جريمة دولة .. جريمة حرب ..
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
مجتمع دولي نائم ،،
ومجتمع عربي مصاب بالعمى والصمم
تونس/ الصواب / 15/05/2018
عندما كانت أوبرا عائدة تعزف في
الأقصر ، احتفاء بتدشين قناة السويس في نوفمبر 1869 ، لم تكن ظهرت بعد معالم
المؤامرة التي كانت تستهدف العالم العربي ، باعتباره قلب العالم وأكثر مواقعه
حساسية ، ومكمن أكبر المطامع ، لموقعه
الإستراتيجي وثرواته الضخمة التي كانت معلومة من الدول الأوروبية، بعد ذلك بعشرين
سنة أخذت تتكشف خيوط المؤامرة عندما عقد الصحفي السويسري هرتزل مؤتمرا لليهود نادى
بإقامة وطن للإسرائيليين في فلسطين ، بعد أن كان تم التفكير بداية في إقامته إما
في أوغندا أو في الأرجنتين، وكان الدفع من قبل بريطانيا وفرنسا في اتجاه فلسطين ،
لزرع جسم سرطاني غريب في منطقة عربية تتميز بموقعها الاستراتيجي وبثرواتها الواعدة
، يكون حارسا للمصالح الغربية ، في أفق انتهاء الفترة الاستعمارية بطريقتها
المباشرة للاحتلال ، لم تمض سوى 20 سنة أخرى حتى صدر وعد وزير الخارجية البريطاني
بلفور في 2 نوفمبر 1917 بإقامة وطن لليهود في فلسطين ، انتهت الحرب العالمية الأولى بهزيمة تركيا مع ألمانيا المستولية على
فلسطين ، فوضعت تلك الإيالة تحت يد الانتداب البريطاني ، ليقع تهجير اليهود من كل
أصقاع العالم لتنفيذ وعد بلفور، وبمساعدة الاستعمار البريطاني تم الاستيلاء على
أراضي العرب الفلسطينيين تحت أنظار وأسماع المندوب البريطاني ، ولم تأت عشرون سنة
أخرى حتى جاء التقسيم ، فأعطى من لا يملك ، ( الأمم المتحدة ) لمن لا حق له أن
يملـــــــــــــــك ( إسرائيل) أكثر من نصف فلسطين وبعد حرب الخزي التي دخلتها 7 جيوش عربية ، غير أن المؤامرة تواصلت ، فقد احتلت حكومة
النكبة منتصف ماي 1948بقيادة بن غوريون ، أكثر بكثير مما قررت الأمم المتحدة ،
فيما تم تقطيع أوصال ما بقي بين مصر ( غزة) والأردن ( الضفة الغربية ) ، 20 سنة
أخرى ووضعت إسرائيل يدها على كامل فلسطين التاريخية بعد حرب الأيام الستة وهزيمتها
المدوية في 5 جوان 1967، وقتها فقط أخذ الفلسطينيون أمرهم بيدهم ، وتولت منظمة
التحرير بقيادة ياسر عرفات أمر حركة تحرير بلا وكالة للعرب ، وحققت بعض النتائج ،
وأصبحت القضية ملء الأفواه وموضوع المحافل الدولية ، وما تزال ، رغم كل شيء ورغم
الولايات المتحدة التي اتخذت مكان الزعامة
بدل بريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفييتي في حجب الحق الفلسطيني ، فإن القضية الفلسطينية
ستبقى حية ، ما دام هناك شعب مستعد لكل التضحيات ، متحديا إرادة تكاد تكون دولية ،
ولا مبالاة عربية وإسلامية تجاه أكبر مظلمة عرفها التاريخ ، وإذ لم تتقدم قضية
الدولتين ولا أوجدت الحل فإن ، الزمن كفيل بالحل طال الزمن أو قصر ، وإسرائيل التي
باتت معتمدة على هجرة يهودية أخذت بالشح ، ستواجه مدا ديموغرافيا على مدى متوسط أو طويل لا قدرة لها على صده أو الوقوف في وجهه، ولن ينفع قياداتها أن تكون دولــــة جريمة ، قائمة على جريمة حرب
فاضحة ، غير لائقة بطبيعة المرحلة ، المتمسكة ظاهريا بحقوق الإنسان ، بزعامة من
يدعون حمايتها.
فما دام الشعب الفلسطيني وأحرار
العالم ، على قدرة على تقديم التضحيات الكبيرة مثل التي أقدم عليها يوم أمس وما
سيليه من أيام ، فإنه طال الزمن أو قصر ، فلا أمل
للإسرائيليين في سلام على أرض هي
عربية فلسطينية منذ عشرات القرون، وهم إذ يراكمون جرائم الدولة فإن روح كل شهيد
ستلعنهم ، وسيستيقظ الضمير العالمي يوما من الأيام ، كما استيقظ يوما على أشباههم من
مجرمي النازية ولفظهم ، وركنهم في مزبلة التاريخ ، بعد أن مالأهم وسكت عن
جرائمهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق