الموقف السياسي
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
التحدي
تونس /
الصواب / 15/06/2016
في ركن صغير
من موقع العربية نت ، التابع لقناة العربية التلفزيونية ، أكبر منافس للجزيرة
والمملوكة سعوديا ، فجر رئيس الحكومة الحبيب الصيد قنبلة موقوتة ، ستتطاير شظاياها
على الساحة السياسية التونسية ، في بداية هذه الصائفة التي يخلد فيها السياسيون
عادة للدعة والسكينة ، في انتظار سنة
سياسية جديد مليئة بالتحديات .
يوم 14 جوان 2016 نكأ خالد شوكات الجرح باعتباره الناطق بلسان الحكومة ، والمعروف أنه قريب من
الحبيب الصيد ، وعمقه بتصريحات في إذاعة موزاييك اتسمت بالهدوء شكلا ، ولكن
الشديدة الوطأة في الجوهر.
ما يبدو
اليوم أن رئيس الحكومة " تنطع " في وجه رئيس الجمهورية ، معلنا أنه لن
يقدم استقالته ، وأنه يتجه إلى مسيرة تقوده إلى مجلس نواب الشعب ، لنيل ثقته،
ووفقا لدستور
2014 فإن رئيس الجمهورية ذو الصلاحيات
المحدودة ، لا يحق له إقالة الحكومة ، وفقط يمكنه أن يطلب ذلك منها ، ويبقى الأمر
معلقا بقبول أو رفض رئيس الحكومة ، الذي يبدو أنه رفع إشارة عدم المرور في وجه
الرئيس الباجي قائد السبسي ، والسائد أن خالد شوكات الناطق بلسان الحكومة كان
مكلفا بتبليغ رسالة ، وقد فند أن تكون
الحكومة حكومة الحبيب الصيد فاشلة ، في
موقف معاكس لخطاب الرئيس السبسي الذي يستنج من كلامه عندما دعا لتشكيل حكومة وحدة وطنية ، أن هذه الحكومة فشلت ، واصفا
الوضع بالصعب جدا حتى لا نقول كارثيا ، ومن يقرأ في خفايا ما قاله بالخصوص خالد
شوكات ، وإن كان حافظ شكليا ، على احترام كبير لخطاب رئيس الجمهورية ، ودعوته لتشكيل
حكومة وحدة وطنية ، يستنج أن موقف رئيس الحكومة يسير في خط معاكس لخطاب رئيس
الجمهورية ، وأنه لا يرى من حل سوى الذهاب إلى مجلس نواب الشعب لطرح الثقة ،
واعتماد مقتضيات الدستور من جهة ، وخلق الظروف الفعلية للممارسة
الديمقراطية باعتبار طبيعة النظام البرلماني ولو المعدل ، وباعتبار توازي الأشكال
كما يقول القانونيون ، من أن من يعين هو الذي يحق له أن يقيل ، والحبيب الصيد
منتخب من مجلس نواب الشعب ، وبالتالي فانه ليس خاضعا في بقائه أو انصرافه ، إلا عبر
سحب الثقة من مجلس نواب الشعب ، كل ذلك
ولو كان معروفا أن الحبيب الصيد الذي اقترحه الحزب الأول في البرلمان فإنه كان من
اختيار رئيس الجمهورية بحيث إنه مدين في ذلك للسبسي ، وأن وجوده في رئاسة الحكومة
يعود الفضل فيه لرئيس الجمهورية ، رغم ما أثاره ذلك في حينه من تململ في حركة نداء
تونس ، أيام كان متماسكا قبل أن تنخره قضية التوريث فينفجر ويصبح شبحا باهتا لنفسه
، وكذلك من تشكيك من جانب من الطبقة السياسية تجاه هذا الاختيار إلى حد الوصف بأنه
أي الحبيب الصيد لم يكن سوى حذاء على مقاس
السبسي .
هل يكون
المنصب الأول في البلاد من حيث النفوذ ، قد غير الحبيب الصيد ، وجعله يطير بجناحيه
، وأنساه الوفاء للرجل الذي رفعه إلى هذه الدرجة ، أم إن الصيد يرغب حقيقة في الالتصاق
بمقتضيات الدستور حسا ومعنى؟
المهم أن
حجرا كبيرا ألقي في البحيرة ، فحرك سواكنها ، وأدى إلى حراك يشبه الحراك الذي كان
قائما في الجهورية الرابعة الفرنسية ، بنظام برلماني كامل.
ووفقا للاعتقاد
السائد ، أن الحبيب الصيد لن يذهب بعيدا ، وأنه لو طلب ثقة البرلمان ، فمن الصعب
جدا عليه أن ينال المائة وتسعة أصوات التي
يحتاجها بقاؤه على رأس الحكومة ، فالأحزاب المؤثرة تستطيع منعه من البقاء اعتمادا
على تصويت سلبي ، من شأنه وفي انتظاره أن يدخل البلاد في دوامة ، ليست في حاجة لها
والوضع على الكارثية التي هو عليها ليس فقط اقتصاديا ، بل وسياسيا أيضا منذ مبادرة
رئيس الدولة ، التي هي مبادرة قلنا ونعيد القول إنها لا دستورية ،وأن السبسي كان يعتقد أنه لن
يصطدم مع رئيس الحكومة باعتبار وفائه له ، وأنه لن يرفع العصا الغليظة في وجهه ،
لكن الحبيب الصيد وقد تمرس بالحكم واستساغه أقدم إن ذهب إلى المدي الأقصي علي لي
ذراع الرئيس ، وتحديه .
وإذ يسود
اعتقاد واسع بأن السبسي بدهائه المعهود ستكون الغلبة له في كل الأحول ، فإن اختيار
رئيس حكومة جديد بدل الصيد سواء استقال ، أو ذهب لطلب ثقة مجلس نواب الشعب ، سيشكل
معضلة ، ففي حالة هذا الاختيار من شأن ذلك أن يدخل حزب رئيس الجمهورية في دوامة
عنيفة ، لكثرة الطموحات وارتفاع مستواها إن كان رئيس الحكومة المقبل ، والإشاعات
الملحة الأخيرة تشير إلى أن السبسي وضع كل بيضه في سلة سليم شاكر وزير المالية
الحالي ، وأحد اثنين مع محمود بن رمضان كانا وراء البرنامج الاقتصادي لحركة نداء
تونس ،هذا إذا كان الاختيار على مستوزر أول من حزب الرئيس ، كما الإشاعات الملحة
تشير إلى احتمالا أن يكون رئيس الحكومة المقبل من أصحاب الكفاءات السابقة زمن
الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ، إذا كان المر من خارج النداء ، وعدد الأسماء
كبير في هذه الحالة ولكن العائدين أكثر هم مصطفى كمال النابلي ومنذر الزنايدي
وكمال مرجان .
وفي الثناء
فإن هذه القضية مبادرة الرئيس ، وموقف رئيس الحكومة ستزيد من انشقاقات الحزب الأول
الذي لم يعد أولا.
fouratiab@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق