحة : لماذا نجحت ألمانيا ولماذا ستفشل تونس ؟

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تونس إلى أين في ظل غياب روح المسؤولية ؟
الصواب / 01/11/2016
لا أريد أن أقارن ، ولكن لا بد من القول أن بلاتوهات القنوات الفرنسية مفيدة ، بعيدا عن الخصام العقيم ، وتعتبر دروسا حقيقية ، فيما إن بلاتوهات القنوات التونسية  ، لا تضيف شيئا ، فضلا عن أنها تبدو وكأنها صراع ديكة ، لا يستفيد منها المشاهد ولا يتعلم .
استنتجت هذا مساء الأحد الماضي ، عندما رأيت الأستاذ الجامعي والعالم الجليل والوزير الأسبق حسين الديماسي ، واقعا بين مخالب عدد من المناقشين ، أول خاصياتهم حتى لا أقول كلمة أخرى ، الجهل المطبق بقواعد الاقتصاد والمالية العمومية وتوازنات الدولة ، وسيمتهم البارزة ديماغوجيا مركبة .
ليس هناك من وزير يدخل حكومة ويستقيل منها بعد 6 أشهر ،  إلا إذا كان هناك سبب وجيه  ، وكان له ضمير حي  ، وكانت له دراية بالفعل الاقتصـــادي وإكراهاته ، في بلد يتمنى كل واحد فيه وعلى الأقل بين أفراد الطبقة السياسية ، أن يصبح وزيرا بأي ثمن ، والديماسي خرج من الحكومة ، لأنه تفطن منذ البداية ، أن السياسات المتبعة ستقود البلاد إلى  ما وصلته بالتدريج حاليا ، نتيجة قلة مسؤولية حكومات متعاقبة  وعمى عن رؤية الواقع ، أرادت أن تربح الوقت لأسباب انتخابية بالأساس.
اليوم الاتحاد العام التونسي للشغل ، ورجال الأعمال أو منظمتهم ، ورجال المهن الحرة وأصحاب المشاريع التي تتعامل مع الأداءات بمقياس الجزافية ، كلهم يرفضون قانون المالية للعام 2017 ، وفروضه المرة والتي توقعناها وعبرنا عنها  على صفحات هذه المدونة منذ 5 سنوات ، وبعضهم يرفع لهجة التصعيد إلى حدودها العليا ، والحكومة ( لا أغبطها ولا وزراءها على مقاعدهم  "الوثيرة " والجالسين على ألغام قابلة للانفجار في أي وقت ) ليس من حل أمامها إلا أن تنفذ بالقوة ما جاء في الميزانية التي أعدتها  أو تتراجع في غير انتظام  للحفاظ على المقاعد الوثيرة وشراء الوقت ،وإلا  واجهت غضب الشارع وانتفاضاته المحتملة ، وإلا فالمصير المحتوم إذا لم تتمكن من موارد خططت لها  ، أن لا تتوفر لها السيولة التي تمكنها من دفع الأجور ، وخلاص المزودين  وبالتالي من وراءهم من عاملين ، ومن موفرين داخليين وخارجيين للسلع والخدمات التي يحتاجونها ، هذا فضلا عن سد عجز صناديق التقاعد بالصورة التي تمكن من استمرار دفع جرايات المعاش ودفع مستحقات المديونية وسد عجز صندوق التعويض.
ماهو المخرج من هذا المأزق ، هل تتراجع الحكومة ، وتواجه حالة من العجز المالي ، أم تقدم على مواجهة اضطرابات اجتماعية كاسحة ، لا قبل لأحد بها ، تقود البلاد إلى  زقاق ضيق لا مخرج منه ولا بصيص ضوء.
في بلد نخبته لا تبدو على وعي بتحديات المرحلة ، نخبته السياسية ونخبته المثقفة ونخبته الاجتماعية وغيرها ، في بلد عصي على الاصلاح.
إشارة فقط ، رئيس الحكومة الألمانية السابق شرويدر  أمام تدهور أوضاع بلاده ، صارح شعبه بحقيقة الأمر ، وأعلن عن إصلاحات مريرة ، ودعا شعبه لابتلاع حربوشة مرة ، فاستجاب شعبه له بكل فئاته وأقدم على تضحيات كبرى ، ولكنه أضاف إن ما ينتظره هو وحزبه الديمقراطي الاجتماعي هو خسارة الانتخابات اللاحقة ، وأنه قابل لذلك عن طيب خاطر ، ما دام فيه خير البلاد وصلاحها ،
فعلا خسر الانتخابات وغادر الحكم لفائدة أنجيلا ماركل التي واصلت الطريق التي رسمها ، وانظروا الآن كيف أصبحت ألمانيا بعد كبوتها:أنجح اقتصاد في العالم ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق