الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
قراءة في
نتائج الانتخابات البلدية
** ضبابية
مفرطة بالنسبة لتوزيع الرئاسات وتشكيل المكاتب و اتخاذ القرار
وأين سنجد الأغلبية الحقيقية بعد انتخاب الرؤساء
تونس /الصواب
/11/05/2018
اختارت تونس
منذ 2011 أن تعتمد نظام اقتراع يقوم على النـــسبية مع أعلى البقايا ، وإذا كان
ذلك مبررا بالنسبة لمجلس سيتولى التأسيس وكتابة الدستور ، فإنه لم يكن مبررا مطلقا
لا بالنسبة للبرلمان ، ومهمته الحكم
واتخاذ القرارات وهو في حاجة لأغلبية واضحة وفاعلة ، وأكثر من ذلك لبلديات سنجد اليوم أنفسنا أمام
إشكال لتولية رئيس لها ، أو لتحقيق حد أدنى من الانسجام والقدرة على اتخاذ القرار داخلها ، لاحتمالات انعدام وجود أغلبية مقررة.
واليوم فإن
البلديات المنتخبة مؤخرا ستجد نفسها في وضع تناقض تماما مع النتائج المعلنة، فيكون
الناخبون قد اختاروا أغلبية، وتكون الرئاسات أو القرارات في تناقض مع ما اختاره
أولئك الناخبون.
ووفقا لنظام
الاقتراع الذي كان معتمدا منذ الاستقلال وحتى الثورة، فقد اعتمد النظام الجديد
نظام اقتراع يقوم على النسبية مع اللجوء لأعلى البقايا في انتخابات 2011 و2014، مع
إضافة عتبة 3 في المائة تسقط القائمة إذا لم تحققها.
وبذلك فإن
الانتخابات الأخيرة اعتمدت نظام اقتراع أعرج، سيشكل عبئا كبيرا على المجالس
البلدية الجديدة منذ بدء عملها وبمناسبة انتخاب رؤسائها.
وباعتبار
النظام القديم، فإن القائمة التي تحرز على المرتبة الأولى ، كانت تفوز أوتوماتيكيا بكل المقاعد في بلدية معينة ، ما
يعطيها أريحية في تسيير أعمالها ويكون رئيس المجلس البلدي هو طبيعيا رئيس القائمة
المنتخبة.
ولكن
وباعتبار نظام الاقتراع الذي لا يصلح بالذات للانتخابات البلدية خاصة باعتماد
التصويت على القائمات ، فإن السير البلدي سريعا ما سيصطدم بأوضاع عسيرة على الحل،
بل تكاد تكون مستعصية ، أو تكون فيها الأغلبية في جانب، والقرارات خاصة التعيينية في جانب آخر.
وفي إحصاء
حاولنا القيام به اعتمادا على النتائج المعلنة ، فإنه لو كان تم اعتماد التصويت
على القائمات بالأغلبية مثلما كان عليه
الأمر قبلا ، لتم تصعيد 140 قائمة نهضاوية
تقريبا ومائة قائمة ندائية تقريبا ، بما يعني أن 110 قائمات لن تكون لا من هذا اللون ولا من ذاك ، بل تنتسب إلى مشروع
تونس حيث حصل على المرتبة الأولى ولو بأربع مقاعد
في بعض الدوائر ، أو حزب آفاق أو وخاصة التيار الديمقراطي وحركة الشعب أو
الجبهة الشعبية أو الحزب الدستوري الحر أو الحزب الاشتراكي الذي ترشح في دائرة
واحدة أو حزب المبادرة ، و كذلك عشرات من القائمات المستقلة الفائزة بعدد كبير من المقاعد في دوائرها ما
يؤهل البعض منها لاستلام رئاسة المجالس البلدية ، وهي قائمات فائزة لا يعرف
المراقب انتماءاتها ولا توجهاتها أو توجهات غالبها ، بحيث إن المجالس البلدية التي
تم تصعيدها عبارة في كثير من الأحيان عن حمص وزبيب ، فيما إن عدد منها اقتصرت
تركيبتها على حزبين اثنين متساويين في عدد المقاعد بحيث يستحيل فرز رئيس لها لا في
دورة أولى ولا في دورة ثانية ولا حتى في دورة مائة، إن لم يتنازل أحد الطرفين طوعا
عن الرئاسة ، أو قرروا تقاسم الفترة بينهما مثلا عامين ونصفا تكون فيها الرئاسة
لهذا الطرف وعامين ونصفا للطرف الثاني.
هذا فضلا عن
المساواة في عدد المقاعد ، ففي حالات كثيرة رصدناها وجدنا تساويا بين النهضة
والنداء في عدد المقاعد ، ولكن وجدنا تساويا حتى بين 3 قائمات وأربعة بحيث يكاد
يستحيل فض الاشتباك بينها.
نظريا فإن
قائمات النهضة فازت بالعدد الأوفر من المقاعد بـ2135 ، ونداء تونس بـ 1595 مقعدا ،
ولكن من المؤكد كذلك أنه وفي السباق نحو الرئاسة ، ويقدر المراقبون أن مستشاري
البلديات الاتحاد المدني وحزب مشروع تونس
وبني وطني والحزب الدستوري الحر
وربما حزب آفاق سينضوون بصورة أو بأخرى
تحت راية نداء تونس ولكن بتفاهمات معينة ، وهؤلاء تتراوح أعداد مقاعدهم بين 350
و400 حسب المصادر فإنهم سيعززون صفوف نداء
تونس ،إضافة إلى المجهول من بين المستشارين البلديين من "المستقلين " الحقيقيين الذين لا يعرف عددهم أحد ، ويقال إن
عددا منهم لا يمكن حصره هم من المنسلخين من نداء تونس ، وربما يعاودهم الحنين إليه
، وربما يكونون موتورين منه ، وفي الحالة الأولى سيصوتون لفائدة الندائيين أو
يحتفظون بأصواتهم عندما يحيــــن وقت التصويت على الرئاسات ، وفي المقابل يقدر عدد
من المراقبين إن حركة الشعب ربما تصوت إن جماعة أو بأغلبيتها لفائدة النهضة ، كما
قد يهز الحنين عددا المنتخبين في التيار الديمقراطي (205) إلى أيام الترويكا
ويصوتوا لفائدة النهضة وليس ذلك عاما ، ،
وتتمزق أو يتمزق منتخبو الجبهة الشعبية (259) بين الاحتفاظ بأصواتهم وبين سد
الطريق أمام النهضة ومريديها في المجالس البلدية
. وتبقى
العين مركزة على ثلاث مدن كبرى هي تونس العاصمة وصفاقس وسوسة ، وتلك وربما غيرها
تحتاج إلى تحليل منفرد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق