Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الجمعة، 24 يونيو 2016

عالميات : الاتحاد الأوروبي ، هل هو مثل إلى زوال بعد قرار مغادرة بريطانيا

عالميات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
زلزال في أوروبا
وطلاق بائن سببه وضحيته بريطانيا العظمى
تونس / الصواب /24/06/2016
هزة كبيرة عرفها الاتحاد الأوروبي ، بقرار الاستفتاء البريطاني بالانسحاب من المجموعة الأوروبية ، فقد اختار الانجليز  بـ51.9 في المائة مغادرة بروكسيل، بعد أن كانوا انضموا في سنة 1973 ، وبعد ميلودراما مبكية مضحكة .
 فعندما أقامت 6 دول أوروبية مجمع الحديد والصلب عقب الحرب العالمية الثانية ، كانت الولايات المتحدة ولندن وراء هذا التأسيس بغرض ضم ألمانيا وإيطاليا وفرنسا ، في تحالف اقتصادي يضمن السلام  ، وينهي حالة الحرب التي دامت قرونا ، غير أن بريطانيا لم تكن تعتقد أنها معنية بالأمر ، فهي بوصفها جزيرة كانت تعتبر نفسها جزيرة  ليست  في أوروبا و هي خارجها ، وعندما قامت المجموعة الأوروبية بست دول هي فرنسا وإيطاليا وألمانيا واللكسمبورغ وهولاندا وبلجيكا سنة 1956 ، ضمن معاهدة روما لم تر لندن أن الأمر يعنيها ، وتركت أب الوحدة الأوروبية جان موني ووزير الخارجية الفرنسية روبير شومان ، يواجهان عنتا من الرفض البريطاني أيام رؤساء الوزراء تشرشل وأتللي  وإيدن ، في وقت كانت فيه الدول الديمقراطية في أوروبا تعد على أصابع اليدين  والممارسة الديمقراطية هي شرط الانخراط ، ولكن ومنذ الخمسينيات عضت لندن على أصابعها ندما ، وطلبت الانضمام إلى المجموعة ، فجاء فيتو الجنرال ديغول الذي يحمل ذكريات سيئة عن معاملة الانجليز له وللحكومة المؤقتة الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية  ، وبمغادرته الحكم  سنة 1969 رفع الاستثناء ، وقبل خلف الجنرال ديغول ، الرئيس جورج بومبيدو بعضوية الجزيرة الجارة  المشاكسة ، فدخلت  بريطانيا المجموعة ، بعد مفاوضات صعبة وتنازلات مؤلمة ، من قبل الدول الست سنة 1973.
ولقد كانت "إقامة " بريطانيا العظمى في المجموعة ، ثم في السوق المشتركة ، ثم في الاتحاد الأوروبي دائما صعبة على مدى 43 سنة  ، فهي رفضت دوما الخضوع للقرار المشترك ، من ذلك أنها لم تقبل باليورو واستمرت معتمدة على عملتها ، كما إن شينغين وحرية التنقل التي فرضتها كانت لها بشأنها مواقف متفردة ، هذا فضلا عن قبولها بالامتيازات كلها التي تمنحها أجهزة الاتحاد الأوروبي دون القبول بما تفرضها ، وهي تجادل وتفاوض ليكون لها تميز بعكس ما  تخضع له الدول الأخرى  الأعضاء ، من ذلك حجم مساهماتها في تمويل الأجهزة المشتركة.
يوم 23 جوان ، وبعد الاستفتاء وقرار مغادرتها للاتحاد الأوروبي ، لا بد من الوقوف سريعا عند بعض النواحي :
** لقد اعتبر مناصرو البيكسيت أي المغادرة ، أن بلادهم قد نالت استقلالها وهي التي  لم تفقده قط عبر التاريخ.
** أن المغادرة تفترض إنزال العلم البريطاني من اليوم ، من على أجهزة الاتحاد الأوروبي ، وإنزال علم الاتحاد الأوروبي من أجهزة الحكومة البريطانية و ممثلياتها .
**أن مفاوضات معقدة ستفتح  مع بروكسيل ولمدة عامين لتخليص الحرير من الشوك ، كما هو شأن طلاق عقود الزواج مع الاشتراك في الملكية ، ولكن بفعل ملايين المرات تعقيدا.
** أن على بريطانيا التي كانت منصهرة في وحدة أمنية وجمركية أن تقيم اتفاقيات لا فقط مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ولكن أيضا مع بقية دول العالم ، على أساس أن وحدة تجارية كانت قائمة وزالت.
** أن المغادرة تفرض واقعا جديدا لا فقط أوروبيا بل عالميا ، ولعل روسيا هي التي تفرك يديها فرحا لانفراط محتمل في العقد الأوروبي .
هذا على الصعيد المتعدد الأطراف داخليا وخارجيا بالنسبة لأوروبا والعالم ، ولكن ومن ناحية الوضع السياسي الداخلي فإن بريطانيا العظمى مهددة بالتفكك ، فإستكلندا أو الإيكوسيا  ، التي تقوم فيها حكومة محلية ، سارعت رئيسة حكومتها بالمطالبة باستفتاء لإعلان استقلالها ، بهدف البقاء في الاتحاد الأوروبي الذي تسحب منه منافع كبيرة ، وكذلك الشأن في إيرلندا الشمالية التي باتت تطالب بالالتحاق بجمهورية إيرلندا العضو أيضا في الاتحاد الأوروبي .
أما التبعات الأوسع ، فإن الخطوة البريطانية التي تخضع للفصل 50 من القانون الخاص بالاتحاد الأوروبي والذي يعود للعام 2009 ، أخذت في تشجيع عدد من الدول للمطالبة بالانفصال ، أو إن جهات فيها على الأصح باتت تطالب باعتماد المثل البريطاني ، من منها ستذهب إلى هذا الحد ، ومن منها تهدد فقط ، وهي السويد والدانمارك والنمسا وتشيكيا وهولاندا وهي دولة مؤسسة للمجموعة المشتركة منذ ما قبل 1956.
وفي هذه الحالة ماذا سيبقى من اتحاد  أوروبا بسكانه الـ520 مليونا وعلى اعتباره أكبر سوق اقتصادية تجارية مالية ، وتمثل لندن فيه السوق المالية "السيتي " أكبر مجال مالي في العالم ، تكسرت أجنحته بدون خلفيته الأوروبية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق