الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
من حكم قضائي
إلى لعبة سياسية
الصواب
/17/11/2016
تحولت محاكمة
" قتلة " لطفي نقض من قضية عدلية إلى لعبة سياسية من درجة هابطة ، لم
يقع فيها احترام مشاعر الأطراف المتداخلة ، بل جرى ما يشبه شماتة ليست في محلها.
ولقد كنت
تنبهت منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع قبل النطق بالحكم إلى أن الأمور ليست في طريقها
الصحيح ، فقد بدأ تسخين "البندير" على الفايس بوك عندما قرأت نصا طويلا
للصديق الصحفي والمدير السابق لقناة
المتوسط قبل بيعها الزميل نور الدين
العويديدي ، كان كله حديث عن الظلم الذي حاق بالمساجين المتهمين في قضية "
وفاة " لطفي نقض ، فهمت أن الجوقة بدأت في العزف ، ولم يخب ظني وإن كنت لا
أعلم إن كانت تلك بداية المقالات حول الموضوع أم لا ، فقد حفلت الأيام الموالية،
بعشرات المقالات وأقول المقالات لطولها غير العادي ، وكلها دفاع عن المتهمين ،
وشعرت مباشرة أن هناك محاولة منظمة للتأثير على القضاء ، واستبعدت نجاح ذلك ، وهو
ما أستبعده لليوم ، فظني بالقضاة أنهم
يحكمون بوجدانهم لا بالتأثيرات الخارجية ، وإن كنت أمج مبدئيا تلك المحاولات ، ولكن تساءلت
بيني وبين نفسي : ألا تترك حملة بهذه الكثافة من شيء في النفس ،
ولعلي أحد القلائل الذين وإن امتنعوا دوما على الانخراط الحزبي ، ممن يتشرفون بأن لهم أصدقاء من كل التوجهات
ماضيا وحاضرا ، وحتى في الأوقات الصعبة ، وأصدقاء فعليين وافتراضيين .
صدر الحكم ،
ولأني غير مطلع على التفاصيل إلا ما قرأته من تقرير ثلاثة أساتذة أجلاء في الطب ، لا يمكن أن يتطرق الشك لا إلى
كفاءتهم ولا إلى نزاهتهم ، فإني قدرت أن
" هناك ما يدفع للاعتقاد بصحة التهمة " وإلا فلماذا ودعنا نقولها بصراحة
، لماذا لا يحال الأطباء الثلاثة على التنظيمات التأديبية لعمادة الأطباء ، فعهدي
أن الطبيب خاضع لمهنة شرف ، وأنه أقسم على الشرف، وأنه رفع يده بيمين أبوقراط ، فإما أن يكون
الأطباء الثلاثة قدوا واجبهم بأمانة ، وإما
أنهم أخلوا بواجب مقدس عند الأطباء ، وهو الصدق والنزاهة ، وعلمي أن القاضي ،
وعندما يكون جاهلا باختصاص ما فإنه يلجأ إلى رجال ونساء ذلك الاختصاص ، لتنوير سبيله ، والحكم بوجدانه ولكن باعتماد
المشورة التي بذلها له المختصون في اختصاص لا يتقنه ، والقضاة يصدرون يوميا أحكاما وأحيانا بالعشرات ، اعتمادا لا على معرفة دقيقة
أو غير دقيقة من جانبهم ، بل على أساس ما
ينتهي إليه خبراء من استقراءات للوقائع واستنتاجات أو ملاحظات ، تنير لهم الطريق.
إذن ودون
تشكيك وباحترام كامل لمرفق القضاء وقضاته
، والمعرفة التامة لأن الأحكام منبثقة من جانب تقديري نسبي وليس مطلقا ، وما لم تنشر حيثيات الحكم فإن الضمير ،
ضمير المتلقي لا يبقى مستريحا ، وعندما كنت صحفيا ، وفي القضايا الحساسة ،
ليست دائما سياسية ، كنت أسعى وأحصل أحيانا مباشرة أو بصعوبة ، على الحيثيات التي تصل أحيانا إلى
صفحات عديدة لأنشرها على الناس ولو كان عدد قرائها بالعشرات وغالبهم من المختصين ، لنستلهم من تلك الحيثيات
الحقيقة أو ما يراد أن يقال إنه الحقيقة.
أعرف شخصيا
أن أطوار التقاضي في هذه القضية بالذات ما زالت طويلة والأمل معقود على أن لا تستمر سنوات كما استمرت
حتى اليوم في الطورالأول.
ولكن ما لم
أستسغه ،هو هذه الاحتفالات الرنانة ، التي تترك أثرا من أسوإ الآثار لدى الأرملة
واليتامى الذين كانوا ينتظرون ما ينتظرون ، وماذا لو يكون الحكم النهائي والبات معاكسا.
قليلا من
التعقل يا هؤلاء وأولئك.
لعل الأفضل
بعد كل هذا ، ولو للقضية جانبها السياسي ، أن لا يكون كبار السياسيين حاضرين وبصخب
فيها تعليقا أو احتفالا ، فهم من يوقد النار في البنزين بذلك الحضور ، ويدفعون
للحقد ، اليوم وربما الحقد المعاكس غدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق